سوق “الجمعة” في مادبا.. خيارات متنوعة تلبي القدرات الشرائية “الخجولة”
عاد سوق الجمعة الذي يقع شرق مدينة مادبا، لاستقبال رواده من كل حدب وصوب من الباحثين عما هو رخيص ونادر، بعد أن تم إغلاقه أكثر من عام ونيف وقائياً واحترازياً، بسبب جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على المشهد العام في البلاد والعالم.
ويمتد سوق الجمعة الذي أنشأته بلدية مادبا الكبرى منذ سنوات عدة على مساحة 10 دونمات؛ حيث يباع فيه كل ما يخطر على بال مرتاديه، من المواد الغذائية والتموينية، وأصناف الخضار والفواكه كافة، وأدوات منزلية وكهربائية جديدة ومستعملة على درجات متفاوتة يرجع صنع بعض منها إلى عشرات السنين، إضافة إلى الهواتف المحمولة المختلفة، والملابس الجديدة والمستعملة، والأحذية والأدوات الصحية وأدوات المطبخ “الطهي”، والطيور، وأدوات الزينة البيتية والزراعية، والحيوانات الأليفة، والأدوات الطبية والرياضية، والإكسسوارات، والمنظفات، والحقائب، وأسماك الزينة، والأثاث والأدوات التراثية بأسعار رخيصة.
يغلب على السوق العشوائية والزحام، وخصوصاً عندما يتجول الزائر فيه، لن يجد اختلافًا كبيراً بين حال التجار والرواد، فجميعهم تجمعهم ظروف معيشية صعبة، أجبرتهم على التواجد في هذا المكان. بائع يبحث عن مصدر رزقه، وقوت يومه، ومُشتر لن يجد بضاعته إلا في هذا المكان بالسعر الذي يناسبه.
وما يلفت النظر في هذا السوق الحافل هو التواجد الكثيف للأغذية المعلبة، كالمربى، والتونة، والسردين، وزيوت الطعام، والسمن، بأسعار تقل كثيراً عنها بأماكن أخرى. ومن الأشياء اللافتة في السوق أيضا؛ أسماك الزينة المستوردة من الخارج، والأدوات الرياضية الخاصة باللياقة البدنية، والأجهزة الطبية؛ إضافة إلى زاوية الأثاث الجديد والمستعمل، والأدوات المنزلية، والأجهزة الكهربائية المستعملة، وأدوات المطبخ وغيرها من مستلزمات العرائس.
واعتاد الثلاثيني عدي العواد المجيء إلى السوق مرتين أو ثلاثا في الشهر، ليطلع على المعروضات من بضائع، وينتقي ما يناسبه مما يباع في السوق، مبينا “اعتدت المجيء للسوق لشراء المقتنيات التراثية من أدوات كـ”الدلة والمناظر النحاسية والسيوف والبسط وغيرها”، لأنني أستهويها منذ وقت طويل، ولا أجدها إلا في هذا السوق الذي يشكل جزءا من تاريخ المدينة”.
أما محمود الذي يشتري الساعات القديمة من بعض بائعي الخردة، ويقوم بإصلاحها وتلميعها وإعادة نضارتها، ويستخدمها لقيمتها وصناعتها المتينة، فيقول “أنا أحضر إلى السوق كل يوم جمعة، حيث أجد كل ما أرغب فيه، وبسعر زهيد”.
وتقول أم سعيد (من رواد هذا السوق من الميسورين)، ومن هواة الطيور النادرة، إنه في الغالب يتم إحضار هذه الطيور بناء على طلبات مسبقة، لأنها غالية الثمن، وقد يصل سعر بعضها إلى آلاف الدنانير.
الأسعار في هذا السوق، كما يقول أحد الباعة المتجولين، أقل بكثير من مثيلاتها في المحلات والأسواق الأخرى، وقد تصل نسبة انخفاضها إلى 50 % وأكثر من غيرها، ويبرر أحدهم، وهو يفترش الأرض ببعض العطور والكريمات والمساحيق، كثرة الزحام في السوق بانخفاض سعر السلع والبضائع، بصورة تناسب قطاعا عريضا من البسطاء والفقراء.
في السوق، يقف البائعون الذين يملكون بسطات أمامها، وينادون على المارة، ليعرضوا عليهم بضائعهم، وما يناسبهم بأسعار منخفضة وبحسب النوعية التي هي أقل منها في الأسواق والمحلات التجارية، بحسب أحد باعة البسطة في السوق رفض ذكر اسمه، قائلا “في السوق أسعار البضاعة مناسبة وفي متناول الجميع”، إلا أنه لا ينكر في السياق نفسه أن هناك أسعارا متفاوتة في بعض أنواع البضائع المعروضة، لكنها أقل بكثير من أسعار المحلات التجارية، بخاصة الأدوات الكهربائية والصحية.
في زاوية أو ركن من أركان السوق، يقف الأربعيني سالم محمد يتوكأ على قفص حديد سلكي به أرانب وقفص آخر فيه مجموعة من الدجاج والديوك والحبش والبط والوز قام بتربيتها منذ فترة، منتظراً فتح سوق الجمعة بفارغ الصبر حتى يتسنى عرضها للبيع، بعد انقطاع عن السوق أكثر من عام، وفق ما ذكره.
ولا يخلو بيع الكمامات من السوق، حيث يقف شاب لا يتجاوز عمره (15 عاما) حاملاً بيده مجموعة من الكمامات أمام عشرات المارة لحمايتهم من الإصابة بالأمراض الفيروسية، بأسعار زهيدة لتكون في متناول الجميع، وبكميات كبيرة، يتهافت عليه مرتادو السوق.
ويباع في أركان السوق الهواتف المحمولة، التي تشهد إقبالا من قبل المارة لوجود موديلات عدة، وبأسعار مناسبة.
ويرتزق العشريني محمد سلامة من مجيئه للسوق، حاملاً أقفاص العصافير والطيور؛ لعرضها من أجل بيعها للزبائن الذين طالما انتظروه، بعد غياب دام أكثر من عام.
ويؤكد أنه رغم ضعف الإقبال على اقتناء أو شراء العصافير، إلا أن الحمام البلدي الذي يستخدم في الأكل الأكثر إقبالاً للشراء على خلاف أنواع الحمام الأخرى مثل “النفاخة والفرنسي والباكستاني والأسترالي.. وغيرها”.
ويبيع العشريني محمد في هذا السوق عطوراً وأدوات تجميل تحمل ماركات عالمية شهيرة، تبدأ أسعارها من دينار واحد إلى 10 دنانير. وهذه الأسعار أقل بكثير من أسعارها في محلات العطور، حيث لا يلتفت الزبون إلى نوعية العطر، وكل ما يهتم به هو الرائحة الجيدة، والشكل الجذاب، والسعر الرخيص، بحسب قول أحد الباعة.
ويقول البائع الخمسيني أبو خالد، الذي يعرض المعلبات للبيع “إن الزبائن يتهافتون بالمجيء إلى بسطته التي أنشئت منذ أكثر 3 سنوات”، معللا “لجودة بضاعته التي تخضع لرقابة من قبل الجهات ذات الاختصاص”.
وعلى الرغم من انخفاض أسعار البضائع، إلا أن هذه الأسعار ليست نهائية، ويستطيع الزبون أن يفاصل فيها، ليأخذها بأسعار أقل، إذ تقول البائعة المتجولة أم سليم إن بضاعتها تلاقي اهتماماً واسعاً من مرتادي السوق الذين يجدون أسعارا مناسبة لدخلهم، وأقل بكثير من الأسعار في المحلات والمولات.
وفي هذا السياق، يقول صاحب إحدى بسطات بيع أقراص “السي دي” والإكسسوارات والخلويات محمد سليمان، إن هذه البضاعة هي مصدر رزقه الوحيد، الذي يعيل منه عائلته.
أحمد الشوابكة/ الغد
التعليقات مغلقة.