إصلاح ذات البين/ مصطفى الشبول
أحب أبو فلاح أن يكون له نصيب وحصة في مصطلح إصلاح ذات البين وان يُذكر في سيرته الذاتية ، فقد قرأ في صفحات متعددة عن شخصيات مرموقة كان من ضمن سيرتهم إصلاح ذات البين ، وبدأ يشتغل على نفسه ، وتكلّف الكثير ، بدءً من عمل الولائم وزيارة الشيوخ والوجهاء للتعلم، مروراً بشراء الملابس المتخصصة لذلك والحصول على الموافقات الإدارية والشعبية لممارسة هذا العمل …
ومرت الأيام وأصبح أبو فلاح عَلَم يرفرف في كل المواقع بعمله الإصلاحي والتوفيق بين الناس بكل شيء، حتى أن هذا العمل التطوعي انعكس على طباعه وصفاته وتعاملاته في بيته ، فقد كان يُعرف بالعصبي والنزاق وكثير المشاكل مع زوجته وأولاده ،فأصبح الرجل الهادئ والمتزن والمستمع للجميع والذي يحتضن أكبر مشكلة عائلية ويحتويها بكل أبعادها …
وبعد مرور العشرين عام على أبو فلاح بهذا العمل ، أجرت إحدى القنوات التلفزيونية لقاء معه للحديث عن سيرته العطرة و مسيرته الإصلاحية والمعيقات التي واجهها خلال تلك الفترة ، أبو فلاح بدء كلامه بالشكر لله على هذا الموقع الجميل الذي من خلاله يكون حلقة وصل إصلاحية بين الناس ، وحمد الله بأنه كان أحد أسباب حقن الدماء وتهدئة النفوس وإصلاح ذات البين في كثير من المواقف والأحداث ، وذكر بعض القصص التي تم فض النزاعات فيها رغم صعوبتها … وأنهى حديثه بالصعوبات والمعيقات التي واجهها، حيث لخّصها بمشهدين ، أولهما عرض عدد الإصابات واللكمات والضربات وأماكن الجروح والقُطَب (فَغشة حجر ، ضربة قنوه) التي أصيب بها أثناء فك وحل النزاعات والمشاكل (الهوشات)،أما الأمر الآخر الذي كان يُزعج أبو فلاح هو زيارة المحاكم للإدلاء بشهادته في القضية الفلانية والمشكلة الفلانية الأخرى ، فلا يخلو شهر الا وقد زار أبو فلاح المحكمة (الشرعية أو المدنية) ليُقدم شهادته أمام أطراف قد دخل بينهم للصلح وفك النزاع وإصلاح ذات البين ، والمصيبة بأنه يتفاجأ بطلب المحكمة له بعد مضي الشهور والسنين على تدخله بالإصلاح وقد نسي فحوه القضية وما دار بها من أحداث من كثرة ما يُدعى لحل المشاكل وفك النزاعات …
أبو فلاح يقول: ما أجمل أن تعمل وتسير في الإصلاح والتوفيق بين الناس دون رياء أو سمعه أو منفعة تبتغيها أو منصب تناله ، فثمرات الإصلاح تُقطف مبكراً رغم المعيقات وكلام الناس الزائد والانتقادات الغير بنائّه … حتى الإصابات والجروح كنت أنساها مع حل المشكلة وإصلاح الأطراف المتنازعة … أما النصيحة اللي بحب أحكيها بالنهاية ، أن من يمشي بالصلح والإصلاح عليه أن يتجنب الأمور من بدايتها وهي حامية وخاصة المشاجرات والهوشات تجنباً للإصابات ولنا اكبر دليل على ذلك بسماع إصابة فلان برصاصة خاطئة أو بضربة قاتلة وهو يفزع أو وهو يمر بالشارع أثناء المشاجرة … كما عليه إذا دُعي لحل خلاف أن يُركّز بكل كلمة تقال ،لأنه رح يتفاجأ بعد حين باستدعائه للشهادة … أما الجانب السلبي بهذا الموضوع هو عندما يستغل بعض المتسلقين هذا العمل من أجل الوصول إلى أهدافهم الشخصية والحصول على شعبية الناس، وتجد حول هذا الشخص (رغم عدم كفائتة) أناس يقوموا بتلميعه ووضعه في الواجهة من أجل أهداف انتخابية ووجاهة …
التعليقات مغلقة.