سورية توافق على تمرير الكهرباء الأردنية عبر أراضيها إلى لبنان

رحبت دمشق السبت بـ”طلب” لبنان إمرار الغاز والطاقة الكهربائية من مصر والأردن عبر أراضيها وأبدت استعداداً “لتلبيته” للتخفيف من وطأة أزمة طاقة يعاني منها لبنان منذ أشهر وذلك في أول زيارة لوفد وزاري لبناني رفيع المستوى إلى سورية منذ اندلاع النزاع فيها قبل عشر سنوات.

ويشهد لبنان منذ أشهر شحاً في المحروقات ينعكس على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية، وذلك على وقع أزمة اقتصادية تتفاقم منذ عامين وصنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.

كما تعاني سورية بدورها من أزمة طاقة كهربائية حادة جراء النزاع الدائر فيها منذ 2011 وفاقمتها العقوبات الدولية المفروضة عليها.
والشهر الماضي، أعلنت الرئاسة اللبنانية تبلغها موافقة واشنطن على مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية والغاز من مصر والأردن مروراً بسورية فلبنان. ويعني التعهد الأميركي عملياً، موافقة واشنطن على استثناء لبنان من العقوبات المفروضة على سورية والتي تحظر إجراء أي تعاملات مالية أو تجارية معها.

ووصل الوفد اللبناني المؤلف من نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر ووزير المال غازي وزني ووزير الطاقة ريمون غجر والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، صباحاً إلى سورية. وعقد لقاء في مقر الخارجية السورية بحضور وزيري الخارجية والنفط فيصل المقداد وبسام طعمة.
وخلال مؤتمر صحافي بحضور المجتمعين قال أمين عام المجلس الأعلى اللبناني-السوري الذي يضم ممثلين عن البلدين، نصري خوري: “طالب الجانب اللبناني إمكانية مساعدة سورية للبنان في تمرير الغاز المصري والكهرباء الاردنية عبر الاراضي السورية، ورحب الجانب السوري بالطلب وأكد استعداد سورية لتلبية ذلك”.

واتفق الجانبان على متابعة الأمور الفنية عبر فريق فني مشترك.

ويتفاوض لبنان منذ أكثر من سنة مع القاهرة لاستجرار الغاز عبر الأردن وسورية، وفق ما كان مصدر مطلع على الملف أفاد فرانس برس، لكن العقوبات الأميركية على سورية، وآخرها قانون قيصر، شكلت على الدوام عقبة أمام الاتفاق.

ويقضي الاتفاق، وفق المصدر، باستجرار الغاز المصري لتشغيل معامل لإنتاج الكهرباء في لبنان، وبإمداده بالطاقة الكهربائية من الأردن الذي يستورد أيضاً الغاز المصري لإنتاج الطاقة التي كان يزود بها سورية كذلك في الماضي.

وتُعد هذه الزيارة الحكومية اللبنانية الرسمية الأولى إلى سورية منذ اندلاع النزاع، إذ اتبع لبنان رسمياً مبدأ “النأي بالنفس” عن الحرب، وسط انقسامات كبرى بين القوى السياسية إزاء العلاقة مع دمشق ومن ثمّ مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب القوات الحكومية.
وحافظ البلدان على علاقات دبلوماسية بينهما، لكن الزيارات الرسمية تراجعت إلى حدّ كبير، واقتصرت على مبادرات فردية من وزراء وشخصيات يمثلون أحزاباً حليفة لدمشق، على رأسها حزب الله الذي طالما دعا إلى الانفتاح الرسمي على سورية، الأمر الذي لا تزال ترفضه قوى سياسية أخرى.

وخلال عامين، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار. وقدرت الأمم المتحدة أن 78 في المئة من السكان باتوا يعيشون في الفقر.

وجراء أزمة المحروقات الحادة، تراجعت قدرة مؤسسة الكهرباء على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.
ويقف المواطنون يومياً لساعات طويلة أمام المحطات لتعبئة خزانات سياراتهم. وحذرت المستشفيات مراراً من من نفاد المحروقات ومخاطره على حياة المرضى.

وتعاني سورية أيضاً من أزمة طاقة حادة. ومنذ سنوات تشهد مناطق سيطرة الحكومة ساعات تقنين طويلة بسبب عدم توفر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد. وتحول العقوبات الاقتصادية دون وصول باخرات النفط بشكل منتظم إليها.

وتفاقمت أزمة الكهرباء في الأشهر الماضية، مع وصول ساعات التقنين إلى نحو عشرين ساعة يومياً، بعدما استنزفت سنوات الحرب قطاعي الطاقة والكهرباء مع خروج أبرز حقول النفط والغاز عن سيطرة دمشق من جهة وتضرّر محطات التوليد في المعارك من جهة أخرى.

وخلال زيارة إلى بيروت لوفد من مجلس الشيوخ الأميركي، قال السيناتور كريس مورفي إن أي وقود يمر عبر سورية قد يكون عرضة للعقوبات، “لذلك، فإننا نعمل على تحديد ما إذا كان بإمكاننا تسهيل النقل (إلى لبنان) من دون تطبيق العقوبات الأميركية”.
وأضاف “لا نعتقد أن لبنان يحتاج للاعتماد على ناقلات الوقود الإيرانية من أجل حل الأزمة”.

وتبلغ لبنان استعداد واشنطن مساعدته لاستجرار الغاز المصري، بعد وقت قصير من إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أن “سفينة أولى” محملة بمادة المازوت ستتوجه إلى لبنان من إيران، الداعم الأول لحزب الله والتي تفرض عليها واشنطن عقوبات اقتصادية.

وغادرت السفينة الموانئ الإيرانية قبل نحو أسبوعين، ولا تزال في مياه البحر الأحمر، وفق موقع “تانكرز تراكر” المتخصص في مراقبة حركة السفن.

ومن المتوقع أن تتوجه السفينة إلى سورية لتفريغ حمولتها قبل نقلها براً إلى لبنان، فيما لم يصدر أي تصريح رسمي لبناني حول الشحنات الإيرانية، التي اثارت جدلاً سياسياً.

وإثر إعلان واشنطن، وعد نصرالله بشحنات وقود إضافية من إيران. وقد أبحرت سفينة ثانية قبل أيام.

وأثار إرسال سفن ايرانية محملة بالمحروقات إلى لبنان مخاوف خصوصاً بعدما تعرضت سفن مرتبطة بإيران وإسرائيل لهجمات في الأشهر الماضية، اتهم كل طرف الآخر بالوقوف خلف بعضها أقله. (ا ف ب)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة