الاحتلال يعلن الحرب على “الأونروا”.. وأبعاد خطيرة لقرار إنهاء وجودها
أعلن الاحتلال الحرب على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” لإنهاء وجودها، وتصفية قضية اللاجئين، بقرار حظر أنشطتها وعملها في القدس المحتلة، ضمن سياسة تهويد المدينة والسيطرة عليها، مما أثار ردود فعل دولية متواصلة للتنديد به والمطالبة بإلغائه.
وتحمل خطوة الاحتلال أبعاداً خطيرة؛ إذ يهدد القرار مصير “الأونروا” في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يؤدي إنهاء عملها وإغلاق مقراتها إلى التأثير بشكل مباشر في مركز الوكالة بحي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وما تديره من المدارس والعيادات، وما تقدمه من خدمات تعليمية وصحية واجتماعية لحوالي 200 ألف لاجئ فلسطيني في المدينة ومحيطها.
كما يحرم قرار الاحتلال، الذي تأطر بقانون صدر عن “الكنيست” الصهيوني، أكثر من 650,000 طفل وطفلة هناك من حقهم في التعليم، مما يعرض جيلا كاملا من الأطفال الفلسطينيين للخطر.
وبتبني الكيان المحتل، برلماناً وحكومة، للقرار، فإنه بذلك خرق الاتفاقية الموقعة مع الوكالة الأممية والتي يلتزم الاحتلال بموجبها بتسهيل مهام عمل “الأونروا” وحماية مقراتها وضمان حرية تنقل طواقمها ومنحهم الحصانة المُيسّرة لعملهم، كما يخالف القرار الدولي 194 الذي ينص على وجوب استمرار الوكالة بعملها إلى أن يتم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين.
ويترتب على قرار الاحتلال إجراءات عملية؛ حيث ستسارع حكومة الاحتلال لمنع “الأونروا” من العمل داخل الكيان المُحتل وفي مدينة القدس المحتلة، والإيعاز إلى شرطة الاحتلال بالعمل على تنفيذ الحظر عبر إغلاق مكاتب الوكالة ومدارسها في القدس وأحيائها.
ويؤدي ذلك إلى تنفيذ قرار إخلاء “الأونروا” من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإلغاء عقود التأجير في “حي الشيخ جراح” و”كفر عقب” ومخيم شعفاط للاجئين الوحيد في القدس المحتلة، مما ستترتب عليه تداعيات خطيرة تطال 110 آلاف لاجئ فلسطيني في القدس، كما تطال مدارس وعيادات ومراكز الإغاثة التابعة للأونروا.
وقد مهدّ الاحتلال للقرار بخطوة استباقية نفذها قبل أيام عند الاستيلاء على الأرض المقام عليها مقر “الأونروا” في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، وتحويل الموقع إلى بؤرة استعمارية تضم 1.440 وحدة استيطانية قبل التصويت النهائي على مشاريع القوانين من “الكنسيت” الصهيوني.
ونتيجة لذلك؛ ستعطي القوانين العنصرية الضوء الأخضر لجيش الاحتلال في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، أسوة بقطاع غزة، إلى استهداف منشآت “الأونروا” خلال عمليات الاجتياح للمخيمات الفلسطينية، وإطلاق العنان للمستوطنين للاعتداء عليها وعلى موظفيها، كون القرار يرفع الحصانة الدبلوماسية عنهم.
إذ تنسحب خطورة قرار الاحتلال على سحب الامتيازات والحصانات الممنوحة لـ”الأونروا”، من موظفين ومقرات ومنشآت، وعدم التعاطي معها وسحب تصاريح موظفيها وتجميد حساباتهم المصرفية، مما سيلقي بظلاله القاتمة على وجود “الأونروا” وعلى وضع مدينة القدس المحتلة، في ظل مساعي الاحتلال المتواترة للتضييق على المقدسيين وإجبارهم على المغادرة.
ومن شأن ذلك أن يضع “الأونروا” في أزمة مالية حرجة، إذ ستجد صعوبة في تحويل أموال المانحين وصرف رواتب موظفيها مستقبلاً.
ولن يقتصر تهديد الاحتلال للأونروا على مدينة القدس المحتلة فقط، بل سيمتد لاحقاً ليطال ما تقدمه الوكالة من خدمات أساسية حيوية في 19 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما يهدد مستقبل التعليم والخدمات الصحية والمجتمعية والبنى التحتية، وفق تصريح لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، أحمد أبو هولي.
ويأتي ذلك في ظل الاستهداف الصهيوني المتعمد لمدارس الوكالة ومقراتها ومراكز الإيواء التابعة لها في قطاع غزة، في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال شنّها ضد القطاع.
وحذر أبو هولي، في تصريحات له أمس، من أن الاحتلال يسعى من خلال القرار إلى إلقاء أعباء 6 ملايين لاجئ فلسطيني على كاهل الدول المضيفة، الأردن ولبنان وسورية، بمعنى أن تتحمل تلك الدول كل المسؤولية عن مجتمع اللاجئين بعد تجريد الوكالة من هذه المهمة، وهذا يعني محاولة توطينهم في أماكن وجودهم، أو دفعهم إلى هجرة جديدة بوضعهم أمام حياة مستحيلة مادياً وخدماتياً.
بدوره، دعا نائب رئيس حركة “فتح”، محمود العالول، المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لإلزام الاحتلال بإلغاء القانون، محذراً من تداعياته السلبية على دور “الأونروا” في قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس.
وأكد أن “القانون يعكس نية الاحتلال الممنهجة لإنهاء دور “الأونروا” واستبدالها بوكالات أخرى، في خطوة تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإلغاء حقهم في العودة”.
وأضاف: أن “حق اللاجئين في العودة مكفول بالقانون الدولي، ولا يمكن إسقاطه أو تجاوزه بالإجراءات الإسرائيلية”.
وأشار العالول إلى أن “القانون يشكل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، واعتداءً على وكالاتها ومنظماتها، ويتعارض مع القرارات الدولية ذات الصلة بحماية المؤسسات الأممية ومنشآتها، وعلى رأسها قرار تأسيس “الأونروا” رقم 302، والقرار الأخير لمجلس الأمن الذي يدعو إلى حماية المؤسسات الإنسانية والعاملين فيها”.
ونبّه إلى أن “خطوة الاحتلال، تهدد الحلول السياسية الممكنة، وتقوّض السلام والأمن الإقليميين، كما تمسّ حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وتعرقل الجهود الإنسانية التي تلعب “الأونروا” دوراً رئيساً فيها، في أماكن عملها”.
ودعا العالول “المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم لإفشال مخططات الاحتلال، الرامية إلى تقويض ولاية الأونروا”، مطالباً “الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بدعم “الأونروا” سياسياً ومالياً لضمان استمرار عملها، وأن “حماية ولاية “الأونروا” تتطلب تحركاً دولياً عاجلاً، لحين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 194″.