الفخر بالعشيرة…. بين الفخر المباح وغير المباح// د.رياض خليف الشديفات

=
في البداية أنطلق من الآية الكريمة: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ( سورة الحجرات ) .فالمجتمعات تتكون من شعوب وقبائل للتعاون والتعارف ، فالغاية ليست للتفاضل والتفاخر ، فالجميع يرجعون إلى أصل واحد من ذكر وأنثى ، فمن حق كل فرد أن تكون له عشيرة ينتمي إليها ويعتز بها، ومن حق أي فرد في هذه الدنيا أن يفخر بمآثر قومه الحقيقية ولسيت الوهمية، فالفخر فخران : فخر مباح بمآثر تترك أثرها وبصماتها في المجتمع ” هؤلاء قومي ” وفخر كاذب لا طائل من وراءه ينطلق من عصبية قبلية وحمية مذمومة .
وبالعودة إلى العنوان متى يكون الفخر مباحاً، ومتى يكون غير مباح استناداً إلى الضوابط الإنسانية التي تحكم علاقات البشر، وأنا شخصيا انتمى إلى عشيرة أفتخر بها حين تكون محقة في مواقفها، وأعترض عليها حين تكون مجحفة بحق نفسها أو غيرها، فالمجتمعات تتعارف وتتعاون لبناء علاقات سليمة، وتتعاون على المصالح الجماعية التي تجلب المنافع وتدرأ المفاسد عن مجتمعها، وبما يزيدها قوة ومنعة ضمن مجتمع يدفع الأخطار المحدقة به.
ومما يؤسف له أن مجتمعنا الأردني كثر فيه الفخر المجاني بالعشيرة بالطريقة الخاطئة عبر وسائل الإعلام، وفي حالات المناصب والمكاسب التي هي من حق الأنسب على معايير الأصلح للخدمة العامة وليس على معيار البحث عن أسم العشيرة فقط، فهل تستطيع العشيرة بمفردها أن توفر فرص العمل لجميع أفرادها؟ وكثير ممن يفخرون بالعشيرة هاجر لكثير من أقاربه، وبعضهم قاطع لرحمه، وبعضهم لم يقدم أي معروف أو خدمة نصيحة لعشيرته، وبعضهم يلعن عشيرته بالسر ويفتخر بها في العلن، وهل تستطيع عشيرته أن توصل خط ماء لمنزله أو خط هاتف أو حفنة من الأسفلت على نفقتها ، وهل تستطيع أن …وهل تستطيع أن …..
وهل تستطيع العشيرة بمفردها أن تؤمن الحماية لهم والرعاية الصحية والتعليمية والخدمية دون مظلة مجتمعية تخدم الجميع على قاعدة العدالة الاجتماعية، فإذا كانت العشيرة التي تنادى برفع أسمها على حساب أسماء العشائر الأخرى فعليها أن تحافظ على أراضيها التي بيعت بحثاً عن متطلبات الحياة المعاصرة.
فعن أي فخر يتحدث بعضهم وهم أعجز من أن يوفروا فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية والطرق والخدمات وغيرها، فالفخر الحقيقي في ميادينه الحقيقية في المعارك ضد أعداء الأمة، والفخر الحقيقي بتسجيل المنجزات الحضارية التي يخلدها التاريخ وبما يقدمون من خدمات لا تمحوها ذاكرة اليوم، ففخرنا اليوم في غالبه رغبات ونزعات واستعراضات تمارس دون رصيد واقعي في واقع الحياة. والله المستعان ……

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة