موسم الزيتون.. فرص عمل مؤقتة تعين أسرا على متطلبات الحياة
– ما إن بدأ موسم قطاف الزيتون حتى جمع محمود نادر أبناءه الدارسين في الجامعات وطلب منهم تقسيم ساعات يومهم في هذه الفترة ما بين المحاضرات وبين مساعدته في قطف ثمار زيتون مزارع تعهدها في المنطقة التي يسكن بها مقابل أجر في نهاية الموسم.
محمود الأب لثلاثة أبناء، اثنان منهم على مقاعد الدراسة الجامعية والثالث يعمل في محل تجاري، تقاسموا ساعات العمل معه في قطاف الزيتون إلى حين انتهاء العمل، حيث يحصل كل منهم على أجر في هذه الفترة مقابل قطف كل “شوال” من الزيتون يمكن مجموعها من توفير جزء من مصاريفه لفصل دراسي واحد على الأقل.
ويوضح أنه اعتاد على تعهد مزارع في موسم الزيتون منذ عدة سنوات، ويتقاضى من هذا العمل دخلا مؤقتا في هذه الفترة، إضافة إلى أنه يحصل على بعض حاجاته الاستهلاكية من الزيت والزيتون والصابون.
وبدأ موسم قطاف الزيتون في المملكة مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي ويستمر حتى نهاية كانون الأول المقبل، وفقا لوزارة الزراعة، التي أشارت إلى أنه من المتوقع وصول إجمالي إنتاج ثمار الزيتون لهذا الموسم إلى 175 ألف طن.
وتشير تقديرات الوزارة إلى أن نحو 143 ألف طن من هذه الكمية ستُخصص لعصر الزيتون بهدف إنتاج الزيت لإنتاج ما يقارب 26 ألف طن من زيت الزيتون وسط توقعات بأن يبلغ الطلب المحلي على زيت الزيتون حوالي 25 ألف طن.
حال محمود مثل حال العديد من الأسر والأفراد الذين يترقبون هذا الموسم للعمل فيه على غرار العديد من المواسم التي توفر فرص عمل مؤقتة تصنف ضمن الاقتصاد غير الرسمي في المملكة.
وتشير دراسة محلية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني في عام 2021 إلى أن حجم هذا الاقتصاد محليا تراوحت نسبته على مدى السنوات الماضية حول ما يعادل 15 % من الناتج المحلي الإجمالي.
خالد حسين وهو صاحب مزرعة زيتون يقول إنه اعتاد كل عام على تشغيل عدد من الشباب في قطف ثمار الزيتون وتجميعها ونقلها للمعصرة مقابل أجر يتفق عليه مقابل كل كمية يتم قطفها، كما يوظف خالد سيدة أو اثنتين من أبناء المنطقة في هذه الفترة للمساعدة في أعمال جانبية واعداد الطعام للعاملين.
ويقول خالد إنه يوظف بعض العمال لتصنيع منتجات من المحصول مثل الصابون، إضافة إلى الجفت الذي يباع كمصدر للتدفئة أو في تصنيع منتجات أخرى.
في هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إن العمل في موسم الزيتون يعد موسما رئيسيا ويمكن أن يصنف ضمن الاقتصاد غير الرسمي أو ما يعرف بـ”اقتصاد الظل الإيجابي”، الذي يوفر مصدر دخل لكثيرين يعملون فيه لفترة محدودة.
ناهيك أيضا عن الفرصة التي يوفرها هذا الموسم لأصحاب المزارع لسداد التزامات أجلوها لحين وقت القطاف وبيع المحصول.
ويقول الخبير في الاقتصاد السياسي زيان زوانة إن هذا الموسم يوفر فرص عمل مؤقتة في عدد من القطاعات ذات العلاقة إلى جانب القطاف، مثل العصر والنقل والحفظ ومصانع التنك والبلاستيك، ويوفر للأسر دخلا مرتبطا بالموسم.
ويضف زوانة أن لهذا الموسم أيضا دلالات اجتماعية حيث كان الأطفال سابقا يتغيبون عن الدراسة للمساهمة مع ذويهم في موسم القطاف، عدا عن ارتباطه بمنتجات أخرى.
وتشير آخر بيانات دائرة الإحصاءات العامة، إلى أن عدد المعاصر في الأردن يبلغ 146 معصرة في 2023، وآخر النتائج لمسح المساحات الزراعية الذي أجرته دائرة الإحصاءات العامة بينت أن مجموع المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في المملكة بلغت 578.4 ألف دونم في عام 2023، واحتلت فيها إربد المرتبة الأولى بمساحة بلغت 164.5 ألف دونم.