مفتي عُمان .. اغاض الجرذان فخرجت من جحورها لتنشر طاعونها ّ!
مهدي مبارك عبدالله
في الوقت الذي تشارف فيه حرب الابادة الجماعية على قطاع غزة إكمال شهرها الحادي عشر والفلسطينيون يتحملون لوحدهم بدمائهم شرف الدفاع عن الأمة ومقدساتها ومع بداية العدوان الاسرائيلي المدمر على جنوب لبنان وارتفاع اعداد القتلى والجرحى والمشردين وانتشار الدمار في كل مكان وما يرافق ذلك من صمت مخزي وغياب متعمد لكثير من الشيوخ والعلماء والدعاة في معظم أقطارنا العربية عما يحدث في غزة الجريحة واكتفاء الحكام العرب ووزراء خارجيتهم بإصدار بيانات الاستنكار والشجب والإدانة وأجسادهم تتقلب في سباتهم العميق على الديباج والحرير وتتنعم بالحُلي والحُلل
مقابل ذلك تسيد كامل اركان المشهد الديني العربي والاسلامي المهلهل فقهاء السلاطين وشيوخ النفاق والتدليس وابواق الرياء الكذب اصحاب العلوم والحناجر المأجورة المتاجرين بالعقيدة والدين والاوطان الذين يمجدون اسرائيل ويرددون سرديتها المضللة وهم يلقون باللائمة على المقاومين الفلسطينيين ويحملونهم المسؤولية عن كل الأحداث المأساوية التي وقعت في غزة ويقللون من قدراتهم و انتصاراتهم بعدما كانت أصواتهم مغيبة وأفواههم مكممة حيث بلعوا ألسنتهم وضنوا على المقاومة الفلسطينية بأي كلمةٍ تشدّ من أزر مجاهديها في لوقت نفسه حافظوا على دعوات النفاق المتكررة لشعوبهم بالوقوف خلف حكامهم بحجة دعم سياسة السلام والترويج لثقافة التعايش والاندماج المشترك والتي تعني في جوهرها الحقيقي الخضوع والاستسلام الذي لا يعيد الحقوق ولا يحفظ الكرامات
اثناء هذه الظروف والاحداث العصيبة وقبلها بكثير برز الدور الطليعي والمتقدم لسماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المولود في زنجبار عام 1942 مفتي عام سلطنة عمان منذ عام 1975 حتى الآن وهو إمام المذهب الإباضي بالإضافة إلى أنه مفتي المذاهب الإسلامية ( الإباضية والسنية ) في السلطنة والذي لا يملك سوى سلطته الروحية لكته يعرف مهام منصبه جيدا حيث ضربً عرض الحائط بكل المواقف السياسية والدبلوماسية للحكام العرب في عدة مواقف شجاعة لم تعرف المساومات والرهانات وهو يستنهض الأمة من سباتها ويتحدثً عن فلسطين التاريخية والقدس الشريف والاقصى المبارك والمقاومة الباسلة ومذبحة الفلسطينيين الكبرى ويدعو العرب والمسلمين إلى نصرتهم بالمال وبالسلاح وبكل الوسائل المتاحة والممكنة والوقوف في وجه العدوان الاسرائيلي الذي لا يعرف عهودًا ولا مواثيق وقد صرح في اطار المواجهة ان كل اتفاقيات السلام والتطبيع التي عقدت مع الكيان قبل الاعتداء على غزة بما في ذلك الاتفاقيات والمعاهدات الدولية باطلة شرعا ولا قيمة لها قاتوتا
قبل ايام قليلة اوجع شيخنا كلاب التطبيع الضالة ضربا بسياط لسانه ونار وجدانه وبما تخطه يده حيث فضح سيرة ومسيرة الجرذان النتنة حتى خرجت من جحورها ومجاريها لتنشر طاعونها ما جعله يتعرض لهجوم إلكتروني طائفي مسعور بغطاء ديني مشبوه من قبل حسابات إسرائيلية وبعض مرتزقة التطبيع من قاذورات العرب والمسلمين أذناب وأبواق الصهيونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحديدا تويتر تطالبه بالاعتذار لإسرائيل بسبب مواقفه المشرفة من القضايا العربية وتضامنه مع قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان واليمن والعراق في مواجهتهم للعدوانين الإسرائيلي والأمريكي وقد زادت الإساءات بحقه بعد إشادته بقدرات وشجاعة ابطال جماعة أنصار الله اليمنية عقب قصفهم ميناء ايلات وتل أبيب بالصواريخ والمسيرات ومما يؤسف هنا أن نجد قوما محسوبين على العروبة اسما وشكلا يدمرونها من الداخل أكثر مما يدمرها أعداؤها من الخارج وهم يجسدون الخيانة والعمالة بأبشع صورها عبر الحرب النفسية القذرة والعداء االهمجي لمعلن للمقاومة ومناصريها
على هدي التكليف الرباني وتنفيذا للمسؤولية الشرعية وصدعا بالحق وجهادا بالكلمة كان الشيخ الخليلي على الدوام بعيدا عن المنطلقات المذهبية و المحاصصات الطائفية حيث مثّل بفكره ونهجه صوت السلام والتعايش بين كافة الطوائف حيث اعلن غير مرة إن نصرة غزة والتضامن مع القضية الفلسطينية عموما لا ينبغي أن يكونا موضوعا للمفاضلة بين السنة والشيعة أو غيرهما من المذاهب الأخرى لأن البعد الديني في هذه القضية لاحق على بعدها الوطني المتمثل في نضال شعب محتل يقاتل ويقتل من أجل انتزاع حقوقه المشروعة في إنهاء الاستعمار الإسرائيلي وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني السليب
وفي الجانب العملي لهذا السياق سارع الشيخ الخليلي الى دعم الرد الإيراني على إسرائيل بعد قصفها للقنصلية الايرانية في دمشق واعتبرها خطورة جريئة تسر الخاطر كما احتفى بنجاح الأسرى الفلسطينيين بالهرب من سجن جلبوع الرهيب واعتبر التقاعس عن نصرة غزة فرار من الزحف وإغلاق الحدود والمعابر مع غزة خيانة لله ولرسوله وقد طالب جمهور المسلمين بالنفير العام بكل ما يستطيع والاشتباك مع العدو في كل الاماكن وبكافة الوسائل المتاحة اضافة الى وجوب مقاطعة منتجات وبضائع الاحتلال الإسرائيلي والدول الغربية الداعمة له كصورة حية من صور الجهاد الاقتصادي المقدّس كما اكد مرارا بوعيه وايمانه أن قضية فلسطين ليست مجرد قضية قومية أو شعبية وإنما هي قضية عقدية لا تتعلق باحتلال أرض فحسب وإنما بالسيطرة على مقدسات إسلامية أصيلة لها جذور عميقة في تأريخ النبوات الخالد
الفقيه العالم المحدث الخليلي يعد نموذج حضاري شامل وفاعل لروح الإسلام وهو واحدا من ابرز العلماء أصحاب المواقف الصلبة المناهضة للاحتلال الاسرائيلي والمناصرة للفلسطينيين حيث عرى حالة التصهين العربي المشؤومة بكل تنويعاتها وسياساتها التسميمية والسرطانية بصراحته وشجاعته كرجل دين عربي مسلم حيث وصف التطبيع بالخيانة العظمى والتطبيل له بالجريمة الكبرى كما كرر في كل مناسبة انه لا بد لأهل فلسطين أن يرفعوا رؤوسهم في زمن الذل والانحناء وأن يمسكوا على جمر الشرف في الوقت الذي باع فيه غيرهم شرف الأمة بمنصب زائف وكرسي زائل وهم يتحملون بشرف عبء الدفاع عن الأمة وكرامتها والكثر من إخوانهم يتفرجون على مأساتهم وتهجيرهم ويشمتون بذبحهم فما أشبه حال منافقي اليوم القريب بمنافقي الأمس البعيد
سماحة مفتي عمان سيبقى منارة هادية في التسامح والمحبة والسلام وهو جزء من تاريخ عمان المليء بالأئمة العظام و العلماء الكبار والباحثين المجتهدين والشيخ الخليلي قد يختلف عن كثير من علماء الامة في سعيه الدؤوب للم شمل الامة ونبذ التفرقة فلم نسمع عنه الا الصلاح والرفعة في حديثه وحضوره ووقاره ليس كرجل دين فحسب كمفكر اسلامي موسوعي ومتنور بتاريخ حافل بالدعوة الى التسامح وقبول الآخر ومحاربة التعصب والتطرف
شيخنا أحمد الخليلي بحر زاخر بالعلم والثقافة والمعرفة متواضع وحليم يتحدث دائما بحكمة وفطنة ورغم الهجوم المسموم المتكرر ضده ظل منصفا للحق دون تردد ولا مهابة وداعيا للوحدة بين صفوف المسلمين في جُل خطاباته بنقاء سريرته وخلقه الرفيع والتزمه المبدئي الثابت ما جعله من أقوى الرموز الرسمية الإسلامية المتعاطفة مع الفلسطينيين وأن محاولات شذاذ الافاق المنحرفين النيل منه يشكل استهداف خسيس لعمان وشعبها
عندما زار نتنياهو مسقط في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018 واستقبله السلطان الراحل قابوس هاجم المفتي بعيد الزيارة مباشرة ” ظاهرة التودّد للعدو” ولم يخصم هذا الموقف من التقدير الكبير الذي يخلعُه ملايين العرب على شخص الشيخ الذي اصبح ظاهرةٌ متميزة في المشهد العربي الرديء كما ادان علنا في العام الماضي سماح سلطات بلاده للطيران المدني الإسرائيلي بالتحليق عبر مجالها الجوي وكالب بوقفه
وعلى عجل حسم قتواه القاطعة حول ما إذا كان وصف المدنيين ينطبق على المستوطنين الاسرائيليين في الأراضي المحتلة حيث أوضح أن صفة المحتل والمدني لا تجتمع في شخص واحد وأن كل مغتصب للأراضي الفلسطينية ومنتسب للكيان المجرم هو محارب يتوجب قتله كما شن هجوم واسع على مواقف بعض المشايخ والرموز الإسلامية بالمنطقة الذين أفرزتهم السياسات المعاصرة المنحرفة واصفا إياهم بالشيوخ المثبطون عن الجهاد الذين يكيلون التهم للمجاهدين الأحرار وقد قارن بين مواقفهم ومواقف من وصفهم بـشرفاء العالم الغربي الذين خرجوا لمساندة القضية الفلسطينية كما ابدى فخره واعتززه بالعملية البطولية التي نفذها الشهيد ماهر الحويطات على معبر الكرامة
ختاما تزجي اعطر التحيّةٍ المستحقةٍ لشيخنا الشريف الطاهر العفيف مفتي عُمان النموذج المتفرد والعالم المخلص الأصيل صاحب المواقف المشرفة في زمن عز فيه العلماء المخلصين لأمة العروبة والإسلام حيث تسجل بأحرف من نور مواقفه الراسخة التي يدعو إليها الدين ويقتضيها الإخلاص والأخوة الدينية والوطنية وعليه فاننا نقول لكل ازلام المطبعين والمنبطحين الذين استعاروا مكر الثعالب وتقمصوا دهاء الذئاب وهم ينتظرون التعليمات من اسيادهم في جهاز الموساد الاسرائيلي ( كلنا الشيخ أحمد الخليلي ) الذي تجلت فيه كل صفات المروءة والشجاعة والاخلاق ولن نقبل مطلقا أن يتطاول عليه قطيع قاسد من شرار الخلق السفهاء الانذال ونقول لهم موتوا بغيضكم وانتظروا خسرانكم
وفي الوقت نفسه نقول لسماحة الشيخ الخليلي لا يهمك قول ثلة من المخدرين بأفيون التطبيع الفاسد البلهاء الخاسئين فانت على السراط المستقيم شامخ وسامق مكانة واعتبار وتقدير واننا على يقين بان هذه الجرذان النجسة التي قرضت نعالك بعدما دست على رقابها لن توهن ارادتك وعزيمك ولن تطفئ نار غضبك ولن تفت في روح ثورتك وانت تقود لواء الحق المبين في الدفاع عن شعب فلسطين على طريق النصر الحتمي للتحرير وكنس المحتلين وقد صدق الشاعر اذ قال و ( اذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي باني كامل ) وقد ابدع الامام الشافعي طالب في اوصف الطعن بالعلماء قوله الشهير بجرة قلم من ذهب ( كم من عالمٍ متفضل قد سبّه من لا يُساوي غرزةً في نعله )
كاتب وباحث سياسي
mahdimubarak@gmail.com