المستجير بأمريكا عند كربته ، كالمستجير من الرمضاء بالنار// نايف المصاروه
مُستَجير: (اسم) فاعل مِن اِسْتَجَارَ.
جَاءَ مُسْتَجِيراً بِهِ : مُسْتَغِيثاً بِهِ، مُلْتَجِئاً إِلَيْهِ.
واما الكرب فهو الشدة والضيق الشديد.
وأما الرمضاء، شدةُ الحر/ والرَّمْضَاءِ، الأرضُ أو الحجارة التي حَمِيَت من شدَّةِ وَقْع الشمس.
وأما أمريكا او الولايات المتحدة الأمريكية، هى دولة تقع في النصف الجنوبي من أمريكا الشمالية، وتمتد من المحيط الأطلسي شرقًا إلى المحيط الهادئ غربًا، وإلى الشمال من المكسيك وإلى الجنوب من كندا،وتضم أيضًا، ألاسكا وجزر هاواي.
وهي الدولة الرابعة من حيث المساحة بعد روسيا وكندا والصين، كما انها الدولة الثالثة من حيث عدد السكان بعد الصين والهند.
وأما المستجير بعمرو عند كربته.. كالمستجير من الرمضاء بالنار، فهذا المثل ، الذي اورده التــِّـــكـــــلام الضــُّــبَـــعِـي، او المُتـَـلمِّس الضبعي، و” التــِّـكلام ” لقبٌ له فيما أرجح ؛ ذكر ذلك البكري ، قال : ” أصل هذا المثل ، أنَّ البَسوس بنت يعد خالة جسَّاس بن مرَّة كان لها جار من جَرْم، يقال له سعد بن شمس، وكانت له ناقة يقال لها سَرَاب، وكان كليب بن وائل قد حمى أَرضاً من أرض العالية في مستقبل الربيع، فلم يكن يرعاها أَحد إلاَّ جسَّاس لمصاهرة بينهما، لأنَّ جليلة بنت مرَّة أُخت جسَّاس، كانت تحت كليب، فخرجت ناقة الجرمي ترعى في حمى كليب مع إبل جسَّاس، فأَبصرها كليب، فأنكرها، فرماها بسهم فأصاب ضَرْعها، فولَّت حتَّى بركت بفناء صاحبها وضرعها يشخب لبناً ودماً، فلمَّا نظر إليها صاح: واذُلاّه وذلّ جاراه، فخرجت جارته البَسوس، فلمَّا رأت الناقة ضربت يدها على رأسها وصاحت: واذُلاّه، فسمعها جسَّاس فقال: اسكتي أيَّتها المرأة فليقتلنّ جمل عظيم هو أعظم من ناقة جارك.
ولم يزل جسَّاس يتوقع غِرَّةَ كليب، حتَّى خرج كليب لا يخاف شيئاً، فتباعد عن الحي، وتبعه جسَّاس ومعه عمرو بن الحارث، فأدرك جسَّاس كليباً فطعنه بالرمح فدق صلبه فأنفذه، ثمَّ أدركه عمرو بن الحارث، فقال: يا عمرو أغثني بشربة ماء، فقال له عمر : تجاوزتَ شُبَيْباً والأحصَّ، يعني موضع الماء، وأجهز عليه، ونشبت الحرب بن بكر وتغلب أربعين سنة
دلالة المثل “كالمستجير من الرمضاء بالنار” كمن يطلب العون والمساعدة والنجدة، في المحن والكرب والأزمات ،من غير اهل النجدة والعون، ويتحولون فجأة الى طبع الخسة والدناءة ، بعد ان كانوا الحلفاء والعون في وقت الحاجة والنوائب .
أعود لأذكر بأمريكا، او الولايات المتحدة الامريكية، بالبحث.. تقول الروايات انه في القرن السادس عشر، شكلت الضرائب المفروضة على المستعمرات الانجليزية ، سبباً مباشراً لاشتعال الثورة الأمريكية، إذ تمسكت الحكومة الإنجليزية بحقها في فرض الضرائب على مستعمراتها بهدف زيادة دخل الخزينة.
إلا أن الأمريكيين كانوا يرون أنهم غير ملزمين بدفع أية ضريبة لم يشاركوا في إقرارها عن طريق مجالسهم المنتخبة.
ولم يستمر الوفاق بين الأمريكيين والبريطانيين طويلاً، بسبب استياء وتمرد الامريكيين ، وردا على ذلك ارسلت بريطانيا قواتها إلى كل من بوسطن ونيويورك، حيث قتلوا العديد من الامريكيين ، فيما سُمي بمذبحة بوسطن التي رد عليها الأمريكيون بالإحتجاج المعروف “ببوسطن تي بارتي”.
فعاقبت بريطانيا المتمردين بإغلاق ميناء بوسطن، وزيادة سلطة الحاكم البريطاني.
وفي يوليو من عام 1776م أعلن المجلس القاري الرابع الإستقلال عن بريطانيا، مكونا الولايات المتحدة الأمريكية، واستمرت بعد ذلك الحرب الطاحنة بين الأمريكان وبريطانيا، حتى انتصر الأمريكان في عام 1781م في معركة يوركتاون بفرجينيا.
ثم وقَّع الطرفان معاهدة فرساي في عام 1783م وكانت بمثابة إعلان نهاية الثورة الأمريكية.
وفي عام 1787 وقع المندوبون من جميع الولايات المتحدة على اتفاقية دستور البلاد التي تم التصديق عليها في سنة 1788م.
في عام 1803 قامت الولايات المتحدة بشراء مقاطعة لويزيانا من فرنسا، وبلغت مساحة الأراضي المشتراة في تلك الصفقة حوالي 2،144،476 كلم مربع، المساحة المشتراة تعادل 22.3% من مساحة الولايات المتحدة الحالية.
وتشمل على أجزاء أرض من الولايات التالية: أركنساس، ميسوري، آيوا، مينيسوتا، داكوتا الشمالية، داكوتا الجنوبية، نبراسكا، نيومكسيكو، تكساس، أوكلاهوما، كانساس، مونتانا، وايومنغ، وكولورادو.
بدأ الأمريكان في التوسع غربا واستكشاف مناطق جديدة، وقد ساهم في ذلك الإعتقاد الشائع لدى المواطنين، أن الجمهورية مقدر لها أن تتسع غربا وأن ذلك واجب وطني عليهم.
خلال عملية التوسع ، قامت الحكومة الفدرالية بتهجير وإعادة تسكين غالبية السكان الاصليين من الهنود الامريكيين.
ويعد سكان الولايات المتحدة من أكثر سكان العالم تنوعًا من حيث أصولهم؛ إذ ينحدر أجدادهم من مختلف أقطار العالم.
أما السكان الأصليون الذين كانوا يعيشون فيها، فهم الهنود الحمر والإسكيمو والهاواييون.
تعد الولايات المتحدة في العصر الحديث ، من أقوى دول العالم اقتصاديا وصناعيا ، واسرعها تطورًا وإنتاجية، فلايوجد نظيرا لها في مجال إنتاج السلع وتوفير الخدمات، كما أن إرتفاع مستوى دخل المواطن الأمريكي، يعد من أعلى مستويات الدخل في العالم.
كما تعد أمريكا الدولة الأولى الأقوى عسكريا، والأكثر نفوذا و تأثيرا سياسيا، كما انها من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن، ومن الدول السبع الكبار صناعيا ، وعضو بارز في الإتحاد الاوروبي، وفي حلف الناتو او شمال الاطلسي، وتمتلك سلسلة من القواعد العسكرية في معظم دول العالم الحليفة والصديقة .
كل ذلك جعل من أمريكا أن تكون شرطي العالم الاول، الحسيب بلا رقيب ، الذي يتحكم في القرارات الدولية ومصير الدول، فتفرض العقوبات الاقتصادية على من يعاندها او يرفض ارداتها.
وتغدق عطاياها على من يواليها ويصمت على دكتاوريتها.
في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، ورغم واقع الاحتلال لفلسطين وتهجير اهلها وارتكاب المذابح والمجازر بحقهم ، سارعت أمريكا للإعتراف بإسرائيل عام 1948.
وفي عام 1967 إبان الحرب العربية الإسرائيلية، تدخلت أمريكا بشكل مباشر لصالح إسرائيل ضدّ العرب، حيث ساهمت آنذاك واشنطن في دعم العدوان الإسرائيلي عسكريا واقتصاديا.
وفي العام 1978، جرت «معاهدات كامب دافيد» بين مصر وإسرائيل كثمرة لجهود هنري كسينجر في ترسيخ سياسة «عرْبَنة الصراعات»، عن طريق الضغط على العرب لتوقيع المعاهدات الثنائية مع إسرائيل قبل إنهاء احتلالها لكل الأراضي العربية أو استعادة حقوق الشعب الفلسطيني.
بعد ذلك بدأت بعض الوكالات الأمريكية، وتحت غطاء الدعم والمساعدات الإنسانية، فمنحت قروض مالية غير مستردة، الهدف منها زراعة الأراضي الزراعية بالزيتون والأشجار المثمرة الأخرى والتوقف عن زراعة القمح، وبعد ان كنا منتجين ومصدرين، اصبحنا مستوردين ومستهلكين لأردى انواع القمح!
وبرعاية امريكا وفي عام 1994 أعلن عن توقيع اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل ، لتكون الدولة العربية الثانية بعد مصر .
السؤال.. للعرب الذين طبعوا مع الصهاينة.. هل التزمت اسرائيل بالمواثيق، في شأن المقدسات والمياه بشكل خاص؟
وفي واشنطن عام 1995، تم التوقيع على اتفاق اوسلوا المشؤومة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتضمنت الاتفاقية تنازلا فلسطينيا صريحا عن اغلب الاراضي الفلسطينية، كما تنازلت عن السيادة، وقبلت بولادة دولة سباعية منزوعة السلاح.
والسؤال، هل نفذت اسرائيل قرارات مجلس الامن 242و 383، وهل أعادت الحقوق للشعب الفلسطيني؟
بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، وبحجة مكافحة الإرهاب أغارت أمريكا على أفغانستان، للقصاص من ابن لادن، ولتقليم اضافر حركة طالبان، حليف الأمس ، وبعد ان كانت افغانستان، دولة تحكمها الشريعة والقانون، تحولت إلى دولة تعيش على هامش الإرهاب، وقارعة الدمار والخراب.
وبعد سنوات من الحرب، أعلنت أمريكا وحركة طالبان عن الدخول في مفاوضات السلام.
والسؤال.. لماذا الحرب والدمار إذا؟
ثم تخرج امريكا من افغانستان، وتتركها تصارع الإرهاب وحدها!
والسؤال أيضا، هل كانت حرب امريكا على الارهاب، أم حرب على استقرار افغانستان وامنها وعقيدتها الاسلامية بالذات ؟
وبعد ذلك وفي عام 2003،وبالتواطئ مع بعض الأعراب، وبحجة الامن الدولي؛ وبدعوى الحرية والديموقراطية، اغارت أمريكا بأجنادها واجناد غيرها على العراق، فاسقطت النظام الحاكم،فعاش العراق سنوات من الدمار والخراب، وتكالبت عليه قوى الشر والطغيان، وبعد ذلك يكتشف ويكشف عن خطأ في التقدير والتقرير، ويتبين ان العراق لم يكن يملك أية اسلحة تهدد الأمن الإقليمي، وامن اسرائيل بالذات.
وبالتواطئ ايضا مع الفرس، يعيش العراق اليوم واقع الطائفية وفتنة الاحتراب.
ومع ان العراق يعتبر ثاني دولة في العالم من حيث احتياطي النفط على مستوى العالم ،اصبح اليوم مثقلا بالديون التي تتجاوز مئات المليارات، واكثر تلك الديون هي لأمريكا!
وبعد سنوات من الدمار والإرهاب في العراق، تلملم امريكا امتعتها واسلحتها لترحل، تاركة خلفها ارثا ثقيلا من الويلات، وكثيرا من دعوات الامهات والاباء والابناء الذين فجعوا بمن فقدوا، دعواهم في كل صباح اللهم رب الأرباب دمر من دمرنا، آآآمين.
والسؤال هل الغزو الأورو صهيو امريكي للعراق، كان للدفاع عن الامن والسلم الدولي، ام كان لتأسيس واقع جديد في الشرق الاوسط؟
أم لإستصال شأفة القوة واليقضة عند بعض العرب؟
والسؤال الاخر، هل تعلم العرب الدروس من تجارب الامس؟
قبل أعوام مضت، وبعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة الامريكية، وبعد حضوره القمة الإسلامية، تكالب بعض العرب على قطر، وتم عزلها عن محيطها الخليجي ، وفرضت عليها مقاطعة اقتصادية، لم تلغى إلا بعد أن سقط ترامب في الانتخابات مؤخرا!
والسؤال لماذا يختلف العرب اهل اللغة والجغرافيا والعادات و الدين الواحد، ولماذا يتقاطعون، ومن من المستفيد من كل ذلك؟
هل تذكرون قصة، أكلت يوم اكل الثور الأبيض؟
لكل ما سبق أعلن ترامب عن صفقة القرن!
وبدأت جولات التفاوض والتنازل، وصال ترامب وجال في ربوع العرب ، وعلى قاعدة من ليس معي فهو ضدي!
فمنح ما هو ليس من حقه، إلى من لا يستحقه، فاعترف بالقدس المحتلة كلها عاصمة للصهاينة ، ثم اعقبها بمنحهم الجولان المحتلة أيضا !
ولم يكن في مواجهة ذلك إلا التنديد والشجب والاستنكار، والتغريد بالرفض والشعور بالقلق!
ولما لا يفعل ذلك ترامب وغيره، واصحاب الحق بعضهم يقتل بعضا، او نائمون، او جبناء لا يقاومون او يستطيعون قول.. لا!
بل إنهم بعد ذلك وبأمر من ترامب تسابقوا للتطبيع والسلام مع الصهاينة، لنيل رضىاه بسخط الله، فطبعت ووقعت الإمارات واوغلت… ، ثم تلتها البحرين ثم السودان، وكان آخر السرب.. المغرب، التي تحمل صندوق القدس!
وأثناء الحرب الاسرائيلية الاخيرة على غزة، وفيما كانت الطائرات الصهيونية، تقصف الأبراج وتردمها ، وتهدم البيوت على ساكنيها، أعلنت امريكا عن وقوفها الى جانب اسرائيل وحفظ امنها، وأعلنت عن بيع عتاد واسلحة لإسرائيل.
وفيما كان بعض الأعراب يرسلون سفنهم التجارية وناقلات نفطهم للموانئ الصهيونية، ويعلنون عن دعمهم للاقتصاد الصهيوني، من خلال الإستثمار المباشر الذي تجاوز اكثر من عشرة مليارات دولار، تئن غزة تحت وطأة الدمار، كما تئن لبنان تحت واقع الانكسار والإنهيار.
ورغم تمرد الحوثيين على الشرعية في اليمن، وإعلانهم جماعة ارهابية من قبل امريكا ، وبعد ذلك يلغى ذلك القرار ، وإعلانهم مكون رئيسي وطرف من اطراف التفاوض واحلال السلام!
كم يتكرر في حياتنا… فرق تسد، وأكلت يوم اكل الثور الأبيض، ومع ذلك لم نتعلم الدروس!
وفيما تزداد العلاقات الامريكية الايرانية توترا وتعقيدا ظاهريا، تفتح الاجواء والحدود العربية المائية والبرية ، لكل انواع الاسلحة الأمريكية ، وتشاركها اسرائيل في ارسال غواصات لحفظ امن الخليج العربي!
والسؤال ايضا.. أين الأسلحة التي تشترى بمئات المليارات، ومنذ اكثر من عشرين سنة على الاقل، لم تطلق منها قذيفة واحدة على العدو الحقيقي الذي اصبح حليفا.
وأخيرا.. .. الرئيس الاسرائيلي ريفلين ، واثناء زيارته للبيت الأبيض مؤخرا، أخبر بايدن بأن مديرة مكتبه رافيتز، تنتمي لطائفة الحريديم اليهودية المتشددة، وأم لـ12 طفلا، فما كان من بايدن إلا أن انحنى تقديرًا لها.
وفي بلاد العرب والمسلمين تظهر وتتكرر الدعوات لتنظيم الأسرة، وتمنح لذلك عطايا وجوائز، بعضنا يعرفها!
وتلوح في الافق أزمات بين بعض العرب وتتجدد ، وتظهر الفتن على قاعدة فرق تسد مجددا، وتنقل امريكا بعض قواعدها إلى الأردن!
الله يسترنا ويحفظنا من القادم!
والسؤال الأخير، متى يستيقظ العرب، ويحمون أراضيهم وممتلكاتهم وأعراضهم بأنفسهم؟
ومتى سيسابقون في مجالات المجد والعلى، كما كان الاسلاف؟
ومتى سنعرف صديقنا من عدونا؟
ومتى سنتوحد اقتصاديا وسياسيا وامنيا وعسكريا، ونكون الولايات العربية الاسلامية المتحدة؟
ومتى سنعي ونعرف تماما أن المستجير بأمريكا عند كربته ، كالمستجير من الرمضاء بالنار؟
اللهم ولي أمورنا خيارنا، ولا تولي امورنا شرارنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
التعليقات مغلقة.