على صفيح ساخن

نسيم العنيزات
إن الأوضاع والتحديات التي تعيشها منطقتنا لا تبشر بخير، وتشي بأن الأمور ستزداد تعقيدًا في الأيام القادمة.
فما يحدث في غزة من حرب وإبادة جماعية رفع إنزيمات الغضب المشتعلة أصلًا في الصدر العربي.
وأين تولي وجهك أو تقلب شاشة تلفازك أو تحاول الهروب لتغيير مزاجك، لا تجد أمامك إلا همًّا عربيًا وأمة عربية مأزومة.
هذه الأوضاع التي يبدو أنها استنفدت إنزيمات الصبر لدى المواطن العربي، الذي يعيش بين حالتين كل منهما لها دوافعها نحو الغضب والانفجار.
فقبل الربيع العربي لم تكن الأوضاع أحسن حالًا، وبعد المرحلة الأولى أو الثانية منه، وأسباب المظاهرات ودوافع التغيير ما زالت موجودة، والنسخ الجديدة تعيد نفسها وتكرر النسخ السابقة، أي إنه لم يتغير شيء لدى الدول التي نجحت في تغيير أنظمتها، كما أن الآخرين لم يستفيدوا من التجربة للقيام بعمليات أو إجراءات تصحيحية.
لذلك فإن مقومات ودوافع النسخة الأخرى من الربيع العربي موجودة وتعيش في الشارع العربي، وجاهزة للاشتعال في أي لحظة، نتيجة أو بسبب قضية أو دافع لن يكون متوقعًا.
فالأمور لا تحتاج إلى حدث كبير حتى نرى مخرجاتها أو نلحظ إفرازاتها، لأن الجميع يعيش على صفيح ساخن، لا نعرف قدرتهم على البقاء ومدى تحملهم لدرجة حرارته التي نعتقد أنها وصلت إلى الغليان أو اقتربت منه.
وعلى الرغم من أن الربيع العربي وإفرازاته لم تحقق طموحات الناس وتطلعاتهم بحياة كريمة، إلا أنها شكلت جرس إنذار دائمًا، وضوءًا أحمر يصعب تجاهله، وقاعدة أوجدت مكانًا ثابتًا لها في تاريخ الناس، ودافعًا يستفز غضبهم ويذكرهم بأوضاعهم ومدى قدرتهم على التغيير.
لذلك فإننا نعتقد بأن دوافع النسخة الجديدة قد نضجت، وتنتظر من يخرجها من موقدها ويضعها على المائدة.