100 شاعر عربي ومحلي يشاركون في ديوان “سلام على الشهداء”

– نظمت اللجنة المشرفة على ديوان “سلام على الشهداء- مجموعة شعرية بمشاركة واسعة من شعراء الوطن العربي”، حفل توقيعه، أول من أمس، وذلك في مقر المكتبة الوطنية.

يضم الديوان الذي صدر عن “دار الخليج للنشر والتوزيع”، وشارك فيه “مائة شاعر عربي ومحلي”، وأعده وحرره وأشرف عليه كل من: د. صلاح جرار، سعيد يعقوب، وكتب مقدمة له د. فايز القيسي.

الديوان تم إهداؤه إلى “أرواح الشهداء والشهيدات… الذين ارْتقوا في الدفاع عن حِياضِ الأمة، وشرفها وعزتها وكرامتها… إلى أمهات الشهداء وآبائهم، وأزواجهم وذرياتهم..، إلى القابضين على جمر الصبر، والمتشبثين براية النصر والتحرير، في غزة والضفة الغربية، وكل الأراضي العربية..، إلى الذين أَبقوا أصابعهم على الزناد، رغم التحديات، وصور التواطؤ الصهيوني والعالمي.. إلى حاملي قاذفات الياسينِ (105)، وحاضني عبوات الشواظ، وصانعي الأمجاد، ومدركي الثارات، من الغزاةِ المجرمين.. إلى الصادحين بِالكلمة الحرة الشريفة، مِن الشعراء والأدباء والفنانين..”.
حضر الحفل الذي أداره كل من: الدكتور رياض ياسين، والدكتورة ليندا عبيد، إلى جانب ضيف الشرف الشاعر حيدر محمود، وعدد من الشعراء والأكاديميين والإعلاميين والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي الوطني. بدأ الحفل بالوقوف دقيقة وقراءة الفاتحة على أرواح شهداء فلسطين والأمة العربية.
الشاعر حيدر محمود قال: “إن الشهداء حريون بالتمجيد والتخليد.. فسلام على الشهداء، وسلام على الشعراء الذين احتفوا بهم وأثنوا عليهم ثناء عاطرا في قصائد هذا الديوان”، مشيرا إلى أن من أشرف على إعداد وتحرير هذا الديوان  الدكتور صلاح جرار والشاعر سعيد يعقوب، فنحن نثق بمعرفتهما وثقافتهما وخبرتهما ودرايتهما ورفعة ذوقهما، وهذا الديوان يستحق الإشادة والتنويه، حيث جمعت فيه قصائد مائة شاعر من أقطار الوطن العربي.
ثم قرأ الشاعر حيدر محمود قصيدته التي تصدرت الديوان، وهي بعنوان “أيوب الفلسطيني”، التي يقول فيها: “هل تَعْرِفونَ الفَتى (أيّوبَ)؟! كانَ لهُ/فينا –إذا مرَّ- عُرْسُ للحَساسينِ/وكانَ أَجْمَلَ مَنْ فينا.. وما حَمَلَتْ/أُمّي، بِأعْبَقَ مِنْهُ، في الرَّياحينِ/عَيْناهُ عَيْنا نَبِيّ، والجَبينُ مَدىً/ رَحْبٌ.. وساعِدُهُ صَخرُ البراكينِ/إذا لَفَى قالت الدُّنيا: الأَبيُّ لَفَى/وطأْطَأَتْ هامَها كُلُّ الميادينِ/ وللأُباةِ حُضورُ الأَنْبِياءِ، وَمِنْ/أَصلابِهِمْ.. جاءَ (أَيّوبُ الفلسطيني)!/وكانَ نَجْمَة صُبْحِ الذّاهبينَ إلى/نُفوسِهِمْ.. لِيُريحوها مِنَ الطّينِ!/وَيَمْسَحوا الهُونَ عَنْها، بَعْدَما رَسَفَتْ/بِهِ زماناً.. وما أَقْساهُ مِنْ هونِ!/ لكنّ (أَيّوبَ) مَطْلوبٌ لإخْوَتِهِ/فقدْ أغاروا عليهِ كالشياطينِ!/وَقَطَّعوا كَبِداً ما كانَ يسكنُها/إلاّ هَواهُمْ.. فَسُحْقاً للمجانينِ!/وَضَيّعوهُ.. وَلوْ يَدْرونَ أيَّ فَتىً/قَد ضَيَّعوا.. لافْتَدَوْهُ بالملايينِ/كُلُّ المَنافي عليه، فَهْيَ تُسْلِمُهُ/منها، إليها، سجيناً، غَيْرَ مَسْجونِ/إنْ أفْلَتَ الصَّدْرُ من سَهْمِ العِدا، فَلَهُ/في الظَّهْرِ مِنْ أهلهِ، مليونُ سِكّينِ!”.
وزير الثقافة الأسبق د. صلاح جرار شكر الشعراء المشاركين في الديوان، اللجنة الأكاديمية المتخصصة التي قامت باختيار مائة قصيدة، من بين مئات المشاركات التي وصلت للجنة، قائلا: “نغتنم هذه الكلمة لتوْجيه الشكر الجزيل لجميع الشعراء الذين أرْسلوا لنا مشاركاتهم، ونقدر لهم حرصهم على نشر مشاركاتهم في هذا الديوانِ، ونعتذر لمن لم تضمن قصيدته في الدّيوان لعدم قدرة الديوان على استيعاب جميعِ القصائد التي وصلت إليْنا، مؤكدين أن عدم اختيارها لا يعني رفضها أو عدم صلاحيتها”، ولا يفوتنا أن نتوجه بالشكر الجزيل والتقديرِ البالغ  للأساتذة النقاد الأفاضل أعضاء اللجنة الفنية المتخصصة لِاختيار قصائد هذا الديوان ولكل من أسهم في إنجاح هذه المبادرة، وإخراجِ هذا الديوان على هذهِ الصورة التي نتمنى أن ترقى لمقام الشّهداء الأبرارِ، وتليق بمكانتهم  الرفيعة”.
من جانبه تحدث الدكتور فايز عبد النبي القيسي، عن أهمية الكلمة المقاومة ودورها في تشكيل العقل والوجدان، وأشاد بالقيمة الفنية العالية للقصائد، قائلا: “إن الشعراء نجحوا في تقديم صورة رائعة للشهداء في قصائدهم متعددة الأبعاد والمعاني والدلالات، وقد أسْهم مَقْروؤهم الثقافي العربي الإسلامي الكامن في أذهانهم أو في لا وعيِهم في تشكيلِ قصائدهم، بآلياتِ وطرائِق فنية متنوعة، تدخل ضمن مفهومِ التناصِّ، وهي صورة لم تنشَأ من فراغ، بل جاءت ثمرة للْبنية الواقعية الفلسطينية السائدة والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية”.
وأشار القيسي إلى وقوف بعْض قصائدِ الديوانِ عنْد شَخصياتِ محددة بعَيْنِها مثلِ “القَسامِ، أحمد ياسين، وإسماعيلَ هنية وغيرِهِمْ”، مِمن ضحوْا بأنْفِسِهم في سَبيلِ دِينِهم ووطنِهِمْ. وجاءَ حديثُ غالبيَّةِ القصائدِ عن شهداءِ فلسطينَ عامة وشُهداءِ غزةَ خاصة، من دونَ ذكر لِشهيدٍ بعيْنِهِ وفي ذلكَ، إِشارة إلى أن الشَّهادَةَ أصْبَحَتْ خَياراً جَمْاعِياً لَدَى أبناءِ فلسطينَ الذينَ أدْركُوا ألا طريق لهم لاسْتعادَةِ حُقُوقِهم سِوى مُقاومَةِ العدو المحْتَل والتَّضْحِيَةِ بالنفْسِ عَبْرَ الشهادَةِ.
وأشار القيسي إلى بعض القصائد التي تتحدث عن شَقائِقِ الرِّجالِ النسْوةِ الشَّهيداتِ في الضّفْةِ الغربيةِ وغَزةَ، اللواتي لم يخمدْ جَمْرُ العِزةِ العربيةِ الإسلاميةِ فـي صدورِهِن، فكانتْ شيرينُ أبو عاقلةَ وغيرُها أمْثلةً شَامِخَةً لِلتضْحِيَاتِ وبذلِ النفس، وقد غدوْنَ شقائقَ الأطفالِ والرجالِ في الشهادةِ، وقد وقفْنَ معهمْ مُرَابِطَاتٍ فِيْ شُمُوخٍ، يَذُدْنَ عَنْ حِمَى فلسطينَ: مُدُنِها وقُراها وبَوَادِيها ومَساجدِها وكَنائِسِها، وَكُنَّ كما كانُوا لَها سُورَاً يَقِيهِا مِنَ الغُزَاةِ المُعْتدِينَ.
وأضاف القيسي لقد جاءتْ هذه الإبداعات التي صدرت عن مواقفِ الشعراءِ القومِيةِ والدينيةِ والإنسانِيةِ، كل ذلكَ في إطارٍ يجمَعُ بيْنَ مُتَطلباتِ المَعاني الرفيعةِ التي تصَور حال شعْبٍ أجْبر على أنْ يعيش حالة الشَّهادةِ أو الموْتِ السامي يوْمياً مِن أجْلِ ألَّا تُهْدرَ معَ الدَّمِ المَسْفوحِ كَرَامَتُهُ وحَقُّهُ في اسْتردادِ هويتِهِ الثقافيةِ وتاريخِهِ البعيدِ وأرْضِهِ المُغْتَصَبةِ مِن جِهَةٍ، وجمالِياتِ التعبيرِ الشعري الرفيعِ الذي يكشِف عن تَوْظيف الشعراءِ مَوَاهِبَهُمْ الإبْداعيةَ وخِبراتِهمْ الفَنّيةَ الأصِيلةَ وثقافَتَهُمْ الواسِعَةَ مِن جِهَةٍ ثانِيَةٍ، ولِذلكَ لمْ تَكُنْ قصائدُ شُعراءِ الديوانِ مُفْتَعَلَةً أو مُعَادةً، ولمْ تَكُنْ أقوالاً مَوْزُونَةً، أو تَراكيبَ مُقَفاةً، أو عِباراتٍ بَهِيةً، أو صُوراً يَعْصرونَها مِن الكَلامِ، بلْ كانتْ قصائِدَ تُقاتِلُ في سَبيلِ فلسطينَ وتَتَغَنى بتضحياتِ شُهَدائِها وبطولاتِهِمْ.
من جانبه، تحدث الشاعر سعيد يعقوب عن أهمية الكلمة كموقف وشرف، قائلا: “لا أحد يقلل من شأن الكلمة وما تتركه من تأثير في عقل ووجدان الناس، وحيا يعقوب الشعب الأردني الأصيل على مواقفه المشرفة، في دعم ومساندة الأهل والأشقاء في فلسطين”، لافتا إلى أن الدم الأردني والفلسطيني اختلط واتحد في الدفاع عن كرامة هذه الأمة ومقدساتها.
ثم شكر يعقوب مدير المكتبة الوطنية د. نضال العياصرة، الذي جعل المكتبة الوطنية منارة علم وأدب وثقافة، من خلال ما ينَفذ فيها من فعاليات ثقافية وأدبية، وندوات علمية وفكرية وورش تدريبة، وجميع القائمين على إنجاح هذا الحفل.

 

 عزيزة علي/الغد

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة