كتاب التكليف للحكومة الجديدة.. خريطة طريق للنهوض بالاقتصاد الوطني

حدد جلالة الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف السامي الذي وجهه إلى رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة د. جعفر حسان، مسارات واضحة للاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة، مستندة على رؤية التحديث الاقتصادي.

وشدد جلالته على ضرورة المضي بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي “وفق برامج تنفيذية واضحة ومعلنة بسقوف زمنية محددة، لإطلاق الإمكانات وتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة الاستثمار وزيادة فرص التشغيل لأبناء الوطن وبناته، ولضمان نوعية حياة أفضل لشعبنا”.

كما تضمن التكليف السامي، مرتكزات للحكومة الجديدة للعمل عليها بخصوص الشأن الاقتصادي، وأهمية الاستمرار بالسياسة المالية الحصيفة، للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وضبط المديونية، وأن تكون المشاريع الكبرى في مقدمة الجهود، خصوصا في المياه والنقل والطاقة والقطاعات الاقتصادية الواعدة.
وشدد جلالته على ضرورة البدء بالتنفيذ الفعلي لخطة الترويج للفرص الاستثمارية، لتخاطب الفئات المختلفة من المستثمرين، وتحسين تجربتهم بتقليل العوائق الإجرائية، وتحسين التشريعات.
وأكد جلالة الملك ضرورة، استقطاب شركات التكنولوجيا العالمية ودعم الرياديين والشركات المحلية، التي أثبتت حضورها إقليميا، وأن تولي الحكومة المقبلة اهتماما خاصا بتوظيف تكنولوجيا المستقبل، والالتزام بالجدول الزمني للتحول الرقمي في المؤسسات الحكومية، وتبني الأفكار الإبداعية والتكنولوجيا الحديثة، ومساندة جهود المركز الوطني للأمن السيبراني.
شخصيات اقتصادية تحدثت لـ(بترا)، أكدت أن كتاب التكليف السامي واضح بتفاصيله المتعلقة بالشأن الاقتصادي، كونه ينبع من رؤية التحديث الاقتصادي، هذه الرؤية العابرة للحكومات، والتي تخضع للمتابعة والتقييم المستمرين، من جلالته شخصيا، لافتين إلى أن مجمل المسارات الاقتصادية التي تضمنها كتاب التكليف، تمثل ركيزة أساسية لمواصلة مسيرة التنمية في القطاعات الاقتصادية.
رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، قال إن كتاب التكليف السامي جاء شاملا ووضع اليد على مجمل مسارات اقتصادنا في المرحلة المقبلة، مبينا أن السير قدما بها، يتطلب مأسسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومحاسبة المقصرين في تنفيذها، وفريقا اقتصاديا قويا، وإعادة النظر كليا بإستراتيجية الترويج للاستثمار.
وأشار إلى وجود ضعف في عمليات الترويج للاستثمار، وعدم توافر فرص مدروسة وجاذبة لأصحاب الأعمال والمستثمرين، مشددا على ضرورة وضع خطة لترويج المشروعات الاستثمارية خارج المملكة بالتشارك مع القطاع الخاص، مبينا أن هناك تشريعات وقرارات ذات علاقة بالاقتصاد تحتاج لإعادة نظر، ومنح القطاع الخاص التسهيلات والدعم لاستقطاب الاستثمارات، لتوفير فرص عمل بما يتوافق مع محددات رؤية التحديث.
وشدد الحاج توفيق على ضرورة تفعيل مجلس التشغيل الوطني الذي يضم ممثلين عن القطاع الخاص، ومراجعة ما تحقق في برنامج رؤية التحديث الاقتصادية، بخاصة بعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، كون هناك مبادرات كثيرة وضعت قبل وقوع العدوان.
من جهته، أكد رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع، أن كتاب التكليف السامي نابع من مواصلة استكمال مسار التحديث الشامل على الصعد السياسية والإدارية والاقتصادية، لتحقيق رؤية التحديث الاقتصادي، التي يتابعها جلالة الملك شخصيا.
وأشار إلى أن جلالة الملك، يسعى دائما لجعل الأردن مركزا إقليميا ودوليا متقدما ومنافسا في المنطقة، ضمن منظومة التعاون الإقليمي وشبكات التجارة الدولية والبنية الاقتصادية، والتركيز على تنفيذ مشاريع استثمارية كبرى، في مقدمتها مشاريع المياه والنقل والطاقة والقطاعات الاقتصادية الواعدة، الرافدة للاقتصاد، وانتهاج سياسة “التحوط” دعما وحفاظا على الأمنين الغذائي والمائي.
وبين أن جلالة الملك، رسم خريطة طريق جديدة للحكومة، مبنية على أسس اقتصادية محكمة لاستكمال مسار التحديث الشامل، أبرزها الحفاظ على الحصافة المالية والنقدية، بحيث حققت الأردن إنجازات عظيمة في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة؛ بفضل هذا النهج.
وأضاف أن جلالته شدد على تشجيع ريادة الأعمال وجذب الاستثمارات، بتهيئة البيئة الحاضنة والممكّنة للاستثمار، بما ينعكس على بيئة الأعمال والابتكار وتنافسية الأردن إقليميا وعالميا، منوها بما تطرق إليه جلالة الملك من رفد للقطاعات الاقتصادية، وأهمها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لتصبح المملكة مركزا إقليميا لها، وإيلاء الحكومة اهتماما خاصا بتوظيف تكنولوجيا المستقبل.
وأكد أن جلالته شدد على ضرورة رفد قطاع السياحة وتعزيز منعتة في مواجهة الظروف والتحديات الإقليمية المحيطة، وتعزيز قطاع الصناعة، والبنية التحتية والطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر، وغيرها من القطاعات الاقتصادية.
وقال إن القضية الفلسطينية دائما حاضرة في وجدان جلالة الملك، فالأردن خير سند لأشقائنا في فلسطين، إذ شدد جلالته على مواصلة الحكومة تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبهم، في ظل العدوان الصهيوني الغاشم على القطاع والضفة الغربية.
بدوره، قال وزير المالية الأسبق د. محمد أبو حمور، إن كتاب التكليف السامي، جاء ليؤكد مرة أخرى أهمية وضرورة الجانب الاقتصادي في عمل الحكومة، وأهمية الاستثمار وتوفير البيئة الملائمة لقطاع الاعمال.
وبين أبو حمور أن جلالة الملك أشار لأهمية السياسات المالية والنقدية الحصيفة والقادرة على التعامل مع الصعوبات التي تواجه الاقتصاد، بما في ذلك عجز الموازنة وارتفاع نسب المديونية؛ ما يتطلب مواصلة وتعميق الإصلاحات الاقتصادية، والاستمرار بجهود تحديث الاقتصاد بما يواءم المستجدات التكنولوجية والجيوسياسية.
عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمان موسى الساكت، قال إن كتاب التكليف السامي، ركز على مواصلة العمل بجهد وكفاءة، والإصلاح الشامل بعد المئوية الأولى بعمر الدولة الأردنية، لافتا إلى تركيزه على التعدين والطاقة والمياه والقطاعات الاقتصادية الواعدة، باعتبارها رافدا حقيقيا للاقتصاد الحيوي.
وأشار الساكت إلى تركيز جلالة الملك على الصادرات والقطاع الصناعي، إذ تعكس الصادرات النمو الحقيقي للاقتصاد وتشغل الأيدي العاملة، مشيرا ايضا إلى التركيز على التطوير الإداري في رؤية التحديث الاقتصادي باعتباره من أهم ركائز التحديث.
ولفت إلى أن جلالة الملك ركز على معالجة المديونية وإعادة دراسة السياسة المالية أو تعديلها لتفادي زيادة المديونية الذي يشكل تحديا للحكومة، ما يتطلب اختيار فريق اقتصادي مؤهل لهذه المهمة، مشيرا إلى أهمية أن تكون أهداف الحكومة سنوية وقابلة للقياس، والاهتمام بالشباب.
من جهته، أكد المستشار في الاستثمار والأعمال محمد القريوتي، أن كتاب التكليف السامي سيكون بوصلة للحكومة الجديدة، لمواصلة مسارات التحديث، ورسم خريطة طريق واضحة للتحديات التي تواجه البلاد، والفرص التي تمكن من مواصلة مسيرة البناء والتطور الازدهار والنمو والرفعة.
وقال إن المرحلة المقبلة، تحتاج إلى فريق وزاري متناغم يتجه باتجاه الرؤى الملكية، ويترجم برامج التحديث التي بني عليها كتاب التكليف السامي، بخاصة رؤية التحديث الاقتصادي التي تعتبر عابره للحكومات.
وأضاف، أن كتاب التكليف السامي ركز على المقومات القوية التي يملكها الأردن سواء من حيث القوه البشرية والتطور في قطاعات التكنولوجيا، والقطاعات الإنتاجية، والتي ظهرت قوتها جليا خلال أزمة جائحة فيروس كورونا وما تبعها من تحديات سياسية بالعالم والمنطقة.
وأكد، أن جلالة الملك أشار لضرورة التوجه نحو الإنتاجية اعتمادا على انفسنا، مبينا أنه كلما تعاظمت التنمية زادت العوائد وزاد التشغيل، وانخفضت الأعباء المالية وارتفعت الصادرات الصناعية، مبينا أهمية ما تطرق اليه جلالته حول مشروع الناقل الوطني للمياه وضرورة إنجازه ومعالجة فاقد المياه، إلى جانب تطوير قطاع الطاقة والطاقة النظيفة.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأردنية د. رعد التل، إن جلالة الملك حدد في كتاب التكليف لرئيس الوزراء المكلف جعفر حسان عدة مسارات اقتصادية تركز على رؤية التحديث الاقتصادي لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة، ما يؤكد حرص جلالته على وضع خطة اقتصادية متكاملة تركز على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
وأشار إلى الحاجة لمواصلة الإصلاحات الاقتصادية بتحسين الإدارة المالية العامة، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد، والتنمية المستدامة بالتركيز على القطاعات الإنتاجية كالزراعة والطاقة والسياحة، والتعليم والصحة، والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار.
وأشار إلى تحسين الخدمات عن طريق توجيه الاستثمار لتحسين مستوى الخدمات الأساسية التي تلامس حياة المواطنين مباشرة، كالصحة والتعليم ووالنقل، لرفع جودة الحياة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، والاستثمار عبر دعم بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية، والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي د. محمد البشير، إن جلالة الملك أكد أكثر من مرة على ضرورة إيلاء الصناعة والزراعة أهمية خاصة، مشيرا إلى أن الحكومة ومجلس النواب مسؤولان مسؤولية مباشرة عن معالجة الخلل في الهيكل الاقتصادي الوطني، داعيا لاصلاح الخلل في هذين القطاعين.
وبين البشير، أن قطاع الخدمات يحتل أكثر من 70 % من الاقتصاد الوطني، مبينا أن 30 % للصناعة والزراعة تعد منخفضة، وهي قطاعات تعتبر مهمة، يمكنها استيعاب العمالة والنمو ووقف الاستيراد الكبير، داعيا لتركيز النفقات الرأسمالية على إيجاد اصول إنتاجية سواء عبر الحاصلات الضريبية أو القروض، محذرا من الاقتراض لسد عجز الموازنة فقط، كما جرت عليه العادة منذ سنوات طويلة.
وشدد البشير على أهمية تعديل القوانين الخاصة بملف الضرائب، وأن تعتمد الضرائب على ضريبة الدخل وليس على ضريبة المبيعات، وأهمية التمييز بين سلعة النخبة وسلعة الفقراء عند فرض ضريبة المبيعات، داعيا لإعفاء مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي، وتخفيض كلفة الطاقة على المنتجات، واسعار الفائدة.
وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن كتاب التكليف السامي، إن كتاب التكليف السامي، ركز على النمو الاقتصادي، واستحداث فرص العمل، ومواجهة تحدي الفقر، وتوطين التكنولوجيا الحديثة والمعرفة، وإدارة العملية الاقتصادية، بما ينعكس على المؤشرات العامة والخاصة، واستدامة النمو، والاهتمام بمختلف التغيرات، ومواءمة الخطط مع المحيط.
واعتبر، أن كتاب التكليف السامي “وضع النقاط على الحروف” بشأن الأداء الاقتصادي للحكومة المقبلة، وهو دور مركزي كونه سينتقل من مرحلة لأخرى، وسيؤسس للمشاريع التي تضمنتها رؤية التحديث الاقتصادي، وسيوجه الحكومة لانعكاس نتائج الأدوات الاقتصادية على العائد والنمو والاستثمار وحياة المواطنين.
وبين “أن الحكم على عمل الحكومة المقبلة، سيرتبط بالنتائج، والإنتاجية، وكفاءة إدارة الاقتصاد، في ظل وجود الأردن ضمن منطقة لا يقين فيها، ومضطربة، تتطلب وجود برامج وإستراتيجيات وخطط تأخذ كل تلك المعطيات بعين الاعتبار”.
وأكد عايش ضرورة وضع أولويات على رأس عمل وخطط الحكومة المقبلة، ومنها تخفيض العجز في الموازنة، وإدارة المديونية وتخفيضها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وتطوير ورفع الكفاءة الإنتاجية للاقتصاد، وجعل المواطن محور العملية الاقتصادية وهدفها، بما يحقق الاستدامة المنشودة.-(بترا)

بترا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة