اللاهثون وراء الدفائن يعبثون بآثار جرش تحت ظلال “كورونا”
كما ألقت جائحة كورونا بظلالها القاتمة على الحياة بشكل عام في كل انحاء العالم، وتحديدا في الجانبين الصحي والاقتصادي، بالاضافة للتعليم والعمل، فإنها أيضا أصابت الآثار والمناطق التاريخية بأضرار بالغة.
وفي هذا السياق، فإن الاوضاع الاقتصادية للمواطنين، وأوامر الدفاع، بما انطوت عليه من حظر شامل وجزئي، والالتزام بالتباعد والوقاية من الاختلاط بين المواطنين، دفعت بعض العابثين من الباحثين عن الكنوز والآثار والدفائن في محافظة جرش، لاستغلال أجواء الجائحة، وتحديدا خلال فترات الحظر، لتنفيذ اعمال تخريبية لآثار تنتشر في محافظة جرش بوجه عام، وفي مدينة جرش الآثارية بوجه خاص.
وتحت ذريعة الأحوال الاقتصادية الصعبة التي يعيشها غالبية أفراد المجتمع، ويعيش مثلها غالبية شعوب العالم، استغل هؤلاء العابثون فترة الجائحة، بالحفر والنبش عن دفائن وآثار في منطقة تعد من أغنى مناطق العالم بالآثار الرومانية تحديدا.
وبالرغم من وجود رقابة على المواقع التاريخية، او المتوقع وجود آثار فيها بمحافظة جرش، لكن الاعتداءات على هذه المواقع، كشفت حجم اعتداءات خطرة على هذه المواقع، ما سبب تخريبا للقيمة التاريخية لها.
مصدر مسؤول بمديرية آثار جرش، كشف أن المديرية تتلقى بلاغات يوميا عن اعتداءات على آثار المدينة، اذ تتعرض كهوف وأنفاق وممرات تاريخية للتخريب جراء عمليات البحث عن كنوز ودفائن، على ايدي باحثين غير مدركين لما يقدمون عليه من جرائم، بحث الإرث التاريخي للمملكة.
ولفت الى أن غالبية اعمال هؤلاء، تجري قرب أسوار المدينة الآثارية، وبعض المناطق التي اكتشف فيها مسبقا مواقع تاريخية، موضحا ان العابثين أيضا، تظهر لهم آثار لم تكن مكتشفة مسبقا، خلال اعمالهم البدائية في الحفر والنبش، داخل مناطق آثار أو في بيوت لهم يملكونها.
ولكن المصدر شدد على انه برغم خطورة البحث العشوائي على الآثار وطرق البحث غير العلمية، فإن هوس هذه الفئات، يتسبب بتدمير أجزاء من المكتشفات التي يجدونها خلال عمليات نبشهم عن الآثار بطرق غير ممنهجة.
وقال إن أعمال اكتشاف الآثار، تحتاج إلى خبراء وفنيين مدربين، لضمان الحفاظ على القيمة الآثارية والتاريخية للمكتشفات، وهذا لا يتوافر الا لجهات رسمية مدربة، ومتخصصة، وتستخدم الطرق العلمية في البحث والاكتشاف.
وقال أن لدى مديرية آثار جرش، فريق خبراء وفنيين مدربين على التعامل مع الآثار، لافتا الى أنه قد يجد بعض العابثين قطعا أثرية قيمة، لكنهم يعاملونها بإهمال، لعدم معرفتهم بقيمتها، لذا فإن مثل هذه المهام، مقتصرة على الخبراء لتقدير قيمة الآثار التاريخية، وهو ما لا يتوافر لأي شخص.
وأكد المصدر، أن القطع التي يعثر عليها العابثون، غالبا لا تحمل قيمة أو اهمية تاريخية، وقد تكون تشكيلات طبيعية داخل مدافن وكهوف قديمة، واحيانا تكون مجرد قطع فخارية مهشمة وحجارة تحتوى على نقوش وزخارف وكتابات.
وأوضح ان محافظة جرش فيها أكبر المدن الرومانية التاريخية في العالم، ومن الطبيعي أن تحتوي قراها وبلداتها على نقاط غنية بالآثار، ما يتطلب الحفاظ على قيمتها التاريخية، وعدم العبث بها وتدميرها.
ويعتقد المصدر بأن ارتفاع نسبة الباحثحين عن الدفائن في المحافظة، مرده الظروف الاقتصادية الصعبة للمواطنين، وما خلفته الجائحة من بطالة وفقر، والاعتقاد بأن المدينة غنية بآثار غير مكتشفة ودفائن غير معروف موقعها، وبالتالي يتطلع بعضهم إلى أن عمليات بحثهم ستكون أكثر دقة من المتخصصين، وان طرقهم أفضل.
لكن، ووفق المصدر، فإن الأجهزة الأمنية ومديرية الآثار تتابع على نحو يومي المواقع كافة، وتمنع الاعتداء على أي منها، لافتا إلى أنه وخلال فترات الحظر، حاول بعض الباحثين عن الدفائن، العبث بمواقع أثرية في جرش وضواحيها، مستغلين ضعف حركة الناس في الشوارع، والتزامهم بأوامر الدفاع في منازلهم.
رئيس جمعية أصدقاء آثار جرش رفاد العياصرة، قال ان هذه الآثار من اهم الكنوز الأثرية في العالم، وهي معروفة وموثقة عالميا، لافتا الى أن العابثين يعتقدون بأن مدينة جرش فيها كنوز أثرية ما تزال مدفونة وغير مكتشفة، وأنهم قادرون على إخراجها والاتجار بها، للحصول على ثروة مالية كبيرة، ويعتقد بأن الحل للحفاظ عليها هو الرقابة المستمرة لها، للحد من العبث بها.
الخبير السياحي وعضو مجلس المحافظة الدكتور يوسف زريقات، بين أن العبث بالآثار عبث بالتاريخ والثروة الأثرية الوطنية، لا يمكن معالجة أي آثار للعبث بغض النظر عن طريقته، أكانت بالحفر للبحث عن الدفائن أو بتكسير قطع أثرية للاتجار بها أو الكتابة عليها بطريق توحي بقدمها، وغيرها من الوسائل المخادعة لاستغلالها ككنوز أثرية، مبينا أن الحل يكمن بمراقبة إلكترونية وبشرية دقيقة ومستمرة للمواقع الأثرية.
صابرين الطعيمات/ الغد
التعليقات مغلقة.