الهنانده يكتب : تعريب قيادة الجيش قرار سيادي رسّخ الاستقلال وبنى المستقبل

بقلم: الأستاذ الدكتور فراس الهناندة – رئيس جامعة عجلون الوطنية
في الأول من آذار من كل عام، نستذكر بكل فخر واعتزاز حدثًا وطنيًا مفصليًا في تاريخ الأردن، ألا وهو تعريب قيادة الجيش العربي الأردني، الذي يصادف هذا العام الذكرى الـ 69 على اتخاذه. هذا القرار التاريخي الذي اتخذه جلالة الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، عام 1956، لم يكن مجرد خطوة عسكرية، بل كان إعلانًا واضحًا عن استقلالية القرار الأردني، وترسيخًا لسيادة الوطن على مقدراته ومؤسساته.
لقد جاء قرار التعريب في مرحلة حساسة من تاريخ الأردن، حيث كانت القيادة العليا للجيش تحت إشراف الضباط البريطانيين، وعلى رأسهم الجنرال جون باغوت كلوب (كلوب باشا). ومع تصاعد الوعي القومي ورغبة القيادة الهاشمية في تحرير القرار الوطني من أي تبعية، جاء القرار الجريء الذي أنهى خدمات كلوب باشا والضباط البريطانيين، وأسند مهمة القيادة إلى الضباط الأردنيين الأكفاء.
إن هذه الخطوة لم تكن سهلة، ولكنها كانت ضرورية لتأكيد أن الأردن، رغم حداثة استقلاله آنذاك، قادر على إدارة شؤونه العسكرية بكفاءة، اعتمادًا على سواعد أبنائه المخلصين. وما إن أُعلن القرار، حتى خرج الأردنيون إلى الشوارع في مشهد وطني مهيب، يؤكد وقوفهم خلف القيادة الهاشمية ودعمهم لاستقلال قرارهم الوطني.
لم يكن تعريب قيادة الجيش مجرد تغيير إداري، بل كان نقطة تحول في مسيرة الأردن نحو بناء دولة قوية مستقلة. فقد فتح هذا القرار الباب أمام تطوير القوات المسلحة الأردنية، وإعادة هيكلتها بما يتناسب مع متطلبات الدفاع عن الوطن وحماية مكتسباته.
ومع مرور السنوات، أثبت الجيش العربي الأردني كفاءته العالية في مختلف الميادين، سواء في الدفاع عن حدود الوطن، أو في مهامه الإنسانية على المستوى الدولي، حيث بات نموذجًا في الاحترافية والانضباط. وهذا لم يكن ليتحقق لولا رؤية القيادة الهاشمية الحكيمة، التي آمنت بأن الجيش يجب أن يكون درع الوطن الحامي، مستندًا إلى عقيدة عسكرية وطنية خالصة.
نحن في جامعة عجلون الوطنية نولي هذه الذكرى الوطنية أهمية خاصة، ونعمل على غرس قيمها في نفوس طلبتنا، ليكونوا على دراية بمسيرة الأردن وتضحيات قيادته وشعبه في سبيل بناء دولة قوية مستقلة. ومن هذا المنطلق، تنظم الجامعة ندوات ومحاضرات علمية تسلط الضوء على أبعاد القرار، وتناقش أثره في تشكيل هوية الدولة الأردنية الحديثة. كما نقوم بتشجيع الطلبة على البحث والكتابة حول هذا الحدث، لإبقائه حيًا في وجدان الأجيال القادمة.
إن تعريب قيادة الجيش لم يكن مجرد حدث تاريخي، بل درس في القيادة والشجاعة والإرادة الوطنية. ومن واجبنا اليوم، كأكاديميين ومؤسسات تعليمية، أن ننقل هذا الدرس إلى شبابنا، ليكونوا أكثر وعيًا بدورهم في الحفاظ على سيادة الأردن واستقلال قراره.
وفي هذه الذكرى العزيزة، نجدد العهد والولاء لقيادتنا الهاشمية الحكيمة، ونؤكد أن الأردن سيبقى وطنًا حرًا مستقلًا، بفضل حكمة قيادته والتفاف شعبه حولها. حفظ الله الأردن، وحمى قواتنا المسلحة التي تواصل مسيرتها في الدفاع عن الوطن وحماية أمنه واستقراره.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة