الاصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية بين الفايز والرفاعي
الدكتور موفق العجلوني
–
بقلم السفير الدكتور موفق العجلوني
المدير العام
مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
————————–
يتطلع الأردنيون الى حدثين هامين في الأيام والاسابيع القادمة ، عودة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين من الولايات المتحدة الأميركية بالسلامة ببشائر الخير سواء بما يتعلق بالمصالح الأردنية على المستوى الوطني و العربي و الإقليمي والدولي ، و عودة العلاقات الأردنية الأميركية الى عهدها السابق بعد هزيمة ترامب في الانتخابات الأميركية الأخيرة و عصابته المتمثلة بكشنير ومايك بومبيو و نتن ياهو والفوز الكبير للرئيس بايدن الذي يرتبط مع جلالة الملك بعلاقات طيبة و يكن لجلالتها كقائد عربي و مسلم صاحب حكمة وعقلانية و بعد النظر ،و قيادة هاشمية تتمتع باحترام و حضور كبيرين على الساحة الدولة . علاوة على ازجاء النصيحة للسيد بايدن بما يتعلق بقضايا المنطقة في الشرق الأوسط، حيث كان الرئيس بايدن و نائب الرئيس السيدة كمالا هاريس و كافة كبار المسؤولين الأمريكيين في الكونغريس و في مختلف الوزارات والهيئات و المؤسسات الأميركية اذاناً صاغية لجلالته و بحضور سمو ولي العهد الأمير الحسين، لان جلالته بالنسبة للأمريكيين و الرئاسة الأميركية الحالية بالذات يمثل صوت الحكمة والعقل والاعتدال و بعد النظر .
اما الحدث الثاني، فهو ما ستتمخض علية جهود اللجنة الملكية بما يتعلق بالإصلاح السياسي، حيث يتطلع كافة الأردنيون الى ما ستتوصل اليه اللجنة من توصيات بفارغ الصبر .
اعود هنا لتصريح لدولة السيد فيصل الفايز حول الإصلاح السياسي و العدالة الاجتماعية في احد اللقاءات مع احد الوفود في مجلس الاعيان حيث قال :
“يجب ان تتمحور اولويات الدولة العربية حول هدفين اساسيين، اولهما الاصلاح السياسي وثانيهما العدالة الاجتماعية، مؤكدا ان هذه المفاصل ضرورات ملحة لتحقيق الاستقرار وعبور المنطقة العربية لأزماتها شريطة ان يكون الاصلاح متدرجاً وثابتاً وهذا من ثقافتها العربية وتقاليدنا”.
سؤالي المباشر الى دولة رئيس اللجنة الملكية للإصلاح السياسي السيد سمير الرفاعي ، اتفق مع دولة السيد الفايز بالجانب المتعلق بالإصلاح السياسي ، و لكن هل بحثت و ناقشت اللجنة الأولوية الثانية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية ، ووضعت التوصيات اللازمة بهذا الخصوص و التي أعتقد انها صلب اجندة اللجنة الملكية للإصلاح السياسي …؟؟؟
و من هنا اذا لم يكن هنالك عدالة اجتماعية و اعادة الحقوق الى أصحابها وتطبيق مبدآ من اين لك هذا ، و كيف وصلت الى هذا المنصب ، او هذا الموقع ، و من اين لك هذه القصور و الفلل الفاخرة و العقارات الشاسعة و هذه السيارات الفاخرة و الملايين …!!! ، فانني شخصياً اشك في نجاح عملية الإصلاح برمتها و فكما يقول المثل ” العدل أساس الملك ” ، وفي غياب العدل خاصة على مستوى الدولة فعملية الإصلاح تبقى ناقصة لا بل عرجاء و تراوح مكانها .
ومن هنا يجب على اللجنة الملكية للإصلاح السياسي ان تعطي الأولوية الى موضوع العدالة الاجتماعية، حيث هنالك العديد من موظفي الدولة عصفت بهم يد الظلم، ولا زالوا ينظرون ان تعود لهم حقوقهم بعدالة وانصاف. فهنالك من “يتنعم ويتبغدد” بالمفاصل …والمكاسب … والمناصب المدورة في الدرجات العليا في داخل المملكة وخارجها، وهناك من يرمى بهم موت وانت قاعد.
سؤالي الى دولة رئيس الرفاعي، ما هي البصمات التي تركها/ تركن أولئك الذين /اللواتي تمسمروا في مواقعهم لسنوات عديدة، بينما اللذين لا يستند ظهرهم للواسطة والمحسوبية رمي بهم في عراء صحراء الفاقة والتشرد والمديونية، لا مأوى ولا ماء ولا هواء.
برأي المتواضع ” غير المسموع ” ( لقد ناديت اذا اسمعت حياً و لكن لا حياة لمن تنادي ) ، بات على اللجنة الملكية ان تبحث موضوع العدالة الاجتماعية ، فليس من العدل فلان ابن فلان ابن فلان يرث ، وفلان يحرم من حقوقه الوظيفية بعد قضاء سنوات عمره في خدمة بلده سوآء في الداخل اوفي الخارج . لا بد من تحقيق العدالة العدالة العدالة ، والتراجع عن القرارات الظالمة التي تتخذ ،و القرارات التي تتخذ و معالجة حالات الظلم التي اقترفت بحق الاخرين الذين يعانون الامرين هم و جميع افراد عائلاتهم . نعم في غياب هذه العدالة لن يكون هنالك اصلاح سياسي و ولا حياة حزبية و لا ديمقراطية في غياب العدالة الاجتماعية ، ولو اجتمع المئات لا بل الالاف من أعضاء اللجان .
اتفق جملة وتفصيلا مع دولة رئيس مجلس الاعيان السيد فيصل الفايز ان العدل هو أساس الملك. هل يأخذ دولة السيد الرفاعي بنصيحة دولة السيد الفايز زعيم السلطة التشريعية بجدية، ويخرج علينا بتوصيات الى جلالة سيدنا بهذا المفهوم والذي امر به المولى عز وجل في محكم تنزيله عملاِ بقوله تعالي: “ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ “. ذلك لأن الاجتماع البشري لا يمكن أن يتأسس فيه روح النظام والقانون والمساواة إلا بتحقيق العدل والعدالة.
ومن هنا جاء الأمر الإلهي بضرورة تطبيق العدل عملاً بقوله تعالى: ” قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ “. وقوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ “. فالعدل هو جوهر ديننا الحنيف وروحه، وهو المحور الأساس لتطبيق أصول الدين وفروعه، وبتطبيقه تنعم البشرية بالسلام والاطمئنان والأمن والرفاهية والرخاء، أما عندما ينتفي العدل والعدالة من حياتنا، فإن نقيضه سيحل محله، وهو الظلم والجور، وهو أساس كل شر، وسبب كل شقاء، ومنبع الرذائل والفواحش، وجذر التخلف والتقهقر الحضاري، عملاً بقوله تعالــي: ” فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ “. صدق الله العظيم.
هذه تذكرة لدولة الرئيس الرفاعي ، عملاً بقوله تعالى :” فذكر ان نفعت الذكرى” .صدق الله العظيم.