المقال الخامس- الليبرالية // الدكتور فخري النصر

الليبرالية مصطلح أجنبي معرب مأخوذ من (Liberalism)وهي تعني ” التحررية “. وهي مذهب فكري و سيأسى واقتصادي واجتماعي , يركز على الحرية الفردية المطلقة ،ويطبق حسب ظروف المجتمع والبلد التي يوجد بها, و مبني على أسس وقوانين وانظمة وتعليمات , ويرى وجوب احترام الأفراد والجماعات والاديان والاحزاب والهيئات ، ويومن بأن الوظيفة الأساسية للدولة هي حماية حريات المواطنين والمقيمين، مثل حرية التفكير، والتعبير، والملكية الخاصة ، وحرية اللغة والحرية الشخصية وغيرها, وباختصار هي الحرية المطلقة بدون قيود أودين أو عادات أو أي شيء.
الليبرالية بالمعنى البسيط تعني الحرية وتختلف الليبرالية من مجتمع الى اخر حسب ثقافة كل مجتمع , ويكون هذا الاختلاف في نطاق الحرية المتاحة التي تتناسب مع ثقافة المجتمع, والليبرالية ليست مثل الفكر الشمولي اي انها لا تقوم على خطوات محددة , وبتالي فهي تختلف من مجتمع الى اخر ومن بلد الى اخر, فمثلا الليبرالية الأمريكية تختلف عن الليبرالية الفرنسية وعن الليبرالية الايطالية او الالمانية وهكذا, بينما نجد في الفكر الشمولي الماركسي الشيوعي بانة متطابق في جميع البلدان التي كانت تفرض بها .

الليبرالية تعتمد عل نظام الفصل بين السلطات بمعنى ان المؤسسة التنفيذية لا تتحكم بالمؤسسة القضاء او المؤسسة التشريعية او المؤسسة الاعلامية , كما ان اختيار من يمثل تلك المؤسسات يقوم على اساس الاقتراع المباشر من قبل الشعب الديمقراطية .

الليبرالية تقوم على اساس الحريات العامة والخاصة ,الحريات العامة تمنح للمجتمع ككل كحق الاقتراع ,وحق تكوين الاحزاب وهكذا , والحربات الخاصة تمنح لفئة من المجتمع بالتميز والظهور وامتلاك خصائص خاصة عن بقية مكونات المجتمع (الحزب الحاكم ) .

مبادئ الليبرالية
– الليبرالية تقوم على ان كل فرد حر في افكاره و معتقداته ولغته , واحترام كرامة الانسان وان له الحق في انه يعيش حياة كريمة ومحترمه , وان كل الناس متساويين امام القانون ومتساويين في الفرص والوظائف والواجبات بغض النظر عن الدين او العرق او الافكار او اللغة .
– الليبرالية تؤمن بآن الشعب يجب ان يختار الحاكم والحكومة(الانتخابات ) , ويختار كل حاجه في الدولة بحريه ومن غير تدخل او تهديد من الدولة او من حزب او من أي جماعة , وهذه احسن طريقة كي تعبر الناس عن نفسها و يتخلصوا من الفساد والظلمة والمفسدين والكهنة .
– الليبرالية تؤمن بأن الدولة يجب ان تراقب و تحمى حريات المواطنين والمقيمين, وتفصل بين سلطتها (التشريعية والقضائية و التنفيذية).
– الليبرالية لا تقدس أحد من مفكريها ,ولا بتتبع افكاره لان الليبرالية تتجدد وتتطور مع الزمن ,وكل واحد منا ممكن ان ينتقد الآراء والافكار والمعتقدات الرسمية للدولة وللحكومة , وممكن الفرد ان يخترع طريقه جديده او يصل الى فكرة جديدة , له الحق انه يعرضها ويعبر عنها للمواطنين والحكومة من غير أي معارضة , ومن يحكم على الفكرة بالموت او الحياة هو قدرة فكرته على الاقناع من غير تخويف او إرهاب.
– الليبرالية تضمن ان الشعب يستطيع ان يستبدل او يغير او يطور أي قانون , إذا كان هناك اعتراض عليه من المواطنين واشتكى منه , والمساواة بين كل الناس واجب .
– الليبرالية تضمن بطريقة سلمية التداول السلمى للسلطة , وتمنع الاستبداد سواء استبداد الفكر او استبداد حاكم
– الليبرالية ليست ضد أي فرد ولا دين ولا فكر, والليبرالية تعادى وتمنع أي استبداد الحاكم والجماعة .
اشكال الليبرالية

1-الليبرالية السياسية : تومن بتعدد الاحزاب وتعدد الاديان , وبمعناها العام إن كل فرد في المجتمع حر, ومن حقه ان ينضم لأى حزب او طائفة اواي دين ودون ان تتعارض مع عادات وتقاليد المجتمع الذي يعيش فيه, وتومن بتعدد الآراء والافكار والاتجاهات , وان لكل فرد له الحق في الرأي والسياسية والفكر, طالما ضمن حدود الادب والاخلاق العامة في المجتمع الذي يعيش فيه ، وتؤيد النظام الديمقراطي والانتخابات للحصول على السلطة و تداولها, ولهذا تسعى الليبرالية إلى وضع القيود على السلطة والحكومة المنتخبة وتقليل من دورها ، وتوسع الحريات المدنية, وتقوم على أساس علماني يعظم الإنسان ، ويرى أن الفرد مستقل بذاته في إدراك احتياجاته .
2-الليبرالية الاقتصادية
النظام الاقتصادي الليبرالي يقوم على فكرة عدم التدخل في السوق والبيع والشراء وفتح السوق الحر العالمي وخصوصا الدولة ، الا للضرورة القصوى لمنع الاحتكار والتغول على المواطنين, وانقاذ الاقتصاد في حالة حدوث مشكلة اقتصادية .
الليبرالية الاقتصادية تؤمن ان كل فرد له الحرية في البيع و الشراء حسب قوانين الدولة, وكل تعمله الدولة هو مراقبه الاقتصاد والتأكد من ان كل شيء موجود ومتوفر وقانوني حسب الانظمة والتعليمات , والفكر الاقتصادي مثل كل افكار الليبرالية يتغير ويتطور مع الوقت ويختلف من بلد لأخر .
3-الليبراليه والديموقراطيه
الليبرالية تومن بالديمقراطية وتؤيدها , وتطالب ان تكون افكارها مشتركة مع الديموقراطية , والليبراليون يطالبون ان الناس بالتعبير عن آرائهم بمنتهى الحرية والوضوح , وان يختارو من يمثلهم في البرلمان والحكومة ويرسم لهم المستقبل المنير, ويحترم آرائهم وافكارهم ومعتقداتهم ، وأي تغيير في رأى الناس يغير الاتجاه صاحب الاغلبية , وتتغير الحكومة وتكون الإدارة والسلطة في إيدي الاتجاه الجديد او تحالف الاتجاهات اللي اخدت أغلبية أصوات الناخبين، وبالطريقة السلمية يتم نقل السلطة للأغلبية الجديدة .
4-الليبراليه والدين
الليبرالية تطلب ان لكل فرد حر في اختيار دينه او مذهبه من غير تدخل من الدولة اواي جهة او جماعات دينيه. والدولة يجب ان تحترم الدين بكل اشكاله , وتعامل المواطنين كلهم على اساس واحد , وعدم التفرقة بين المذاهب والاديان ,وان رجال الدين ليس لهم دعوه بالسياسة الا بصفتهم مواطنين عاديين لهم كل الحقوق مثل أي مواطن عادى, ولا يجوز لأي جهة دينية ان تحارب احد بسبب افكاره او معتقداته، لان ذلك انتهاك لحقوق الانسان .
الليبرالية الإسلامية
بعض افكار الليبرالية لا تتعارض مع الدين الاسلامي مثل الحرية والعدلة والمساواة واحترام حقوق الانسان و حرية العقيدة وكلها موجوده في الاسلام, بينما يرفضون استخدام الدين لأغراض السياسية , وتحويل الائمة والشيوخ الى سياسيين, لان المواقف والافكار السياسية تتغير في أي وقت واي مكان, والدين ثابت لا يتغير .
والليبرالية الإسلامية التي تأخذ من الإسلام ثوابته وكلياته ومقاصده، وتنطلق في الفضاء الليبرالي الفسيح، مجترحة من هذا وذاك حضورها الخاص. كما أؤكد أن مصطلح “الليبرالية الإسلامية” صحيح من حيث أصل الإجراء؛ لأن الليبرالية قادرة على احتضان المبادئ العامة للإسلام. كما أن الإسلام واسع ومتعدد القراءات، بل هو متنوعة تمتد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
إن الليبرالية الإسلامية لا تعني أكثر من تفسير الإسلام بأقصى ما تحتمله لغة نصوصه الأصلية، ومقاصده العامة، من آفاق الحرية و التحرر التي تؤكد حرية الإنسان من حيث هو كائن فردي الوجود، لا يتحقق واقعيا إلا كفرد حر. وأما كون الإسلام لا يخلو من قيود ومحرمات، فكل ليبرالية تموضعت في الواقع لم يكن تموضعها إلا في قوانين وأنظمة؛ وفقا لثقافة المجتمع الذي تتموضع فيه؛ حتى وهي تشد نفسها للتحرر من بعض تلك القيود المتمثلة في الأنظمة والقوانين.
نحن من يحدد طبيعة الإسلام الذي نتمثله. بإمكاننا أن نستخرج منه إسلاما خاصا منغلقا معاديا للحريات، بل ومعاديا للعالم أجمع، كما بإمكاننا أن نستخرج منه إسلاما منفتحا معززا للحريات ومتصالحا مع العالم، بل ومتفاعلا مع أهم مسارات التحرر الإنساني على مستوى العالم أجمع.
داخل الإسلام توجد خيارات كثيرة، إذا أنت اخترت ما يتقارب مع المبادئ الليبرالية العامة، فهذا يعني أنك تسير بالإسلام في مسار ليبرالي، أو تسير بالليبرالية في مسار إسلامي. أما القطعيات، فهي موجودة في كل دين وفي كل ثقافة مدنية ,ومع هذا؛ استطاعت الليبرالية أن تحتضنها بمرونتها وبانتقائها لأفضل خياراتها التأويلية التي تحقق حرية الإنسان، ومن ثم خيْريّة الإنسان.
وفي الختام الليبرالية هي مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في الميدانين الاقتصادية والسياسية يطبق في البلاد التي لا يوجد ها الدين الاسلامي كدين رسمي للبلاد , والبلاد الاسلامية تطبق الدين الاسلامي الذي يضم الديمقراطية والليبرالية والشيوعية , وكل افكار القرن الحادي والعشرين ويصلح لكل زمان ومكان, ويصلح لكل الشعوب بعض النظر عن اللون او المنطقة او البلد التي هو بها , وخير مثال قيام الدولة الاسلامية في العصور الوسطى وانتشارها في كل بقاع الارض وعم الخير والسلام على البشرية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة