” لا جديد تحت الشمس “/ د.باسم القضاه

صحيح، تاريخ الكيان الإسرائيلي مليء بنقض العهود والاتفاقيات، سواء مع الدول العربية أو حتى مع المجتمع الدولي. هناك أمثلة كثيرة على ذلك، مثل اتفاقيات الهدنة بعد نكبة 1948، واتفاق أوسلو، واتفاقيات التهدئة في غزة، وكلها انتهت بانتهاكات إسرائيلية متكررة.
المشكلة ليست فقط في عدم الالتزام، بل في استخدام الاتفاقيات كوسيلة لكسب الوقت وتثبيت الأمر الواقع، ثم الانقلاب عليها متى ما تغيرت الظروف لصالحهم. وهذا ما يجعل الكثيرين يرون أن أي تفاوض معهم دون ضمانات قوية مجرد إضاعة للوقت.
بالضبط، لا يوجد أي رادع دولي حقيقي يجبر إسرائيل على الالتزام بالاتفاقيات، لأنها تحظى بحماية القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، التي تستخدم الفيتو في مجلس الأمن كلما صدر قرار يدينها. حتى القرارات الدولية الصادرة ضدها، مثل تلك المتعلقة بالاستيطان أو حق العودة، تبقى مجرد حبر على ورق دون أي آلية تنفيذ.
وهذا ما جعل إسرائيل تمارس سياسة فرض الأمر الواقع، متجاهلة أي التزامات، لأنها تدرك أن لا أحد سيحاسبها بشكل فعلي. لهذا، يظل الرهان الحقيقي على إرادة الشعوب وقدرتها على الضغط والتغيير.
نعم، وكأن هناك دوامة من التكرار لا يتعلم منها الساسة العرب، رغم أن التجربة أثبتت مرارًا أن إسرائيل لا تلتزم بأي اتفاق ما لم يكن في مصلحتها الآنية، وحتى ذلك يكون مؤقتًا. المشكلة أن بعض القيادات العربية، بدافع من الضغوط الدولية أو حسابات سياسية ضيقة، تعود لنفس النهج، على أمل أن “هذه المرة ستكون مختلفة”، لكنها ليست كذلك أبدًا.
في النهاية، لا جديد تحت الشمس لأن المعادلة لم تتغير: قوة بلا محاسبة، وقيادات عربية تراهن على وعود جوفاء بدلًا من بناء قوة تفرض واقعًا جديدًا على الأرض. فبدلًا من انتظار “حسن نوايا” لم يوجد يومًا، المطلوب هو تبني استراتيجيات حقيقية لحماية الحقوق، سواء عبر الوحدة، أو الدعم الفعلي للمقاومة، أو حتى استخدام أوراق الضغط السياسية والاقتصادية المتاحة.
لكن للأسف، ما زال البعض يكرر نفس الأخطاء، متجاهلًا أن إسرائيل لا ترى في الاتفاقيات سوى وسيلة لكسب الوقت، وأنها لا تحترم إلا من يملك القوة والتأثير الحقيقي. حتى الآن، الدروس لم تُستوعب بالكامل، ولذلك يظل المشهد السياسي العربي يدور في نفس الحلقة المفرغة، حيث لا جديد تحت الشمس.