الأميركيون يكثفون جهود الإجلاء.. وطالبان تمهلهم أسبوعا
كثف الأميركيون أمس جهودهم لإجلاء آلاف الأفغان والأجانب من كابول في أسرع وقت ممكن بعدما حذرت حركة طالبان من انها لن تسمح باستمرار هذه العمليات إلا لأسبوع واحد.
ويبدي الرئيس الأميركي جو بايدن ثقة كبيرة بأن قرار الخروج من أفغانستان الذي قد يبدو كارثيا، ستثبت صوابيته في نهاية المطاف، وتعتلي وجهه ابتسامة عريضة لدى سؤاله عن تراجع التأييد الشعبي له.
فقد صرّح بايدن قبل يومين للصحفيين بالقول “أعتقد أنه عندما ينتهي هذا الأمر، سيفهم الأميركيون بكل وضوح ما الذي فعلته”، وتابع “يفرض عليّ منصبي اتّخاذ قرارات لا يمكن لسواي اتّخاذها”.
وتعرّضت إدارة بايدن لانتقادات من كل حدب وصوب حين بسطت حركة طالبان سيطرتها على أفغانستان واستولت على السلطة في كابول في منتصف الشهر الحالي.
وأظهر استطلاع نشرت نتائجه شبكة “إن.بي.سي” الأحد الماضي أن نسبة التأييد لبايدن تراجعت من 53 % قبل أربعة أشهر إلى 49 %، وأن نسبة عدم تأييده ارتفعت من 39 % إلى 48 %.
وحول طريقة إدارته لملف أفغانستان بلغت نسبة عدم مؤيدي الرئيس الأميركي 60 %، بحسب الاستطلاع.
ويسعى الجيش الأميركي بكل طاقته إلى صرف الأنظار عن الإحراج الحكومي من خلال الفاعلية الكبيرة لعمليات الإجلاء التي يجريها من كابول، فقد تم إجلاء أكثر من 48 ألف شخص منذ بدء الجسر الجوي في 14 آب (اغسطس)، عشية استيلاء طالبان على كابول، بينهم 11 ألفا خلال 12 ساعة أول من أمس كما أعلن البيت الأبيض، كما تم إجلاء آلاف آخرين من قبل دول حليفة أخرى.
وحذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أمس من أن المهلة المتبقية حتى 31 آب (اغسطس)، “لن تكون كافية” لاجلاء “كل الذين نريد إخراجهم” من البلاد.
وثمة أفغان مصممون على مغادرة البلاد بأي ثمن وقد عمل كثيرون منهم لدى الحكومة السابقة أو القوات الأجنبية، تخوفا من أن تقيم طالبان النظام الأصولي نفسه الذي كان سائدا إبان حكمها بين 1996 و2001.
وقال نيلوفار بيات الكابتن في فريق كرة السلة الافغاني على كرسي نقال، والذي تمكن من مغادرة بلاده للجوء الى اسبانيا الأسبوع الماضي إن “حركة طالبان لم تتغير”.
وخارج كابول، في الأرياف والمدن الكبرى يعبر الكثير من الأفغان عن ارتياحهم لانتهاء الحرب التي استمرت عقودا. لكن البعض ولا سيما النساء والأقليات الاتنية، قلقون إزاء مصيرهم.
وحاولت حركة طالبان، المدركة للتحديات التي تنتظرها لا سيما وانها ستحكم بلدا تغير كثيرا خلال عقدين، ان تظهر بمظهر الاعتدال أمام الشعب والمجموعة الدولية لكن بدون أن تقنع كثيرا بحسن نواياها.
وحذرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان ميشيل باشليه أمس خلال اجتماع خاص لمجلس حقوق الانسان حول أفغانستان من أن “طريقة معاملة طالبان للنساء والفتيات واحترام حقوقهن بالحرية وحرية التنقل والتعليم والتعبير والعمل وفقا للمعايير الدولية على صعيد حقوق الانسان، ستشكل خطا أحمر”.
وأول من أمس صعدت حركة طالبان لهجتها بعدما كانت تتعاون مع الأميركيين والغربيين في عمليات الإجلاء.
وقال الناطق باسمها سهيل شاهين “هذا خطر أحمر، الرئيس بايدن أعلن ان (الولايات المتحدة) ستسحب كل قواتها المسلحة في 31 ىالشهر الحالي. بالتالي إذا مددت (وجودها) فهذا يعني انها تمدد الاحتلال” محذرا الغربيين من “عواقب” في هذه الحالة.
وشدد بايدن على انه يرغب في الالتزام بموعد 31 الشهر الحالي لكن بدون أن يستبعد بالكامل احتمال تمديد هذه المهلة.
وقال الناطق باسم البنتاغون جون كيربي أول من أمس إن “الهدف هو إجلاء أكبر عدد ممكن من الناس وفي أسرع وقت ممكن” مضيفا “الهدف هو أن نحاول بذل أقصى جهودنا حتى نهاية الشهر”.
لكن الكثير من الدول الأوروبية تدفع في اتجاه تأجيل هذه المهلة رغم ان وزير الدفاع البريطاني بن والاس قال أمس انه “من غير المرجح” ان تقوم الولايات المتحدة بذلك.
وبعدما اعتبرت فرنسا أول من أمس أنه من “الضروري اعطاء مهلة إضافية”، ذكر دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى أن الجسر الجوي الذي أقامته فرنسا لإجلاء الأفغان الراغبين في الفرار من طالبان سيتوقف إذا انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان كما هو مخطط في 31 الشهر الحالي.
من جهتها أعلنت الحكومة الاسبانية انها تبذل كل جهودها لاجلاء أكبر عدد ممكن من الناس لكن “سيبقى أشخاص في المكان” لأسباب خارجة عن إرادتها.
يبقى الوضع خطرا وفوضويا في محيط مطار كابول حيث قتل حارس أفغاني وأصيب ثلاثة آخرون خلال تبادل لاطلاق النار صباح أول من أمس مع مهاجمين لم تعرف هوياتهم. وقتل عدة أشخاص سابقا أيضا.
ويعملون منذ ذلك الحين على تشكيل حكومة يفترض ان تشمل مكونات أخرى. لكن مصدرين من النظام الجديد قالا أول من أمس إن حركة طالبان لن تعلن تشكيل حكومة طالما لا يزال هناك جنود أميركيون في أفغانستان.
وفي محاولة لإثبات حسن نيتها، أصدرت طالبان عفوا عاما عن كل المسؤولين الحكوميين أو عسكريين أفغان.
لكن بحسب تقرير لمجموعة خبراء تعمل لدى الأمم المتحدة نشر الأسبوع الماضي فان الحركة لديها “لوائح أولويات” للافغان الملاحقين، والذين أكثرهم عرضة للتهديدات هم كبار ضباط الجيش والشرطة والاستخبارات.
وتسيطر طالبان على كل أنحاء البلاد تقريبا، لكنّ جيباً مقاوماً تشكّل في وادي بانشير شمال شرق كابول، وعماده “جبهة المقاومة الوطنية” بقيادة احمد مسعود، نجل القائد المعروف احمد شاه مسعود الذي اغتاله تنظيم القاعدة في 2001، وأمر الله صالح نائب رئيس الحكومة السابق.
وأكّدت طالبان أول من أمس أنها تحاصر قوات المقاومة في بانشير، لكنّها أعطت الأولوية للتفاوض.
من جهته، قال المتحدث باسم الجبهة علي ميسم نظري إن الأخيرة تستعد لـ”نزاع طويل الأمد” مع طالبان اذا لم يتم التوصل الى تسوية معها حول نظام حكم لامركزي.-(أ ف ب)
التعليقات مغلقة.