قراءة موضوعية تحليلية في نتائج الانتخابات النيابية 2024م // د. رياض الشديفات

=

القوائم المحلية والعامة، النتائج، التحديات.
بصفتي مواطناً يعيش على هذه الأرض يسمع ويرى ويتابع ما يحدث بكل تفاصيله أرى من المناسب وقد انتهت الانتخابات وظهرت النتائج للقوائم المحلية ( 18) وللقوائم الوطنية العامة بحسب القانون النافذ الذي جرت الانتخابات بموجبه أن أسجل الملاحظات التالية :
– اعتمدت القوائم المحلية في غالبية المحافظات الأردنية على البعد العشائري تخطيطاً وإعدادا وتنفيذاً ودعاية، فكان الحاضر الأبرز فيها أسم العشيرة والدعوة للمحافظة عليه، وكان الغائب الأكبر البرامج والخطط والرؤى والحلول لمشكلات الوطن.
– اعتمدت القوائم الحزبية في غالبيتها على القواعد العشائرية كمنطلق عاطفي لإثبات حضورها ودعوة الناخبين لانتخابها مما أضعف القناعات لحساب الأشخاص والمعارف والعشائر دل على ذلك طريقة ترتيب القوائم لدعم الأمل بالفوز في المقاعد بحسب النسب الحاصلة عليها واجتياز العتبة الانتخابية المعتمدة لهذه الغاية.
– عززت الانتخابات بقانونها الثقافة العشائرية بصورة جلية ربما لم تشهدها أية انتخابات سابقة بمثل ما تم مشاهدته من مسيرات ومقرات ومهرجانات واحتفالات وإنفاق وهدر مالي قبل النتائج وبعدها، وما عززته من فرز عشائري لا يقيم وزناً للخبرة والكفاءة في مجمله إلا النادر القليل، وما رافق الانتخابات من دعاية تناست كل أوجاع المجتمع وركزت على انتزاع المقعد النيابي لمنطقة أو لعشيرة أو لشخص بأي ثمن أو أسلوب مما يتنافى مع كل الأعراف الانتخابية العالمية.
– كانت نسبة الاقبال على الانتخابات متدنية في العاصمة والمدن الكبرى مما يعني عدم قناعة المواطن الأردني بجدوى الانتخابات، وعدم القناعة بمجالس النواب في الرقابة والتشريع، وعدم القناعة الكافية بقوانين الانتخاب وطريقة وضعها، وبالتأكيد لولا مشاركة الأطراف والمناطق العشائرية لكانت النسبة العامة متدنية جداً، وهذا يعني أن التمثيل الحقيقي لشرائح المجتمع الأردني في اختيار ممثليه غير متوافرة بالحد الذي يحدث الفرق المطلوب في الحياة العامة الأردنية.
– لا يتوقع من هذه النتائج سواء للقوائم الحزبية أو المحلية أن تحدث فرقاً نوعيا جديداً في الحياة السياسية الأردنية لا من حيث التشريع فسوف تستمر نفس المعادلة في تمرير القوانين وإقرارها على المقاس المعروف، ولا من حيث الرقابة في الحد من الواسطة والمحسوبية وهدر المال العام وتكاثر الهيئات المستقلة، ولا من حيث معالجة مشاكل البطالة والفقر، ومعالجة ضعف الانتماء الوطني بقوانين تحقق العدالة الاجتماعية، ولا من حيث جلب الاستثمار والحد من الضرائب وغيرها مما يشكو منه المواطن.
– ومن أجل الإنصاف لن يخلو المجلس المنتخب الجديد من بعض المحاولات الفردية لتسليط الضوء على مشاكل الوطن والمواطن والتحديات الكثيرة المعروفة؛ لكن هذه المحاولات سوف تبقى في إطارها الفردي ما دام نهج اختيار الحكومات بنفس الطريقة من حيث الأشخاص والبرامج وترحيل الازمات وتكرر المجرب وعجز المجالس النيابية في إحداث التغيير المطلوب.
– باستعراض الأسماء للمجلس الجديد المنتخب يلاحظ هناك أسماء جديدة في القوائم المحلية وفي القوائم الحزبية، وهذا يعني أنه سيكون هناك محاولات فردية أو تكتلات وتحالفات لتحقيق بعض الإنجازات أو ترك بعض البصمات؛ لكنها في الغالب ستكون محدودة الأثر والجدوى في ظل معادلة الواقع والرغبة في المكاسب الخدماتية من قبل الأشخاص لذواتهم ومناطقهم وقواعدهم الانتخابية المرتبطة بالسلطة التنفيذية، والمطلوب الاستمرار في المحاولات لعل وعسى.
– المجلس الجديد أمام تحديات كبيرة وكثيرة بعضها يتعلق بالداخل وتعدد الأزمات والقوانين المطلوب إعادة النظر فيها لأثرها المباشر على المواطن ومنها قوانين الانتخابات وقوانين الضرائب، ومن التحديات الخارجية وجود عدو يتربص بالأردن بمخططات معلنة فما هو فاعل هذا المجلس؟ ومنها ما يتعلق بتدخلات إقليمية في الشأن تضعف من قوة القرارات المتخذة بهذا الشأن، فهل سيلجأ المجلس إلى ممارسة دوره في الحياة السياسية الأردنية الداخلية والخارجية حماية لهذا الوطن؟ أم سوف يكون نسخة من المجالس السابقة التي لم تتمكن من معالجة مواطن الخلل مما جعل هذا الخلل يتراكم اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً؟ وهل يجرؤ هذا المجلس على فتح الملفات الساخنة التي تؤثر على مجمل الحياة الأردنية بمفاصلها المختلفة؟
– هذه قراءة أولية مبسطة لهذه الانتخابات (2024م ) نتائجها تقول لكم : أيها الأردنيون هذه خيارتكم وعليكم أن تتحملوا تبعاتها ، فقد اخترتم ممثليكم لمدة (4) سنوات ، فإن احسنتم فلكم ، وإن كانت المخرجات ليست بالمستوى المطلوب فلوموا أنفسكم ، أيها الأردنيون من انتخب يتحمل المسؤولية لخيارته ، ومن لم ينتخب فعليه أن يتحمل مسؤولية عدم المشاركة ، وليس لدى الفريقين ترف الوقت للمزيد من الانتظار للتغيير المنشود ، فالجميع شركاء بخيارتهم في حالتي المشاركة أو المقاطعة ، وكل الخيارات صعبة ، والله المستعان .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة