أركاداغ: مدينة الذكاء والمستقبل في تركمانستان

عشق آباد – أركاداغ هي العاصمة الإقليمية الجديدة لمقاطعة آخال الجنوبية، بالقرب من الحدود مع إيران وعلى بعد 30 كيلومترًا من العاصمة الوطنية عشق آباد. وفي 29 يونيو 2023، تم افتتاح المدينة الذكية بفعاليات مهيبة حضرها الرئيس سردار بردي محمدوف رسميًا، فيما تمثل المدينة قفزة كبيرة نحو التنمية الحضرية المستدامة، حيث تجمع بين التكنولوجيا والرعاية البيئية والمساواة الاجتماعية والازدهار الاقتصادي في رؤية متماسكة للمستقبل.
تعود أصل تسمية المدينة الذكية “أركاداغ”، أو “الحامي”، نسبه إلى رئيسها السابق قربان قولي بردي محمدوف، وتتكون كلمة “أركاداغ” باللغة التركمانية من شقين، الأولarkaوتعني “خلف” و الشق الثانيdagويعني “جبل”، وتعني “الحامي”، وهي مدينة تقع في جنوب تركمانستان. أصبحت العاصمة الإقليمية لمقاطعة آخال اعتبارًا من 20 ديسمبر 2022.
التسمية ورمز القيادة
وتم بناء هذه المدينة بمبادرة من القائد الوطني للشعب التركماني، قربانقلي بردي محمدوف، وتم إطلاق أعمال بنائها في 10 أبريل 2019. وبفضل جهود رئيس تركمانستان، سردار بردي محمدوف، أصبحت المدينة الجديدة واحدة من أكبر المدن وأكثرها نظافة بيئية في المنطقة.
في المرحلة الأولى من بناء المدينة، تم إنشاء 336 مبنى ومرفقًا، بما في ذلك مجمعات سكنية شاملة، ومركز صحة الأطفال الأكثر تطورًا في العالم، ومركز إعادة تأهيل، ومستشفيات، ومدارس ثانوية، ورياض أطفال، ومباني إدارية، وأنظمة هندسية، ومرافق أخرى مهمة.
وكذلك تم بناء 11 مبنى عامًا، و25 مبنى إداريًا، و19 مؤسسة تعليمية، و258 وحدة سكنية، و9 منشآت صحية ورياضية خلال المرحلة الأولى من بناء المدينة. إلى جانب ذلك، يشمل المشروع إنشاء 14 نظامًا هندسيًا ومنشآت أخرى، مما يعكس نطاقه الواسع.
ستصبح مدينة أركاداغ مركزًا علميًا وتعليميًا وثقافيًا ودوليًا رئيسيًا في منطقة وسط آسيا، وفي عملية بنائها، يتم استخدام أحدث أساليب الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني، بالإضافة إلى مفاهيم المدن الذكية والتقنيات الخضراء، وقد أدى ذلك إلى النظر في مسألة ترسيخ الأهمية القانونية لمدينة أركاداغ في تشريعات تركمانستان، ووفقًا لقرار رئيس تركمانستان، سردار بردي محمدوف، سيتم تنفيذ المرحلة الثانية من بناء مدينة أركاداغ خلال الفترة 2023-2026.
المواصفات والمكونات
وبلغت تكلفة بناء المدينة الجديدة، المصممة لاستيعاب 73 ألف نسمة، 5 مليارات دولار. وهناك برامج استثمارية للاستفادة المثلى من نفس المبلغ في السنوات القادمة وتوسيع المدينة وسكانها، حيث أن جميع المباني في أركاداغ مطلية باللون الأبيض، ويبلغ ارتفاع جميع المباني السكنية سبعة طوابق، وهو رقم محظوظ في تركمانستان. يُسمح فقط بالمركبات الكهربائية في المدينة، التي تتمتع أيضًا بتغطية رقمية كاملة لشبكة الجيل الخامس.
وتضمنت المرحلة الأولى من تطوير المدينة 336 مبنى طليعيًا، ومرافق عامة وتعليمية وطبية وثقافية ورياضية، كلها مبنية بمواد صديقة للبيئة ومجهزة بتقنيات رقمية.
وفي إطار المرحلة الثانية من التطوير الحضري، التي ستتم على مدى السنوات الثلاث المقبلة وتكتمل في عام 2027، سيتم بناء مصانع خدمات وإنتاج لإنتاج المنتجات الغذائية والصناعية والصيدلانية والطبية. وستضم المدينة حوالي 70 ألف أسرة، ويبلغ إجمالي عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة. وسيستخدم السكان المركبات الحضرية الصديقة للبيئة – الحافلات الكهربائية والسيارات الكهربائية – بالإضافة إلى مواقف السيارات “الذكية” والألواح الشمسية وطواحين الهواء وغيرها من الفوائد البيئية والرقمية. وتم بالفعل إنشاء قناة تلفزيونية “أركاداغ” وصحيفة وفريق كرة قدم.
ومن المتوقع أن تصبح طريقًا تجاريًا مهمًا لآسيا الوسطى مع إيران كجزء من الممر الشرقي لـ INSTC، وهو ممر النقل الدولي من الشمال إلى الجنوب (شبكة متعددة الوسائط بطول 7200 كيلومتر من طرق الشحن والسكك الحديدية والطرق لنقل البضائع بين الهند وإيران وأذربيجان وروسيا وآسيا الوسطى وأوروبا).
تنمية مستدامة
ويعتبر مشروع مدينة أركاداغ الذكية مبادرة ثاقبة تهدف إلى دفع التنمية المستدامة وتعزيز نظام بيئي حضري متقدم تكنولوجيًا وصديق للبيئة وشامل اجتماعيًا، فيما يسعى إلى معالجة التحديات العالمية مع إنشاء نموذج للمدن الذكية في المستقبل. وفي قلب مشروع مدينة أركاداغ الذكية التزام قوي من جانب حكومة تركمانستان بتعزيز التحضر المستدام وكفاءة الموارد وتحسين نوعية الحياة لجميع السكان. يستفيد المشروع من أحدث التقنيات واتخاذ القرارات القائمة على البيانات والمشاركة المجتمعية لضمان اتباع نهج شامل ومتوازن للتنمية الحضرية.
انعقد مؤخرا اجتماع حول موضوع “ضمان الرفاهة البيئية في مدينة أركاداغ” في المجمع الزراعي الصناعي لمدينة أركاداغ. وقد تم تنظيم هذا الحدث كجزء من مفهوم تطوير المدينة للفترة 2024-2052. تركمانستان تنفذ بنجاح برنامجًا بيئيًا، حيث يتم إنشاء مناطق الغابات في جميع أنحاء البلاد لتحسين المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي وزيادته، حيث يعد إدخال التقنيات الجديدة الصديقة للبيئة، والاقتصاد “الأخضر”، والنظام الرقمي، وضمان الوصول إلى المنتجات البيئية من الإنتاج المحلي، فضلاً عن ضمان السلامة البيئية في البلاد من بين الاتجاهات الرئيسية للسياسة الحكومية التي ينتهجها الرئيس سردار بيردي محمدوف.
اهداف وغايات المدينة
ومن أهم الأهداف التي سيحققها المشروع طبقا لسياسة الحكومة في عشق آباد:
- الاستدامة البيئية: تعطي مدينة أركاداج الذكية الأولوية للممارسات الصديقة للبيئة وإدارة الموارد المستدامة. من خلال دمج الطاقة المتجددة ومبادرات تحويل النفايات إلى طاقة ووسائل النقل العام الفعالة ومشاريع البناء الأخضر، يهدف المشروع إلى تقليل بصمته الكربونية وتأثيره البيئي بشكل كبير.
- النمو الشامل والمساواة الاجتماعية: المساواة الاجتماعية هي مبدأ توجيهي للمشروع، مما يضمن استفادة جميع شرائح المجتمع من نمو المدينة. الإسكان بأسعار معقولة والبنية الأساسية التي يمكن الوصول إليها ومرافق الرعاية الصحية والفرص التعليمية هي مكونات أساسية لتعزيز الشعور بالانتماء وتعزيز الرفاهية العامة للمجتمع.
- التقدم التكنولوجي: من خلال تبني قوة التكنولوجيا، تدمج مدينة أركاداج الذكية إنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي (AI) وتحليلات البيانات لتحسين خدمات المدينة. يتم تنفيذ الشبكات الذكية وأنظمة إدارة المرور الذكية وحلول الصيانة التنبؤية لتعزيز الكفاءة وتقليل استهلاك الطاقة.
- التنوع الاقتصادي وخلق فرص العمل: يهدف المشروع إلى جذب الاستثمارات وتنمية اقتصاد متنوع يعزز الابتكار وريادة الأعمال. من خلال الترويج للصناعات مثل الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الرقمية والزراعة المستدامة، تصبح المدينة مركزًا للنمو الاقتصادي وفرص العمل.
- المشاركة المجتمعية: تمكن عمليات صنع القرار الشاملة السكان من المشاركة بنشاط في تشكيل تنمية المدينة. تسمح اجتماعات البلدية المنتظمة وآليات ردود أفعال المواطنين والمنصات الرقمية باتباع نهج شفاف وتعاوني للحكم.
- المرونة وإدارة الكوارث: للحماية من التهديدات المحتملة، تستثمر مدينة أركاداج الذكية في تدابير الاستعداد للكوارث والاستجابة لها. يتم تنفيذ استراتيجيات التكيف مع المناخ وأنظمة الإنذار المبكر والبنية التحتية المرنة لحماية المدينة وسكانها من الأحداث السلبية.
د. عبدالرحيم عبدالواحد