جرش.. حلوى الخبيصة تصعد للواجهة مع كثرة العنب وانخفاض أسعاره
جرش- دفعت كثرة إنتاج العنب وانخفاض أسعاره في محافظة جرش، العديد من السيدات إلى إعداد حلوى شعبية قديمة تسمى “الخبيصة” التي تشتهر المحافظة بها، حيث تصنع من عصير العنب ويتم تخزينها بهدف بيعها في فصل الشتاء الذي يتم الإقبال فيه عادة على شراء تلك الحلوى.
وفي الفترة الماضية، شرعت سيدات البيوت وصاحبات المطابخ الإنتاجية بإعداد تلك الحلوى، فضلا عن إنتاج أصناف متعددة من “المونة” في فترات الفواكه الموسمية، كحل مناسب لتعويض انخفاض الأسعار وحفظ المنتج لوقت أطول وضمان تسويقه.
وتنشط المطابخ الإنتاجية وربات المنازل في تجهيز وإعداد المنتوجات الغذائية بمختلف أنواعها من مخللات ومربيات العنب والتين والدراق والخوخ والمشمش وإعداد الزعتر البلدي والسماق الذي يزرع في سفوح الجبال وتحضير الأعشاب العطرية وتجهيز آلاف الكيلوغرامات من المقدوس البلدي وتجهيز الزبيب بمختلف أنواعه وإعداد القطين وتجفيف كل أنواع الفواكه، لاسيما أن هذه المنتجات متوفرة بكثرة في مزارع جرش وأسعارها منخفضة في الأسواق، ومن الأجدى ماديا تصنيعها منزليا لتحسين المنتج وضمان بيعه بسعر أفضل وتوفير المونة الغذائية التي يحتاجها كل منزل أردني وقد اعتادوا على تسوقها من محافظة جرش في هذا الوقت.
ويلجأ مزارعو جرش بسبب انخفاض أسعار ثمار العنب بشكل خاص وباقي الفواكه الموسمية، إلى المواد الغذائية المصنعة، وأشهرها “الخبيصة” لتعويض جزء من تكاليف العمل وتحقيق مردود مالي.
وانخفضت أسعار ثمار العنب في آخر عامين بما نسبته 50 % في محافظة جرش، نظرا لتوسع مساحة مزارع العنب وإقبال المزارعين على زراعة العنب كونه من المزروعات التي تثمر بسرعة ويستفاد من الأوراق والثمار في ذات الموسم، عدا عن أنه يصنع منه منتوجات متعددة وتسوق بشكل أفضل.
وبدأ المزارعون بتصنيع العنب لتعويض تكاليف الزراعة والإنتاج، لاسيما أن أشجار العنب تحتاج إلى رعاية خاصة واهتمام وتكاليف ري وتسميد ورش وحراثة وتقليم وأجور عمال لقطاف الأوراق والثمار، ولا يمكن تغطية هذه التكاليف إلا بتصنيع المنتج، إلا أن المواد المصنعة ما تزال تعاني من مشكلة التسويق بأسعار مناسبة، في حين يبقى خيار التصنيع الحل الوحيد لضمان الحفاظ على المنتج وإطالة مدة بقائه، لاسيما أن الفواكه الموسمية سريعة التلف إذا بقيت على وضعها الطبيعي دون تصنيع.
وتحول سيدات محافظة جرش ثمار العنب وتحولها إلى مربيات وزبيب وخل وحلوى “الخبيصة”، وهذه المنتجات يتم بيعها بأسعار مناسبة مقارنة مع تكاليف العمل.
وأكد المزارعون، أن أسعار العنب في الأسواق غير مجدية ولا تغطي تكاليف الإنتاج من أجور عمال وأثمان العبوات وتكاليف النقل إلى الأسواق المركزية ولا يزيد سعر الكيلو على نصف دينار في أحسن الظروف، ومن المتوقع أن ترتفع كميات الإنتاج نظرا للارتفاع الكبير في درجات الحرارة التي تسرع من نضوج الثمر.
وقال مزارع العنب في بلدة ساكب أبو سراج العياصرة، إن “أرضه تنتج سنويا كميات كبيرة من ثمار العنب، والمساحة المزروعة لا تقل عن عشرة دونمات، وأسعار المنتج منخفضة وغير مجدية ولا تغطي تكاليف العمل، لذا يلجأ إلى تصنيع العنب إلى منتجات أكثر تسويقا وأسعارها أفضل من أسعار الثمار، وأهمها مربى العنب والزبيب والخبيصة، وهذه المنتجات تدوم فترة أطول وتسوق بشكل أفضل وتضمن الحفاظ على المنتج فترة أطول لحين تسويقه”.
وأوضح العياصرة، “أنه يوظف سيدات من المجتمع المحلي لغاية تصنيع المنتج في منزله ويقوم بتسويقه من خلال المجتمع المحلي ووسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما أن المعارض والمهرجانات والبازارات شبه متوقفة بسبب تداعيات الأحداث السياسية في المنطقة، خصوصا العدوان على قطاع غزة، وما يقام منها يكون لفترات قصيرة وعدد المشاركين متواضع”.
وأضاف، “أنه يلجأ إلى إنشاء بسطات صغيرة مؤقتة على الشوارع والطرقات التي يمر بها السياح في عطلة نهاية الأسبوع لتسويق كمية أكبر من المنتج، خصوصا أن الزوار يرغبون بالمنتوجات الغذائية التي تنتج في محافظة جرش وتشتهر بها”.
وقالت السيدة المنتجة جميلة بني ملحم، “إنها بدأت بتصنيع مادة العنب وتحويله إلى الحلوى الشعبية القديمة الأكثر طلبا وتسويقا من ثمار العنب وهي (الخبيصة)، وتقوم بتسويقها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتصنعها منزليا، وتعتبر ثمار العنب من الفواكه الأكثر تسويقا كون المنتوجات المصنعة منه تشكل مواد غذائية كثيرة منها المربيات والمخللات والحلوى والخل”.
وأكدت بني ملحم، “أن ما ينقص السيدات المنتجات في تصنيع المواد الغذائية وإنتاج أنواع متعددة من المواد الغذائية التي تخزن لفترات طويلة هو التأهيل والتدريب والتمكين المادي، لا سيما أن محافظة جرش تشتهر بالمواد الغذائية ومختلف المنتوجات التي تسوق عربيا وعالميا”.
وأوضحت، “أنها تعمل في تصنيع المنتوجات الغذائية التي تنتجها في أرضها الزراعية منذ أكثر من عشر سنوات، لا سيما أن تصنيع المواد الغذائية وتسويقها أسهل وأفضل وأكثر جدوى مادية من بيع الثمار في الأسواق المركزية، لا سيما أن مدينة جرش سياحية ومميزة بمنتوجاتها التي يطلبها الزوار من كل بقاع الأرض”.
وأوضحت بني ملحم أيضا، “أن هذه المنتجات التي تسوقها في المنطقة التي تقطن فيها تشهد طلبا متزايدا نظرا لجودتها وأسعارها المناسبة ونوعيتها المتعددة، وتغطي تكاليف الإنتاج”.
وبينت، أنها “تحصل على المواد الأولية من مزارعها التي تنتج اللوزيات والتفاحيات والإجاص والعنب والتين والزعتر البلدي والمشمش والخوخ والدراق، وتقوم بتصنيعها منزليا وبمواد تنتج في مزارعها، وهذا يزيد من رغبة المواطنين بشراء هذه المنتجات، لا سيما أنها تعتمد على المواد الطبيعية في الإنتاج، وجميع المواد التي تستخدم تخلو من المواد الحافظة والمصنعة وغير الصحية”.
ووفق بني ملحم، “فإنها توفر دخلا لا يقل عن 3000 دينار سنويا تعيل بها أسرتها، وتقوم كذلك بتقديم الخدمات الزراعية لمزارعها من حراثة وتسميد وتقليم وري المياه وتغطية أجور العمالة”.
أما السيدة العاملة ورئيسة جمعية “سيدات نجدة” نبيلة أبو غليون، فتقول من جهتها، إنها “عادة ما تنتظر موسم المنتجات الزراعية من الفواكه بفارغ الصبر لتقوم بشرائها من المزارعين مباشرة وتصنيعها وإنتاج مواد غذائية تباع بشكل وسعر أفضل من البيع المباشر للفواكه الموسمية”.
وبينت “أنها تقوم حاليا من خلال برامج تدريب للسيدات العاملات في الجمعية بتجفيف كل أنواع الفواكه وخلق منتج غذائي موافق عليه من المؤسسات الصحية وصحي ويحفظ المنتج لفترات أطول ويتم تسويقه بشكل أفضل بأسعار منخفضة، كبديل مناسب للحد من تلف الفواكه الموسمية وعدم الاستفادة منها على الرغم من جودتها العالية”.
وأوضحت أبو غليون، “أنها تستغل المواسم السياحية في تسويق المنتجات من مربيات ومخللات وزعتر بلدي وإنتاج الخبيصة وغيرها من المواد الغذائية التي تحتاجها الأسر الأردنية وزوار المواقع السياحية، وتتميز بها محافظة جرش بشكل خاص، إلا أن هذه الفترة تشهد حالة ركود سياحي كبير، مما سيضطرها إلى تخزين المنتجات الغذائية لحين تسويقها خلال المعارض والمهرجانات الغذائية”.
وطالبت الجمعيات الخيرية والتعاونية، “أن تدعم عمل السيدات المنتجين من خلال الدورات التدريبية والتأهيلية وورش العمل التي تدعم عملهن وتطور المهارات الأساسية والمبادئ التي يعملن من خلالها”.
بدوره، أكد مدير زراعة جرش في حديث سابق مع “الغد” الدكتور فايز الخوالدة، “أن محافظة جرش تتميز بمنتوجها من ثمار العنب، وتصنيع العنب لعدة منتوجات تلقى رواجا وتسويقا من المجتمع المحلي وزوار المحافظة”.
وأوضح، “أن ثمار العنب بدأت بالنضوج تدريجيا في مختلف القرى والبلدات التي تشتهر بزراعة العنب، وأهمها بلدتا سوف وساكب، وأسعاره يتحكم فيها العرض والطلب، وهي مناسبة، ووزارة الزراعة لا تحدد أسعاره كباقي المنتوجات الغذائية التي تعرض بالأسواق ويتحكم فيها العرض والطلب”.
كما أكد الخوالدة، “أن مساحة مزارع العنب في محافظة جرش لا تقل عن 3 آلاف دونم، ومن المحتمل أن تتأثر بالارتفاع الكبير لدرجات الحرارة في هذه الأيام، إلا أن ثمار العنب تتحمل درجات الحرارة المرتفعة وتقاوم مختلف الأمراض، وهذا العام لم تتعرض لأي أمراض”.
التعليقات مغلقة.