انطلاق الموسم الثقافي لـ”الرواد الكبار” بمحاضرة عن “عمر الخيام والرباعيات”
افتتح منتدى الرواد الكبار، أول من أمس، الموسم الثقافي للمنتدى بندوة ثقافية للأكاديمي الأردني د. يوسف بكار بعنوان “عمر الخيام والرباعيات”، تناول فيها حياة الخيام وعلمه وشعره، وأدارتها المستشارة الثقافية القاصة سحر ملص، بحضور مديرة المنتدى هيفاء البشير، وعدد من الحضور.
وقال بكار إنه سيتناول الوجه الآخر للخيام في هذه الندوة التي تقسم على محورين؛ الأول يتناول حياة الخيام وشغفه في العلوم الأخرى مثل الفلك وعلوم الطبيعة الى جانب إتقانه اللغتين العربية والفارسية، فيما يتناول المحور الثاني الخيام شاعرا، لافتا الى أنه كان عالما في مجال “الفلك، وفيلسوف، عالم في الطبيعة، ومثقف، وشاعر”، وله مؤلفات عديدة.
وتابع بكار “كان للخيام كتب في التراث العربي، والقليل منها وصل لنا، إذ تؤكد مشاركته ومساهمته في معارف عصره وعلومه المختلفة سواء تلك التي ترك فيها آثارا مدونة، أو التي لم يترك فيها إلا آثارا شفوية تناقلتها الأخبار والمرويات، وقد أنصفه بعض كتاب ذلك العصر وأشادوا بذكائه وفطنته وجهوده وفضله ومكانته العلمية في العربية وعلومها”.
ورأى المحاضر أن آداب الأمم لم تعرف شخصية جدلية مثل عمر الخيام سواء في سيرة حياته وشخصيته أم رباعياته، “لأننا لا نعرف تاريخ ميلاده ولا تاريخ مماته الدقيقين، ولا تفصيلات عن حياته العامة والخاصة، ولكن كل ما نعرفه هو أنه عاش في العصر السلجوقي، وكان من علماء المسلمين البارزين في القرن الخامس الهجري ومن شعرائه، وهو واحد ممن يطلق عليهم في الأدب الفارس “أصحاب اللسانين”، الذين يتكلمون الفارسية والعربية ويكتبون بهما”.
وأوضح البكار أن الخيام تعلم اللغة العربية، وحاور بعض علماء عصره وناظرهم وأجاب عن تساؤلاتهم، ودون جُل مؤلفاته العلمية والفلسفية وترجم مجموعة منها إلى الفارسية.
ونوه المحاضر الى أن الخيام ترك خلفه العديد من المؤلفات بالعربية في علوم الحكمة، بالمعنى المصطلحي القديم، كان وما يزال لهذه المؤلفات، أهميتها التي جعلت من الخيام عالما، وفي العلوم الطبيعية ألف كتبا عدة؛ منها: “ميزان الحكمة”، “مختصرات في الطبيعيات”، “رسالة في الوجود”، “رسالة في الكون والتكليف”.
وقال بكار “كان للخيام جهود فلسفية باللغة العربية أكثر مما لها بالفارسية، علما أنه هو نفسه ينفي أن يكون فيلسوفا حيث كانت الرباعية باللغة الفارسية”، لافتا الى أن بعض الباحثين وعددا من مترجمي الرباعيات والدارسين العرب عدوا الخيام فيلسوفا، واستشفوا مناحي فلسفته من خلال العدد الكبير من الرباعيات، فقد ترك الخيام في الفلسفة خمس رسائل كانت أجوبة عن أسئلة وجهت إليه واحدة بالفارسية عنوانها “كليات وجود”، “كليات الوجود”، والأربع الأخرى بالعربية هي “رسالة الكون والتكليف”، “الجواب عن ثلاث مسائل: ضرورة التضاد في العالم، والجبر، والبقاء”، “الضياء العقلي في موضوع العلم الكلي”.
ورأى المحاضر أن آثار الخيام الشفوية والمدونة تتجلى في إسهاماته الكبيرة وخدماته الجليلة في العلوم العربية، لاسيما علوم الحكمة التي كان يراها ضرورية جدا من حيث الحاجة إليها. وفي معرض حديثه عن رباعيات الخيام، قال بكار إن مصدر شهرة الخيام في العصر الحديث هو “الرباعيات”، وقد وصلت شهرته إلى الغرب، ثم انتقلت الى الشرق فصار معروفا، في حين أنه لم يكن معروفا بها قديما، بل تأتت شهرته من جهوده العلمية البحتة، وما عرف عنه من مكانة بالعلوم الشرعية والإنسانية.
ويبقى الخلاف على عدم وجود “ديوان”، أو “مجموعة” شعرية أصيلة موثقة بعنوان “رباعيات الخيام”، مكتوبة بخطه أو مدونة في عصره أو في مدة قريبة منه، وقد غدا استخراج رباعياته الأصيلة والاهتداء إليها من أكبر مشكلات الأدب الفارسي إلى اليوم، لافتا الى أن الخيام نفسه لم يشر في أي من آثاره إلى شاعريته أو يذكر شيئا من رباعياته الفارسية أو شعره العربي؛ وأن تلميذه ومعاصره نظامي عروضي سمرقندي لم يتحدث عنه شاعرا.
وخلص الى أن القضية ليست أن الخيام نظم رباعيات أو لم ينظم، لكنها في عدد ما نظم، ويزداد مع الزمن حتى وصل الى “1200” رباعية، وخمن المستشرق الألماني فردريك روزن أن الرباعيات قد تصل الى خمسة آلاف.
عزيزة علي/ الغد
التعليقات مغلقة.