اين نحن وماذا نريد؟
نسيم العنيزات
حتى يتقدم اي محتمع وتتطور اي دولة وتتمكن من احداث نقلة نوعية نحو البناء والنهوض والاستقرار، عليها ان تحدد الصورة والهدف الذي تسعى اليه قبل كل شيء، وما هو شمل الصورة او القالب التي تسعى لوضع نفسها بداخله ومدى انسجامه مع طبيعة المجتمع وصفاته وثقافته وعاداته وتقاليده لان صفات اي مجتمع لا تتعارض مع تقدم الدولة..
لتشرع بعدها بوضع نقطة البداية باستخدام مسطرة شفافة وواضحة المعالم والارقام مستقيمة دون اية تعرجات، والسير عليها ضمن الارقام المتسلسلة دون قفز او مواربة.
نعم ان طريقة القفز والتردد والعودة الى الخلف خطوات والسير مع الرياح بعد التقدم خطوة لن تبقي المجتمع او الدولة مكانها بل تعيدها الى الوراء وتبقيها داخل غرفة مغلقة لا تعرف بوصلتها او اتجاهها وتحدث ارباكا محتمعيا.
وعلينا ايضا القبول بالتغيير والإيمان به كسمة مجتمعية طبيعية منذ الازل، فجميع المجتمعات تتغير وتغيرت وهناك دول كثيرة تطورت وتقدمت واحدثت نقلة نوعية بين مكوناتها من خلال العدالة وتطبيقها كالمسطرة على جميع افراد المحتمع فارضة قوانين وتشريعات نظمت العلاقة بين الناس انفسهم وبين دولتهم، مع الاخذ بالاعتبار طبيعة ومكونات المجتمع نفسه.
واعتقد ان الامر لم يمر بسهولة بل وجد صعوبة وقوبل بالرفض من بعض الطبقات المستفيدة من الوضع السائد من عنصرية وتخلف مجتمعاتها التي كانت تتعامل معهم كالعبيد، هذا الامر لم يكن سهلا في معظم الدول الأوروبية التي تتغنى الان بالحرية والديمقراطية والتقدم والتطور.
لكن عندما قررت الدولة ان تتماشى مع مطالب مجتمعها وشعبها مجبرة او مقتدية بمن سبقها والاستفادة من تجاربها قبل ان يلتهمها الطوفان انذاك وان تنتقل الى فضاء الحرية والديمقرطية والعدالة لم تتردد كما لم تأخذ اعتبارات لاي نوع من المقاومة او الرفض، لانها ادركت بانه لا مجال امامها الا السير على هذا الطريق.
هذه الاحداث كانت في ازمنة غير زماننا ولا اوقاتنا مع غياب المسطرة الحقيقية لنوع الحرية والديمقراطية في عالم كان يعيش في ظلام دامس وجهل مطبق من العبودية والسخرة وسيطرة بعض الطبقات الاجتماعية على المجتمع باكمله.
مع غياب جميع وسائل التواصل وانحسار الثقافة والادب بين فئة محددة من الناس كانت توجهها حسب مصالحها ورغباتها، لكن الان في ظل هذا التطور ووجود شواهد ونماذج حية واتفاق شبه محسوم على الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة فان الامر اصبح اكثر سهولة واقل تكلفة واسرع وقتا لتحقيقه شريطة ان نحدد اين نحن وماذا نريد؟. بعيدا عن اية نزعات ومصالح ضيقة لان الدولة للجميع واكبر من الجميع.