«سبيل معان»… 7 آلاف وجبة باليوم.. وللسنة الـ 23 على التوالي

مع دخول شهر رمضان من كل عام تبدأ لجنة خدمات «سبيل معان» تجهيزاتها وتخطيطها لتأمين اللحوم والأرز والدجاج وكافة احتياجات الشهر الفضيل لطهيها وتوزيعها على عابري السبيل والفقراء والمحتاجين في محافظة معان، فيما «سبيل معان» عادة من العادات التي يتفاخر بها أهالي معان في الأردن منذ أعوام طويلة، استقبالهم الحجاج العابرين إلى مكة، يعدون لهم موائد الضيافة الغنية بالأطعمة المتنوعة والشرب، و يهيئون لهم سبل الراحة قبل أن يغادروا لمواصلة طريقهم، فيما يعتمد تمويل «سبيل معان» بشكل رئيس على التبرعات العينية والمالية من التجار والمحسنين من أهالي المدينة، والتي تستمر طيلة أيام الشهر الفضيل، وأن العمل يبدأ بإعداد وتجهيز وجبات الإفطار منذ ساعات الصباح ويستمر حتى الساعة الخامسة مساء.
ويقدم «سبيل معان» 7 آلاف وجبة باليوم.. وللسنة الـ 23 على التوالي يقدم وجبات مجانية لعابري السبيل.. وهو متاح للجميع، ويلاحظ تناغم الحركة الدائبة التي يقوم بها الشباب المتطوعون القائمون على «سبيل معان»، فهذا يجهز الطعام والشراب، وآخر يقوم بالتوزيع، وذاك يستقبل ويتسابق لإيقاف قوافل المعتمرين والمارة، ولسان حالهم يقول إنهم يشعرون في عملهم هذا بـ»المتعة»، و»سيبل معان» عادة توارثها أبناء محافظة معان من الآباء والأجداد، ولا يزال شبان المدينة يعترضون حافلات الركاب على الطريق الدولي ويوقفون الحركة حتى تقف المركبات معرضين أنفسهم للخطر لدعوة ركابها إلى تناول الإفطار مع قرب غروب الشمس طيلة أيام شهر رمضان المبارك، ويزيد عدد المتطوعين في «سبيل معان» على 50 شخصاً لا يتقاضون أجراً ولا يرجون سوى الدعاء من الحجاج ونيل شرف خدمة «ضيوف الرحمن»، وفق الرئيس الفخري لمبادرة سبيل معان عبد الله صلاح.
قوافل المعتمرين.
ويستقبل «سبيل معان» الذي أقامه سكان المدينة على الطريق الدولي الذي يربط المملكة العربية السعودية ومحافظة العقبة والعاصمة عمان، قوافل من المعتمرين وعابري السبيل والضيوف بصدره الواسع الرحب لتقديم ما يلزم من وجبات إفطار وسحور طيلة شهر رمضان، بعد عناء ومشقة السفر الطويل، حيث يتسابق المعانيون على إطعام الحجاج وإكرامهم وتوفير سبل الراحة لهم في طريقهم نحو الحج، بحيث تحولت مدينتهم إلى بوابة تعبر عن الكرم والتقاليد الأصيلة، على رغم أنها تعد واحدة من أفقر المدن الأردنية، وعلى بعد نحو 200 كيلومتر من العاصمة عمان وعلى وقع تكبيرات الحج، يتحلق شبان حول الحجاج المارين بالمدينة ويلحون عليهم في تناول الطعام والشراب، أو المبيت في منازلهم.
السبيل من يطعم؟
ويهدف «سبيل معان»، بحسب القائمين عليه، إلى تعميق قيم التكافل والتضامن الاجتماعي خلال الشهر الكريم والتذكير بفضائل هذا الشهر، وحث الخيرين والمقتدرين للمبادرة بمد يد العون والمساعدة للمحتاجين والفقراء تحقيقا للمعاني الكبيرة التي تنطوي عليها فضائل الشهر الكريم، إلى جانب أنه يعد من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي والتواد والتراحم في هذا الشهر الفضيل، التي اعتاد عليها أبناء معان منذ سنوات طويلة وارتبطت تاريخيا بالمدينة وأهلها، وهي تقليد للمعاني التاريخية في تقديم وجبات للمعوزين/ ونظرًا لطول المسافة فقد قسّمت طريق الحج إلى منازل أو استراحات عرفت بمنازل الحج، حيث تنزل فيها القافلة للاستراحة عدة أيّام، وعادة ما تحتوي هذه المنازل آبارًا وتجمعات سكانيّة وأسواقًا ومساجد، بالإضافة إلى حجّاج بلاد الشام، ضمّت قافلة الشام حجّاجًا من آسيا الصغرى وشبه جزيرة البلقان، حيث يبدأ مسيرها من دمشق وتشق طريقها عبر قرى الشام إلى أن تقطع عرض البلقاء حتى تصل إلى معان، وكانت معان عند الحجاج أول الحجاز في الذهاب، وآخره في الإياب[3]، وظلّت حتى منتصف القرن التاسع عشر من أكبر البلدان في طريق الحجّ.
وبعد أن يقوم العاملون في السبيل بإنهاء الطهي وكشوفات الأسماء، يتم توزيعها على العائلات المحتاجة، حيث تعمل عشرات المركبات على إيصال 300 وجبة لهذه العائلات، كما يتم إطعام الحجاج والمسافرين وعمال المياومة وطلبة جامعة الحسين بن طلال، بالإضافة إلى من يأتي إلى السبيل من أهل المدينة ويقدّر عدد الوجبات التي يحصلون عليها بـ200-300 وجبة وأكثر.
الدستور