حوار الطرشان
نسيم العنيزات
=
ان المتابع للمشهد العام في الاردن يجد فجوة واسعة في معظم الملفات والقضايا.
فكل طرف، الحكومة والمواطن، يغرد وحده دون التقاء مع الاخر، الامر الذي يزيد المشهد تعقيدا، ويقودنا الى اشبه «بحوار الطرشان». وكأن القضايا والتحديات التي تواجهنا صراع بين طرفين يحاول كل منهما ان يثبت صحة نظريته وموقفه، باتجاه واحد وبوصلة مفقودة.
فعند كل قضية او حدث سرعان ما تتحول إلى رأي عام واصطفافات من جميع الاتجاهات يدلي كل واحد منا بدلوه ورأيه دون انتظار او البحث عن الحقيقة اومصدرها، معتقدا ومؤمنا بصحة موقفه وصوابيته.
ان الحالة التي وصلنا إليها ونعيشها ليست وليدة الصدفة او اللحظة بل قديمة جديدة عززتها بعض المعالجات الحكومية الضعيفة عبر السنوات الماضية التي لم ترتق الى مستوى الحدث لانها كانت سطحية وانية يسعى المسؤول من خلالها بان يسلّم رأسه ليكون بعيدا عن الطخ والنقد ابان جلوسه على كرسي المسؤولية لينجو بنفسه من ووسائل التواصل الاجتماعي التي تدير المشهد دون رحمة او رأفة.
وكأن بعض المسؤولين لدينا وهنا لا اتكلم عن الحاليين فقط لانهم لا يتحملون المشهد وحدهم بل تراكمات وارث ورثوه مجبرين ممن سبقوهم في معالجات وادارة وتسويفات كانت كمن يذر الرمال في العيون تاركين لمن ياتي بعدهم في تحمل المسؤولية وان يتلقوا عن رؤسهم.
وبنفس الوقت ما زالت اللغة المشتركة غائبة بين الطرفين بعيدة عن التوافق والثقة المنعدمة اصلا دون اي وجود لها في قاموس الشارع الأردني، عمقته بعض الممارسات السطحية والادارة البعيدة عن الواقع احيانا، تحركها الفزعة وردات فعل سريعة دون النظر الى الهزات المجتمعية والتطورات التي حدثت في المجتمع لجميع فئاته. التي حولته مجبرا ال مراقب وناقد ومهاجم بنفس الوقت مع غياب الدفاع وضعف حارس المرمى الذي سهل من فرصة تسجيل الأهداف في شباكه.
وفي نظرة سريعة وسهلة بعيدا عن اي دراسات او خطط او لجان نجد ان العامل الاقتصادي قبل السياسي هو المحرك الاساسي للمجتمع الذي يعيش فراغا قاتلا لعدم وجود فرص عمل خاصة للشباب الذين يديرون المشهد بكل جوانبه، مستفيدين من وسائل التواصل الاجتماعي وقدرتهم الفائقة على التعامل معها وتجييرها لمصلحتهم والتأثير على الراي العام الذي لا يرى الا اتجاها واحدا في كثير من الاحيان.
وحتى نتمكن من معالجة الاختلالات المجتمعية علينا اكتشاف الوصفة السحرية بإيجاد حلول اقتصادية سريعة دون ابطاء او تأجيل او الاعتماد على الخطط المستقبلية فقط.
فالمهم الان ان نسير ضمن مسارات آنية وسريعة واخرى مستقبلية وبمعنى اخر ان نوقف نزيف التدهور الاقتصادي عند هذه النقطة دون السماح له بالاستمرار او التراجع لناخذ فسحة من الوقت، تمنحنا القدرة على التفكير في تنفيذ خططنا وإيجاد البدائل الفاعلة والمقنعة بنفس الوقت.
ودون ذلك فان القرارات مهما كانت لن يتقبلها الناس وسينظر لها بعين من الشك والريبة وعدم الرضا وكأنها «عنزة ولو طارت «.