السفراء بين مرحلتي الهبوط والإقلاع
الدكتور موفق العجلوني
=
بقلم السفير الدكتور موفق العجلوني
المدير العام
مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
===================
استهل مقالي المثيرعاطفيا اوعقليا للجدل ، برفع آيات التهاني والتبريك للزملاء أصحاب السعادة السفراء و الذين هم على وشك الإقلاع بعد مرحلة الهبوط المؤقت لأخذ مواقعهم الجديدة بأذن الله سفراء مفوضين و فوق العادة لتمثيل المملكة الأردنية الهاشمية أرقى تمثيل .متمنياً لهم كل النجاح والتوفيق في خدمة الدبلوماسية الأردنية والمصالح الأردنية العليا و تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة الأردنية الهاشمية و الدول المعتمدين لديها .
الكثير من المسافرين لا يعرفون الكثير عن الإجراءات التي تتم وهم ينتظرون السماح لهم بالصعود الى الطائرة التي تُقِلهم إلى وجهتهم ، ولا يعلم الكثيرون أن هناك إجراءات تتم أثناء هذه الفترة التي من الممكن أن تأخذ أكثر من ساعتين إلى أربع ساعات حسب حجم الطائرة. و هناك إجراءات هامة و حساسة و دقيقة يجب ان يقوم بها قائد الطائرة و مساعدة و الملاحون و طاقم الضيافة ، و أهم هذه الإجراءات :
- يصل قائد الطائرة وطاقم القيادة قبل إقلاع الرحلة بما لا يقل عن ساعتين إلى مركز العمليات بمطار الإقلاع؛ لمراجعة أوراق وبيانات الرحلة كاملة.
- يعتمد طاقم القيادة خطة الرحلة وخط سيرها التي يعرفها المراقب الجوي.
- اعتماد النشرة الملاحية، وهي التي تتسبب في تأخير الرحلات بسبب الطقس أو الأعطال، أو غيرها من الأسباب التي تعيق إقلاع وهبوط الطائرة، والذي يقرره قائد الطائرة.
- معاينة واقعية للطائرة وفحصها ومراجعة أعمال الصيانة.
- توقيع أو عدم توقيع استمارة الطائرة وقبول الطيران، وهنا من الممكن أن يرفض قائد الطائرة الإقلاع بسبب زيادة حمولة الطائرة أو ظهور عطل فني مثلًا ، ومن هنا ربما تتأخر الرحلة.
- مراجعة الفحص الأمني النهائي.
- إعطاء الإذن بصعود الركاب وخروج الطواقم الأرضية من الطائرة استعدادًا للإقلاع.
حال الزملاء السفراء عند صدور قرار مجلس الوزراء الموقر بتعينهم سفراء معتمدين للمملكة في الخارج هو لا يبتعد كثيراً عن حال الطائرات قبل الإقلاع او بعد الهبوط ، و ما هي الاستعدادات التي يجب اعدادها والإجراءات التي يجب اتخاذها و المعلومات الهامة التي يجب ان يعرفوها عن البلد المغادرون اليه والذي سيحطون رحالهم به ، و ما هي المهمة التي تقع على كاهل السفير لإنجازها من حيث السهر على المصالح العليا للأردن ، و التجهيزات لهذه الرحلة من حيث التقارير السياسية والاقتصادية والتجارية والسياحية التي يجب ان يكونوا على اطلاع عليها و قد اعدوها و رفعوها لمعالي وزير الخارجية بناءاً على التقارير السابقة الواردة من السفراء المنقولين للمركز .
و لا بد ان يكون السفراء قد تدربوا على استعمال “السيميليتر” الدبلوماسي في وزارة الخارجية مروراً بكافة الدوائر، و كذلك زيارة كافة المطارات المحلية والدولية قبل الإقلاع ليكونوا على بينة كاملة قبل عملية الهبوط في هذه المطارات الداخلية والدولية . و كذلك لا بد من كافة الوزراء في الدولة تزويد النشرات الجوية للسفراء و بكافة تفاصيل الأحوال الجوية الاقتصادية والاستثمارية والتجارية ، وخاصة على السفراء في وقت الجفاف في الأردن و شح المياه ان يجلبوا الغيوم الصناعية والتي تدر استثمارا ًو برامج مساعدات و فرص عمل للأردنيين في الخارج .
علاوة على الالتقاء بكافة المعنيين في المملكة والاستماع لهم من حيث جلب المستثمرين والاستثمار للأردن و العمل على كيفية الحصول على الدعم الخارجي من خلال برامج المعونات التي تقدمه الدول الأخرى للأردن بهدف تعزيز العلاقات مع المملكة حيث يشكل الأردن عصب المنطقة جيوسياسياً و ما يساهم به الأردن من حيث السلم العالمي و يشكل الرقم الصعب في منطقة الشرق الأوسط و خاصة ان الاردن يتمتع بقيادة حكيمة لها تقدير واحترام عالمي و عربي واسلامي ، وبالتالي على سفرائنا ان يستغلوا السمعة الطيبة والعلاقات الدولية لجلالة الملك ويسيروا على هديها و خاصة ان جلالته سهّل الطريق امام الدبلوماسية الأردنية لتعبر عبابها من أوسع الأبواب من اجل تحقيق المصالح الأردنية العليا ،و هذا الامر يقع بالدرجة الأولى على عاتق السفراء و من واجبهم ان لا يدخروا جهداً في سبيل تحقيق و تعزيز العلاقات الأردنية الثنائية مع الدول المعتمدين لديها .
بنفس الوقت يجب على السفراء بعد عملية الهبوط الامن في الدول المعتمدين لديها يضعوا اولاً واخيراً مصالح الأردن العليا لا مصالحهم الخاصة ، وان يبحثوا عن كل اردني و ان يكون لديهم قاعدة بيانات شاملة و كاملة بكافة أسماء الأردنيين بهدف تقديم الدعم الذي يحتاجونه و تقديم كل ما يحتاجون ضمن الإمكانات المتاحة . لأنه بمقدار ما تحتضن السفارة الأردنية و برعاية السفير مباشرة الأردنيين في الخارج ، بمقدار ما تكون أعين الأردنيين على الأردن و رفد الأردن بتحويلاتهم من العملات الصعبة والمساعدة في دعم الاقتصاد الأردني و خزينة الدولة وتعزيز السمعة الطيبة للأردن في الخارج والمساهمة في نمو وتطور الدول التي يعملون بها .
هذه نصيحتي للسفراء الذين يعدون العدة الان بعد الموافقة على استمزاج اتهم من الدول التي تم ترشيحهم لها للمثول امام جلالة الملك حفظه الله لأداء القسم بمناسبة تعيينهم سفراء للملكة .
أما نصيحتي لمعالي وزير الخارجية السيد ايمن الصفدي والذي أكن له كل تقدير واحترام ، عليك معالي الوزير ان لا تقترف اخطاء قاتلة بحق السفراء المسلكيين كما اقترفها نفر من قبلك من وزراء الخارجية الذين نزلوا على وزارة الخارجية بالبرشوت مدعمين بمطعوم مظلات الحسب والنسب، و أخذتهم العزة بالإثم و عميت بصيرتهم وغاب ضميرهم ، اياك اياك ان تعيد سفيرا من سفارة نقل اليها لمزاجيتك قبل انتهاء مهمته في الخارج فهو ممثل جلالة الملك ( الا في حال اقترف جريمة او سبباً وجيهاً لإعادته وعلى ان يقدم للقضاء ليقول كلمته ) . واياك اياك ان تترك نفراً من السفراء عشرات السنين في الخارج متجاوزاً منظومة تعيين السفراء ، فهذا قمة الفساد الدبلوماسي ، و اياك اياك ان تمييز بين السفراء في التنقل من سفارة الى سفارة ،و ان يكون نقل السفراء حسب كفاءتهم ومؤهلاتهم و تخصصاتهم الجيوسياسية و اتقانهم للغات و المهارات الدبلوماسية و السياسية و القنصلية و العلاقات الدولية . فقد لوحظ معالي الوزير انكم تتجاوزن منظومة تعيين السفراء ” ان كان هنالك منظومة “، فتارة ينتقل سفير من سفارة الى سفارة الى سفارة ، و ما ان يعود حتى يكرم بمنصب وزاري لأشهر معدودة ،و ما ان تستقيل الحكومة حتى يعود مدللاً ً لتكملة ١٠ – ١٥ – ٢٠ سنة في نفس السفارة التي كرم / كرمت بها سابقاً …!!!
باي عرف دبلوماسي او مؤسسي او منطقي ، او أخلاقي يتم هذا الوضع يا معالي وزير الخارجية . كفى ظلماً اقترف بحق نفر من السفراء، فبدلاً من إعادة الحق لمن لحق به الظلم تناسيتم لا بل تجاهلتم هؤلاء النفر من السفراء الذين تقطعت بهم وافراد عائلاتهم سبل الحياة، الى درجة لم يحالفهم شرف لقاءكم لدقائق معدودة منذ تسلمكم وزارة الخارجية عام ٢٠١٧ لوضعكم بخفايا واسرار سفاراتنا في الخارج، تجربة فريدة معاليكم لم تعايشوها كونكم ( كون معاليكم دائماً على بساط الريح ) علاوة لم تمتطوا سكة قطار وزارة الخارجية من ملحق دبلوماسي الى درجة وزير مفوض و سفير مفوض و فوق العادة . وتركتم سفراء و سفيرات يمرحون و يسرحون مدللين لعشرات السنين من سفارة ٥ نجوم الى سفارة ٥ نجوم + .
اوصيكم يا معالي الوزير ان يكون صدركم واسع لتقبل نقد السفراء، حتى لو اتهموكم بعدم الشفافية وبارتكاب الخطايا السبعة المميتة على سياسة :
The Tragical History of the Life and Death of Doctor Faustus written by Christopher Marlowe
وأن لا ترموا بهم الى “مت وانت قاعد” وخاصة انهم لا زالوا في ريعان شبابهم و قمة عطائهم وولائهم و حبهم لجلالة الملك و قدوة حسنة في الادب والنزاهة و الشرف والكرم و الخلق القويم والعلم والثقافة والدبلوماسية و تشهد لهم أعمالهم و يشهد لهم القاصي والداني .
لا ترتكبوا جريمة إحالة سفراء على التقاعد قبل استحقاقهم للتقاعد كما فعل غيركم من نفر من وزراء الخارجية هذه سرقة وهذه جريمة يجب ان يعاقب عليها الوزراء الذين اقترفوها و ان يعاد الحق الى نصابة : ” وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰٓ ۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِۦ ۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ. صدق الله العظيم .
اللهم قد بلغت اللهم اشهد .
نسخة: الى دولة السيد سمير الرفاعي، رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.