رسالة إلى السادة النواب الأردنيين // د. رياض خليف الشديفات
بعد التحية والسلام مع الأماني بالتوفيق …انتهت الانتخابات …. بوعودها وعواطفها وشعاراتها …. انتهت نشوة النجاح والحصول على مقعد نيابي في مجلس النواب الأردني (20) للجلوس تحت القبة كممثلين للشعب الأردني …. وبصفتي أحد المواطنين ممن يعيشون على هذه الأرض أرى من واجبي الأدبي والوطني أن اضع بين أيديكم هذه الرسالة … على النحو الآتي:
– العمل النيابي أمانة عظيمة تسألون عنها أمام الله أولاً ثم أمام مجتمعكم ثم أمام ضمائركم التي نرجو أن تكون حاضرة في كل موقف وفي كل لحظة وفي كل جلسة تحت القبة تشريعية أو رقابية.
– يعلم السادة النواب أن الثقة بمجالس النواب في أدنى مستوى يدل على ذلك نسبة المشاركة المتواضعة في الانتخابات، وارتفاع نسبة العزوف عن المشاركة، وفقدان الثقة والأمل بالتغيير الذي يعبر عنه المواطنون عبر وسائل التعبير الإعلامية والمجتمعية، وهي تعلمونها جيداً ولا تخفى عليكم، فهل يمكنكم استعادة هذه الثقة… أم أنكم ستكونون نسخة مكررة عن المجالس السابقة التي عرفها الشعب الأردني.
– عند الدعوة إلى انعقاد المجلس سوف يقوم كل نائب منكم بأداء القسم ” وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ” متمنيا من كل نائب أن يتأمل مفردات القسم ودلالاته، وهل هو قادر على الوفاء بهذا القسم العظيم حين يقول: أقسم بالله العظيم؟ أم أنه سوف يحنث بهذا القسم لصعوبة الوفاء به !!أم يكون حاله كحال كثير من النواب السابقين الذين حنثوا بقسمهم عند أول موقف يتعرضون له …. انكم أمام اختبار صعب وقاسٍ …فلسيت كل النيابة مغنم كما يظن بعض الناس …بل هي مغرم وأمانة جسيمة.
– انتم أيها السادة النواب أمام مهام جسيمة تتعلق بالبعدين التشريعي والرقابي ، أما البعد التشريعي فهناك عشرات القوانين التي أقرت بما فيها من اجحاف وظلم للمواطن في الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، فانتم مطالبون أمام مجتمعكم وأمام ضمائركم أن تعيدوا النظر فيها على أمل أن يجد المواطن الأردني من يدافع عنه عبر القنوات التشريعية المتعارف عليها ، وأن يجد المواطن الأردني من يمثله في الدفاع عن حقوقه وكرامته ، وما قوانين الضريبة منكم ببعيد ، وما قانون الجرائم الالكترونية منكم ببعيد ، وما قوانين رفع الأسعار في الماء والكهرباء والاتصالات والجمارك والمحروقات والضرائب المفروضة على المواطن المنكوب أصلاً منكم ببعيد ، وانتم بالأمس كنتم من المجتمع تشكون مما يشكو ، وانتم تتذكرون شعاراتكم بالأمس عن خدمة المواطن فهل تفعلونها .
– أنتم أيها السادة النواب أمام اختبار حقيقي فيما يتعلق بالجانب الرقابي ، ولا يخفى عليكم تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية مع العلم أنكم أنتم الركن الأول من أركان الحكم والدولة …نيابي ، وراثي ، ملكي ، وقد دلت التجارب السابقة أن أضعف السلطات الثلاث هي السلطة التشريعية ؛ بل أن الغالبية العظمى من النواب تفضل أن تكون تحت عباءة السلطة التنفيذية طمعاً في الحصول على الخدمات والمكاسب المناطقية والشخصية مما يعد مخالفة لمقتضى الواجبات الموكولة إليكم من الرقابة والتشريع ، فهل انتم قادرون على فك هذا اللغز المحير !! .
– أيها السادة النواب أنا اعلم أننا في اقليم ملتهب في منطقة تتقاذفها الأمواج في عالم عربي عاجز وعالم غربي يبحث عن مصالحه، كل هذا لا يمنعنا من تحصين جبهتنا الداخلية عبر العدالة الاجتماعية الغائبة وعبر مبدأ تكافوء الفرص في العمل والحياة الكريمة للمواطنين الأردنيين، وعبر تشريعيات متوازنة تحفظ النسيج الأردني بعيداً عن وصفات المنظمات الدولية والجهات المانحة التي تطبق اجندتها على الحلقات الأضعف في هذا العالم، فهل أنتم قادرون على هذه المهمة وقد نذرتم أنفسكم لهذه المهمة؟ .
– أيها السادة النواب …هل سيكون موقفكم من الهيئات المستقلة كالمجالس التي سيقتكم، وأنتم تعلمون موقف المجتمع الأردني من الهيئات المستقلة كيف شكلت ولمن شكلت، ولماذا عجزت كل المجالس السابقة عن الغاء الزائد منها، كما عجزت كل الحكومات السابقة عن إلغائها، وأنتم تعلمون أن ما يزيد عن (20) % من الموازنة العامة في الأردن يذهب لتمويلها دون جدوى يلمسها الأردني، فهل أنتم قادرون على فتح هذا الملف؟
– أيها السادة النواب أرجو أن يقف كل نائب منكم أمام مرآة نفسه كما يقف أمام المرآة لمتابعة هندامه ليتذكر أنه نذر نفسه جندياً أردنياً مدافعاً عن حقوق الأردنيين التي سلبت أو التي يراد لها أن تسلب، ولا أدري كيف ينام النائب والمسؤول في بلدنا وهو يرى الأخطار المحدقة بهذا الوطن، وهو يرى الضياع والتيه يعصف بشباب الوطن من الذكور والإناث حاضراً ومستقبلاً.
– أيها السادة النواب كان في عون المخلصين منكم …كم هو المطلوب منهم، وكان الله في عون الأردن كم هدر من الدورات النيابية والسنوات في سبيل أن يري الشعب الأردني بصيص أمل في ظل هذه المعطيات التي لا تخفى عليكم، حفظ الله بلدنا الأردن، والله المستعان.
التعليقات مغلقة.