هل ستنجح مخرجات قمة القاهرة الثلاثية لوقف الحرب في غزة؟ // كريستين حنا نصر

أثناء انعقاد القمة الثلاثية في مدينة القاهرة المصرية وتحديداً في قصر الاتحادية بين العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والزعيم المضيف للقمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فقد تزامن انعقاد هذه القمة البالغة الاهمية مع قضية حل النزاع بين اسرائيل وحماس في غزة، واستمرار الضربات الاسرائيلية على غزة، وأيضاً اطلاق عدة صواريخ من قطاع غزة، وسط تهديد قوي من نتنياهو بالرد، كما ويتزامن أيضاً انعقاد هذه القمة الثلاثية مع توجه الرئيس بنيامين نتنياهو الى واشنطن، لبحث ملف الرسوم الجمركية التي تمّ فرضها على معظم دول العالم وبما فيها اسرائيل، الى جانب البحث أيضاً في التطورات الأخيرة في غزة وكذلك الملف الايراني .
التقى ماكرون مع السيسي قبل انضمام العاهل الأردني لهم، وهذه هي الزيارة التاريخية الرابعة لماكرون إلى مصر، حيث تجول الاثنان في إحدى أسواق مدينة القاهرة ، وشارك الرئيسان في نقاشات شعبية ، وجرى التقاط الصور مع المارة من المواطنين، كما أنه من المقرر أن يذهب اليوم ماكرون الى مدينة العريش (ومدينة العريش المصرية تبعد تقريباً 50 كيلو متر عن مدينة رفح، وهو المعبر الوحيد الى قطاع غزة من مصر)، حيث يلتقي ماكرون مع عدة منظمات من المجتمع المدني والمؤسسات الطبية، واللقاء مع الجرحى الفلسطينيين في مستشفيات مدينة العريش. وتجدر الاشارة بأنه توجد علاقات متميزة بين مصر وفرنسا تربطهما سواء على المستوى السياسي والثقافي والاقتصادي، حيث سيتم توقيع عدة اتفاقيات بينهما في عدة مجالات مثل الصحة والطاقة وتسليم طائرات رافال الفرنسية الى مصر، وسوف تجري زيارة من قبل ماكرون إلى إحدى خطوط الميترو، حيث تُشرف فرنسا على ادارة الميترو في القاهرة.
والبيان الأردني حول القمة في مضمونه هو التشديد على ضرورة التوصل الى تهدئة شاملة في الاقليم، الى جانب السعي والعمل ضمن جهود سياسية مكثفة لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، والملك عبد الله الثاني يحذر من استمرار الإجراءات الاحادية الجانب ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويُعرب عن تقديره لموقف مصر متمثلة بقيادة الرئيس السيسي لدعم القضايا العربية، علماً بأن الموقف الأردني يرفض التهجير ويدعو لوقف الاعتداءات على المقدسات في القدس.
وفيما يتصل بالموقف الفرنسي فهو يندد باستئناف الهجمات على غزة، والتي تمثل تهديد مأساوي للمدنيين وأيضاً تشكل خطر على الرهائن والعائلات، وتؤثر أيضاً على كامل المنطقة، ويوجه ماكرون نداءاً عاجلاً بضرورة وقف اطلاق النار، ويدعو ايضاً الى أنه يتوجب على حركة حماس اطلاق الرهائن التي تحتجزهم، ويجب أن تكون للمفاوضات مصداقية، وبشكل يشمل موضوع بناء واعمار غزة بدون تأخير، بهدف الحل وتهدئة الوضع في غزة ، وأكد ماكرون أيضاً على أن فرنسا تؤيد كل من مصر والأردن وبشدة على موقفهما من عدم التهجير القسري للفلسطينيين وسكان غزة، وفرنسا تقف ضد مبدأ ضم الضفة الغربية وغزة لأن ذلك انتهاك للقانون الدولي وسوف يهدد أمن المنطقة بما فيها اسرائيل، ويهدد كذلك مسألة اعادة اعمار غزة، والتي تبنتها جامعة الدول العربية في قراراها بتاريخ الرابع من مارس الماضي، حيث تبنت القيادة المصرية الاتجاه نحو بناء مسار واقعي لاعادة اعمار غزة والذي سوف يفتح المجال نحو إقامة حكم فلسطيني جديد للقطاع، وبقيادة سلطة وطنية ذات كفاءة ، ومع اقصاء مشاركة حركة حماس فيها (منطقة غزة منزوعة السلاح).
وأهم بنود هذه القمة الثلاثية هي دعوة المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل لوقف الحرب، واعتقد أنه لا حل سياسي وعسكري في الأفق، دون وقف لاطلاق النار بين الطرفين المتنازعين في غزة .
وللأسف في هذه المرحلة العصيبة التي تتفاقم فيها حدة الصراع في غزة، وبالاخص تعليق المساعدات الانسانية للقطاع وسكانه واستمرار الحرب بين الطرفين، حتماً سوف يؤدي ذلك الى نسف أي اجتماعات دولية وبيانات تصدر عنها، الموضوع والهدف الاساسي هنا هو النجاح في وقف الحرب كلياً وبدون وقف الحرب لا اعتقد أن أي حلول مطروحة من هذه القمة الثلاثية سوف تكون ناجحة ضمن أي جهود دولية لحل الأزمة ، ومع عدم وقف الحرب في القطاع لا يمكن ومن المستحيل التمكن من اعادة الاعمار، وفي وقت مازال فيه الصراع مستمراً حتى الان ، الحرب دمرت الكثير من مساحات ومناطق القطاع، حيث تتواجد الكثير من المناطق المدمرة بالكامل، وأعتقد انه في بعض المناطق يتواجد متفجرات والغام ومخلفات حرب ، والتي سوف تؤدي حتماً الى اعاقة وعرقلة اعادة الاعمار، وستجعلها تأخد وقت طويل أولاً لتنظيف وتأهيل المنطقة المنكوبة لاجل البدء بعمليات الاعمار واعادة إقامة البنية التحتية.
وهنا أريد أن أطرح نقطة بالغة الأهمية، وهي أنه وفي هذه المرحلة لاتوجد مساكن مؤهلة للسكن والعيش فيها في القطاع المنكوب، لذا فالسؤال الابرز هنا هو : أين سوف يعيش سكان القطاع خاصة الذين تدمرت بيوتهم بشكل كلي، وذلك لحين اعادة اعمار القطاع ؟.
أعتقد أن موضوع اعادة الاعمار هو الاصعب من ناحية التنفيذ جراء الحرب المشتعلة ، ودمار مناطق شاسعة في القطاع ، واعتقد أيضاً أن هذه الاجتماعات والحديث عن عدم التهجير والذي يرفضه الاردن ومصر وفرنسا مجتمعين في هذه القمة الثلاثية، ورد في مضمونها من أجل السعي لحل النزاع في القطاع ، وهي قمة تدعم في مضمونها أيضاً الخطة العربية مع ادخال بعض التعديلات الجديدة عليها، والتي تهدف الوصول الى مسار سياسي للخروج من الازمة السياسية والعسكرية الحالية القائمة الآن، واهمها فتح المعابر المغلقة حالياً للسعي لادخال المساعدات الانسانية ، كذلك السعي للخروج من هذه الازمة المستمرة منذ أكثر من سنة ونصف، بناء على مبدأ حل الدولتين .
والسؤال البالغ الاهمية هنا، هل سوف تنجح جهود هذه القمة الثلاثية في وقف الصراع العسكري بين حماس واسرائيل في غزة؟، أو سوف يستمر الصراع العسكري بينهما وتستمر المعاناة للشعب الفلسطيني و الأسرى والمخطوفين من الطرفين ؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة