“روح الروح”.. الغائب الذي سيبقى حاضراً في ذاكرة الفلسطينيين
وسط أنقاض البيوت المهدّمة ورائحة الموت التي تعانق سماء غزة؛ انضم الداعية الفلسطيني خالد نبهان “أبو ضياء” إلى قافلة الشهداء، إثر قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط القطاع.
الرجل الذي أبكى الملايين بمقولته الشهيرة “روح الروح” وهو يحتضن حفيدته الصغيرة ريم للمرة الأخيرة عقب استشهادها؛ غادر اليوم الدنيا التي أثقلت قلبه بفقد الأحبة، وودعها بلقاء طال انتظاره مع حفيدته.
خالد نبهان.. الجد الذي رأى أكثر الناس لأول مرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 وهو يحمل جثمان حفيدته الطفلة ريم بين ذراعيه، وظهر بوجه متجعد ينبض بالحب رغم ألم الفقد.
“هذي روح الروح”، قالها وهو يحتضن جثمان حفيدته الذي لم يعد يبتسم.. لم تكن الكلمات مجرّد وداع، بل كانت شهادة على حجم المأساة التي تعيشها غزة، فحفيدته وشقيقها طارق ارتقيا حين استهدفت غارة إسرائيلية منزلًا قريبًا منهم، ما أدى إلى انهيار منزلهم عليهم.
رجل الخير والقلوب الرحيمة
لم يكن خالد نبهان مجرد رجل يعاني في صمت.. فمنذ استشهاد حفيدته، كرّس حياته لما تبقى من أطفال غزة الذين يعانون تحت نيران الحرب.
وكان “روح الروح” كما أصبح يُطلق عليه، يُعرف بين سكان النصيرات بطيبة قلبه وحرصه على مساعدة الأطفال النازحين، حيث وزّع الملابس الشتوية عليهم في شتاءٍ قاسٍ لفّ غزة ببرودته وجراحه.
وحتى القطط الضالة؛ وجدت نصيبًا من اهتمامه، إذ شوهد في مقاطع مصورة يطعمها ويعتني بها، وكأن قلبه المتعب لم يستطع إلا أن يمنح الحنان لكل مخلوق ضعيف.
صوت غزة الذي لا يموت
في يناير الماضي؛ انتشرت شائعات عن استشهاده في قصف سابق، لكنه خرج حينها ليطمئن محبيه بأنه بخير.
واليوم؛ لم يكن هناك مجال لتصحيح الخبر، فقد تحقق القدر، وارتقى “أبو ضياء” شهيدًا كما ارتقت حفيدته من قبله.
وبرحيل الداعية الشهيد؛ يخسر قطاع غزة وجهًا إنسانيًا نابضًا بالحياة، لكنه يترك خلفه إرثًا من الصمود والكرامة.. إنها حكاية شعب يعيش على حافة الموت لكنه لا يتوقف عن الحب، حتى في لحظاته الأخيرة.
وأثار استشهاد نبهان ردودا واسعة بين النشطاء، الذين استعرضوا مآثره، ودارت عباراتهم بين الحزن لفقدان هذا الرجل الطيب، والفرح بنيله الشهادة، وتحقيق أمنيته بلقاء حفيدته “روح الروح”.
وكالات