المقترح المصري.. هل يكون الفرصة الأخيرة لوقف الحرب بغزة؟

– فيما طرحت مصر مقترحا ربما يشكل فرصة أخيرة للتوصل إلى حل وهدنة في غزة، يرى مراقبون أن ذلك المقترح يواجه تحديات، أبرزها إصرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين تنياهو على مواصلة الحرب وتصعيد العمليات العسكرية.
ويقول هؤلاء في أحاديث منفصلة إن نجاح المقترح المصري مرهون بتفاعل الأطراف المعنية وقدرتها على التوصل إلى توافق يحقق وقفا دائما لإطلاق النار.
وينص المقترح المصري على إطلاق حماس سراح 5 أسرى إسرائيليين أسبوعيا، مقابل بدء إسرائيل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في أعقاب الأسبوع الأول من بدء تنفيذ المقترح الجديد.
وكان الكيان الصهيوني استأنف، وبعد تشاور مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هجماته على قطاع غزة في الثامن عشر من الشهر الحالي، بعد هدنة استمرت 6 أسابيع، في حين ما يزال هناك 59 أسيرا في غزة يُعتقد أن نحو 24 منهم ما يزالون على قيد الحياة، بعد أن سمحت المرحلة الأولى التي انتهت مطلع الشهر الحالي من اتفاق الهدنة الذي انطلق قبل نحو شهرين، بإطلاق سراح 33 محتجزا ونحو 1800 أسير فلسطيني.
عقدة نتنياهو
وفي هذا الإطار، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبوزيد، بأن المقترح المصري يأتي في وقت بدأ يتجاوز فيه نتنياهو مسببات العودة للحرب على غزة.
وأشار أبوزيد إلى أن نتنياهو نجح بتجاوز عقدة التصويت على الموازنة، وبقيت أمامه أزمتان؛ الأولى إقالة رئيس الشاباك، والثانية إقالة المستشارة القضائية، لذلك يتوقع أن ينتقل نتنياهو إلى المبادرة المصرية والعودة إلى طاولة المفاوضات بعد الانتهاء من هذه الملفات التي احتاج فيها نتنياهو لوجود بن غفير وسموتريش إلى جانبه.
ولفت إلى أن الجنرالات الصهاينة يدركون عدم القدرة على الحسم عسكريا، ويبدو أن أكثر ما يقلقهم هو أن المقاومة لم تبد ردة فعل يمكن من خلالها تقييم إمكانيات المقاومة، ما يعني العودة الآن لقتال تقليدي سيؤدي إلى مشكلة، كما أن العودة الآن إلى طاولة المفاوضات سيتسبب بمشكلة أيضا.
ورجح أن ينتهي نتنياهو من أزماته الداخلية، وبعد ذلك لن يكون بحاجة لصوت بن غفير، الأمر الذي قد يعطي نتنياهو مساحة من الأريحية في العودة للمفاوضات والبدء بالمبادرة المصرية.
الفرصة الأخيرة
بدوره، يقول عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد فهمي الغزو، إن المقترح المصري يأتي وسط مساع تتواصل من الوسطاء لاستئناف الهدنة في قطاع غزة، خاصة أن المقترح لقي تأييدا من قبل حركة حماس، بهدف وقف الحرب مع قرب عيد الفطر المبارك، وسط تباينات إسرائيلية.
وأضاف الغزو: “المقترح المصري يعد فرصة أخيرة لإيجاد تهدئة قبل أيام من عيد الفطر، في ظل وجود عقبات تواجه تنفيذ ذلك المقترح؛ منها رغبة نتنياهو بزيادة التصعيد العسكري للتغطية على أزماته وخلافاته الداخلية، غير أن الضغط الأميركي قد يكون الحل لإجباره، وإلا فالبديل هو توسع الحرب الصهيونية على غزة”.
وتابع: “المراقب للمشهد الداخلي لدى الاحتلال يجد أن حالة التباين الصهيوني والممانعة هما نوع من الحرب النفسية المتوقعة من جانب تل أبيب لتحقيق أكبر مكاسب لها من المفاوضات تحت النار.”
واستكمل: “رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو يواجه مظاهرات ضده، وخلافات داخلية، وحياة رهائن في خطر في ظل التصعيد العسكري تجاه غزة، وبالتالي قد يقبل بالمقترح المصري ويسعى لترويجه على أنه صورة نصر على حركة حماس.”
وقف القتال حاجة مشتركة
من جهته، يرى المحامي أحمد الخصيلات، أن كلا من الكيان الصهيوني وحركة حماس بحاجة إلى وقف القتال، فإسرائيل تواجه انتقادات داخلية بسبب استمرار الحرب والتكلفة البشرية والمادية، وحماس قد ترى في المقترح المصري فرصة للحفاظ على وجودها السياسي والعسكري، مع السعي للحصول على مكاسب سياسية في المستقبل.
وبخصوص التحديات أمام نجاح المقترح المصري، يقول الخصيلات، إن حكومة بنيامين نتنياهو تخشى أن يبدو قبولها للاتفاق بمثابة تنازل لحماس، ما قد يضعف موقفها السياسي، خاصة أن هنالك رفضا من بعض الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية لفكرة الانسحاب الكامل من غزة، فيما قد تصر حماس على مطالب أخرى، مثل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين أو إنهاء الحصار على غزة، ما قد يعقد المفاوضات.
وتابع: “موقف الحركة قد يتغير بناء على الوضع الميداني العسكري ومدى تأثير الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، إضافة للموقف الأميركي الذي يدعم المقترح لكنه لا يمارس ضغطا كافيا على إسرائيل لتنفيذه، ما قد يؤخر تنفيذه أو يجعله عرضة للمماطلة.”
وبالنسبة للسيناريوهات المحتملة، يقول الخصيلات، هنالك فرصة لنجاح جزئي، إذ قد توافق إسرائيل على بعض البنود لكنها تماطل في تنفيذ الانسحاب الكامل، وهنالك احتمالية الرفض الإسرائيلي للمقترح، إذا رأت تل أبيب أنه لا يخدم مصالحها الأمنية والسياسية.
وزاد: “نجاح المقترح المصري يعتمد بشكل أساسي على مدى استعداد إسرائيل للالتزام بالجدول الزمني للانسحاب، ومدى مرونة حماس في تقديم تنازلات، بالإضافة إلى الدور الأميركي في فرض تنفيذ الاتفاق.”
إسرائيل لن تقبل المقترحات
من جانبه، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد الشنيكات، إن جميع الاقتراحات سواء كان المقترح المصري الموجود على الطاولة أو غيره من المقترحات لن تقبله إسرائيل ما دام يؤدي إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، إذ تريد إسرائيل تغيير الوضع الكلي في قطاع غزة بدون أي تحفظ، ليس فقط إزالة حركة حماس، بل تريد تغيير قواعد اللعبة كليا في قطاع غزة، بالنسبه لها نزع سلاح حماس واستسلام حماس وكل هذا واحد من أهداف الحرب، وليست كل الأهداف، كما أن استخراج الأسرى واحد من الأهداف.
وأضاف، ” الأهداف الأخرى لإسرائيل هي السعي للتهجير، والقضية الأخرى إعادة احتلال القطاع ، وربطه أمنيا بإسرائيل وربما تقسيم القطاع إلى كنتونات يسهل السيطرة عليها ويسمح بحرية المرور للجيش الإسرائيلي بدون أي اعتراض”.
وتابع: ما يقدمه المقترح المصري لوقف إطلاق النار يسمح بالوضع الراهن ببقاء قطاع غزة وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي، لكن إسرائيل لن تقدم ضمانات بإنهاء الحرب هي تريد الأسرى فقط بدون أي التزامات أخرى بإنهاء الحرب أو إدخال مواد الإعمار والمساعدات الإنسانية، إذ إن إسرائيل لن تلتزم بأي شيء يؤدي إلى وقف إطلاق النار نهائيا، هذا ما لا تريده.
واستكمل: إسرائيل ترى نفسها أمام فرصة تاريخية لا تتكرر، إذ إن الظروف الدولية مواتية، وتعتقد أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمثل فرصة حقيقية لديها وأنه لم يعترض على ما تقوم به، بما في ذلك الحرب وحجم استخدام القوة الهائلة، الذي يشي حقيقة الضوء الأخضر الذي تلقته إسرائيل من الولايات المتحدة.
زايد دخيل / الغد