انقسام في تونس: تظاهرات مؤيدة ومعارضة ومواجهات أمام البرلمان
اندلعت مواجهات امس أمام البرلمان التونسي غداة تجميد الرئيس قيس سعيّد أعمال المجلس وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه، ما أغرق البلاد في أزمة دستورية بعد أشهر من الصراعات السياسية.
وانتشرت قوات من الجيش أمام مقر البرلمان بمنطقة باردو بالعاصمة ومنعوا الدخول إليه.
وأفاد موظفون في وكالة فرانس برس أن قوات الجيش منعتهم من الدخول إلى مقر رئاسة الحكومة وطوقته.
ولم تتمكن فرانس برس من الاتصال برئيس الحكومة هشام المشيشي الذي أعفاه الرئيس التونسي من مهامه الأحد إثر تنامي الغضب الشعبي تجاه الحكومة بسبب سوء ادارتها للأزمة الاجتماعية والصحية.
وعبرت كل من ألمانيا وتركيا وروسيا عن قلقها، ورفضت أنقرة المقربة من حزب النهضة “تعليق العملية الديمقراطية وتجاهل إرادة الشعب الديمقراطية في تونس”.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية ماريا أديبهر لصحفيين إن بلادها تأمل في عودة تونس “في أقرب وقت ممكن إلى النظام الدستوري”.
واعتبرت أن “جذور الديمقراطية ترسّخت في تونس منذ 2011” في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. وأوضحت أن بلادها “قلقة للغاية” مما جرى، لكن “لا نودّ التحدث عن انقلاب”، مضيفة “سنحاول بالتأكيد نقاش (الوضع) مع السفير التونسي” في برلين، كما أنّ “سفيرنا في تونس جاهز للانخراط في مباحثات”.
ومساء الأحد، أعلن سعيّد “تجميد” أعمال مجلس النوّاب لمدة 30 يوماً، في قرار قال إنه كان يُفترض أن يتخذه “منذ أشهر”.
وأعلن سعيّد عقب اجتماع طارئ عقده في قصر قرطاج مع مسؤولين أمنيّين، أنه سيتولّى بنفسه السلطة التنفيذية “بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة ويُعيّنه رئيس الجمهوريّة”.
وحذر سعيّد في خطابه “أنبّه الكثيرين الذين يحاولون اللجوء إلى السلاح… من يطلق رصاصة واحدة ستجابهه قواتنا المسلّحة العسكرية والأمنية بوابل من الرصّاص”.
ومنع المئات من مناصري الرئيس سعيّد مؤيدي حزب النهضة من الاقتراب من زعيمهم الغنوشي الموجود داخل سيارة أمام البرلمان وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة والعبوات، وفق ما أفاد صحفيون في فرانس برس.
وتسبب تجاذب مستمر منذ ستة أشهر بين الرئيس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم أكبر الأحزاب تمثيلاً في المجلس، بشلل في عمل الحكومة وفوضى في السلطات العامة، في وقت تواجه تونس منذ مطلع تموز(يوليو) ارتفاعاً حاداً في عدد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا.
ومنع الجيش الغنوشي المعتصم منذ ساعات داخل سيارة سوداء اللون أمام أبواب البرلمان الموصدة من الدخول إلى المبنى.
وندّد حزب النهضة في بيان نُشر عبر فيسبوك مساء الأحد بـ”انقلاب على الثورة والدستور”. وتوجه الغنوشي ونوابٌ آخرون من النهضة إلى المجلس منذ الثالثة فجراً (02,00 ت غ)، مصحوبا بنائبته سميرة الشواشي عن حزب “قلب تونس”.
وقالت الشواشي في مقطع فيديو نشرته وسائل اعلام محلية لقوات الجيش التي تحرس البرلمان “من فضلكم دعونا نمر، نحن حماة الدستور”.
وأجابها أحد العسكريين “نحن حماة الوطن” و”ننفذ الأوامر”.
بدوره قال الغنوشي “الشعب التونسي لن يقبل الحكم الفردي مجددا… ندعو كل القوى السياسية والمدنية والفكرية الى ان يقفوا مع شعبهم للدفاع عن الحرية… ما دامت الحرية مهددة فلا قيمة للحياة”.
وقال في مقطع فيديو نشره على صفحته الرسمية ان سعيّد “يريد تحويل طبيعة النظام من نظام برلماني ديمقراطي الى نظام رئاسي فردي استبدادي”.
وأكد الغنوشي أن الرئيس لم يستشره قبل أخذ القرارات استنادا إلى الفصل 80 من الدستور التونسي الذي ينص أن على “لرئيس الجمهورية في حالة خطرٍ داهمٍ مهددٍ لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدّولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشّعب وإعلام رئيس المحكمة الدّستورية، ويعلن عن التّدابير في بيان إلى الشعب”.
ويطبق هذا الفصل لمدة ثلاثين يوما ويعهد للمحكمة الدستورية رفض أو اقرار مواصلة العمل به.
لكن ومنذ اقرار دستور 2014 لم يتم انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية الى اليوم وذلك بسبب تجاذبات سياسية حادة بين الأحزاب. ويرى مراقبون أن من شأن هذه التطورات السياسية أن تضعف من الديمقراطية الناشئة في تونس والتي تأتي اثر ستة أشهر من الصراعات والخلافات الحادة بين سعيّد والغنوشي بينما تمر البلاد بوضع صحيّ متأزم.
وتسجّل البلاد مع حوالي 18 ألف وفاة من أصل 12 مليون نسمة، أحد أسوأ معدّلات الوفيات جراء كوفيد في العالم.
وإثر خطاب سعيّد خرج المئات من التونسيين للاحتفال في الشوارع بالرغم من حظر التجول الليلي الذي أقرته السلطات لمكافحة وباء كوفيد- 19.
وندد كل من حزب “قلب تونس” و”ائتلاف الكرامة” بقرار سعيد.
ورفض حزب “التيار الديمقراطي” الذي دعم سعيّد سابقا في عديد المواقف، توليه كل السلطات.
لكن الحزب حمّل في بيان الاثنين “مسؤولية الاحتقان الشعبي المشروع والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وانسداد الأفق السياسي للائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة وحكومة هشام المشيشي”.
إلى ذلك ساند حزب “حركة الشعب” قرارات الرئيس في بيان واعتبرها “تصحيحا لمسار الثورة”.-(ا ف ب)
التعليقات مغلقة.