الاردن في المقدمة بالمجال الصحي عالميا .. والانجازات تتحدث عن نفسها
كثيرا ما نسمع عن الأخطاء الطبية، ومؤخرا باتت تطالعنا العديد من القصص والحوادث التي تتحدث عن أخطاء طبية كبيرة في المملكة.
في علم الطب وفي المفهوم الطبي، هناك خطأ طبي وهامش معترف به عالميا للاخطاء الطبية،وفي كل مستشفيات العالم هناك نسب مسموح فيها لا تتجاوز 5%، إضافة إلى أنها القاتل الثالث في بعض دول العالم بعد السرطان والأمراض القلبية الوعائية لاقوى الأجهزة الصحية العالمية.
وكثيرا ما يتداخل الخطأ الطبي مع المضاعفة الطبية، والخطأ الطبي يحتاج إلى إثبات وقائع ويحتاج إلى لجنة خبرة ويحتاج إلى توثيق، ولا يمكن التعاطي مع قضية الخطأ الطبي بشكل عادي دون السير باجراءات تبين وتثبت وقوع الخطأ من عدمه وهذا يحتاج إلى اهل خبرة واختصاص، وكثيرون لا يستطيعون تعريف الخطأ الطبي والفرق الشاسع بين الخطأ والمضاعفة لطبية .
تعريف الخطأ الطبي واحد، حتى ولو اختلفت بعض التوصيفات، والأقرب لتعريفه عرفا وقانونا «كل مخالفة أو خروج من الطبيب في سلوكه على القواعد والأصول الطبية التي يقضي بها العلم، والمتعارف عليها نظريا وعمليا وقت تنفيذه العمل الطبي، أو إخلاله بواجبات الحيطة والحذر واليقظة التي يفرضها القانون والمهنة عليه»
كما يعرف الخطأ الطبي أيضا باسم الإهمال الطبي أو الإهمال السريري، ويركز على فشل الطبيب في تشخيص حالة المريض، أو عمل تشخيص خاطئ وفقا للمعطيات او ارتكاب خطأ أثناء إجراء عملية و إعطاء دواء خاطئ، اضافة إلى عدم شرح طبيعة العلاج -أو شرحه بطريقة خاطئة- للمريض، أو عدم الحصول على موافقته عليه.
كما يعرف الخطأ أنه نتيجة انعدام الخبرة أو الكفاءة من قبل الطّبيب الممارس أو الفئات المساعدة، أو هو نتيجة ممارسة عمليّة أو طريقة حديثة وتجريبيّة في العلاج، أو نتيجة حالة طارئة تتطلّب السرعة على حساب الدقّة، أو نتيجة طبيعة العلاج المعقّد.
إما المضاعفة الطبية فتعرف على أنها « نتيجة غير مرغوبة لمرض أو حالة صحية أو علاج، تنتج مضاعفات سلبية تؤدي لتفاقم شدة المرض أو ظهور علامات أو أعراض أو تغيرات مرضية جديدة قد تنتشر في جميع أنحاء الجسم وتؤثر على الأعضاء الأخرى .
والخلاصة، انه ليس كل ما يقال عن الأخطاء الطبية هو حقيقة واقعة، فهناك الكثير من التداخل بين الخطأ والمضاعفة.
وتعترف منظمة الصحة العالمية وكافة المرجعيات الصحية العالمية بوجود الخطأ الطبي، فقد أكدت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها وفاة خمسة أشخاص في العالم كل دقيقة بسبب أخطاء طبية في المعالجة، أي أكثر من ضحايا الحروب.
كما تؤكد المنظمة أن أخطاء التداوي تتسبب في وفاة واحدة على الأقل كل يوم، وتتسبب في إصابة حوالي 1.3 مليون شخص سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.
وتشير التقديرات إلى أن معدلات الأحداث الضارة المرتبطة بالتداوي في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تماثل تلك الخاصة بالبلدان المرتفعة الدخل.
وعلى الصعيد العالمي، قدرت التكلفة المرتبطة بأخطاء التداوي بنحو 42 مليار دولار أمريكي سنوياً أو ما يناهز 1% من إجمالي الإنفاق الصحي العالمي.
وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة أكثر دول العالم وقوعا في الأخطاء الطبية، وكانت دراسة قد بينت ان المرضى في الولايات المتحدة ابلغوا عن معدلات اعلى من الاخطاء الطبية وعدم انتظام زيارات الاطباء وارتفاع تكاليف العلاج بالمقارنة مع كندا وبريطانيا وثلاث دول متقدمة اخرى.
كما بينت دراسات عالمية ان 34 % من المرضى الاميركيين يحصلون على ادوية خاطئة وعلى علاج غير مناسب او غير صحيح او يحدث تأخير في نتائج فحوصهم على مدى العامين المنصرمين.
وبينت مؤسسة الرعاية الصحية ان 30 % من المرضى في كندا ابلغوا عن وقوع اخطاء طبية مماثلة يليها 27 % في استراليا و25 % في نيوزيلندا و23 % في المانيا و22 % في بريطانيا.
وجدير بالذكر الاشارة إلى أن تقرير كلية الطب في جامعة هارفرد السنوي، الذي يتحدث عن الأخطاء الطبية،أشار إلى أن الأشخاص الذين يتوفون سنوياً نتيجة الأخطاء الطبية «التي يمكن تفاديها»، وصل عددهم إلى 98 ألف حالة سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية، وكان مجمل تكلفة هذه الأخطاء في المستشفيات سنويا، ما بين 17 مليارا إلى 29 مليار دولار، وتصل نسبة الإصابات الأخرى، إلى مليون متضرر سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية.
في الاردن، وبحسب المرجعيات الرسمية في وزارة الصحة ونقابة الأطباء، تشير سجلات النقابة الى ان عدد حالات الأخطاء الطبية في تناقص في سجلات النقابة منذ عام 2003 .
والشكوى المقدمة سواء لوزارة الصحة أو نقابة الأطباء تاخذ ثلاثة اوجه، منها طبي ومهني ومنها تنظيمي وأكثرها تتعلق بارتفاع الأسعار كما تشير كافة القضايا التي وصلت إلى التقاضي أن نسبة الإدانة للأطباء فيها لا تتجاوز 1% .
وتؤكد النقابة والوزارة والأطباء، أن كل إجراء له نسبة أخطاء متفاوتة، وإذا ما قورنت بالدول المجاورة في المنطقة فهي مشابهة وليست بالأكثر مما هو مسجل في الأردن
وفي المملكة لا توجد دراسة فعلية تحدد حجم وقوع الأخطاء الطبية، الا أنه يمكن الوصول إلى النسبة من خلال حجم الشكاوى المقدمة أو حجم القضايا المنظورة إمام القضاء، .
ويرد إلى وزارة الصحة ما بين 20 الى 30 شكوى يوميا، منها ضد أطباء متهمون بارتكاب أخطاء طبية، ولكن بعد الفحص والتمحيص، فان الأخطاء الطبية لا تتجاوز عُشر تلك الشكاوى.
الخطأ الطبي وارد ولكنه غير مبرر الوقوع، ونحتاج إلى وقفة حقيقية لمراجعة الأخطاء، ولكن في ذات الوقت علينا أن لا نتناسى منجزاتنا الطبية التي بنيت على مدار سنوات من جهد كبير،جعلت اسم الأردن في المقدمة في هذا المجال عالميا واقليميا ، وتعتبر المملكة رائدة في مجال الطب، لما تمتلكه من خبرات وتخصصات فريدة ومختلفة جعلت منه ملجأ الكثيرين لطلب العلاج، وحقق الأردن في المجال الطبي منجزات كثيرة يعترف بها القاصي والداني حيث يحتل المركز الأول عربيا، وهو ضمن أول 10 دول في مجال السياحة العلاجية عالميا، بالإضافة لحصول المستشفيات فيه على شهادات جودة عالمية، واعتماد دول .
والوزارة هي الراعية الرسمية المسؤولة عن تقديم خدمات الرعاية الصحية الأوليـة، وتشمل معالجة الأمراض السارية، وإصابات الحوادث والاسعاف، وخـدمات التطعـيم ضـد الأمراض ورعاية الأمومة والطفولة، والصحة المدرسية والعامـة والبيئـة، والتثقيف الصحي، وحققت الكثير من المنجزات والتي ما زلنا نشهدها بالتصدي لجائحة كورونا والتي قهرت أكبر النظم الصحية العالمية، ويحظى أكثر من 87.25 % من الأردنيين بالتأمين الصحي، وتبلغ نسبة المؤمنين في وزارة الصحة وحدها 44.1 %.
كما وينفق الاردن بين 8 % إلى 9 % من ناتجه المحلي الإجمالي على القطاع الصحي سنويا، بينما يحقق أداء جيدا في المؤشرات الصحية العامة، كمتوسط العمر المتوقع عند الولادة، ومعدلات الوفيات، والتغطية الصحية الشاملة، ومؤشر الأمن الصحي العالمي.
اما الأخطاء الطبية، فإن وقعت، فلا مبرر لها، ولكن علينا أن نعي أن جلد الذات هو جلد لسمعة وطن والإساءة للجسم الطبي، بحجم الوطن وحجم كل المنجزات، فالاردن لم يسقط على المهنة الأسمى سقوطا بل هو تراكم خبرات وعمل وانجازات، علينا أن نحافظ عليها ونعالج أخطاءنا دون الإساءة إلى منظومة بأكملها، لا سيما ونحن نعلم ان الاردن تاريخياً حقق السبق لعدد من الإنجازات الطبية حيث كانت المستشفيات الأردنية الأولى في الشرق الأوسط والتي قامت بإجراء مجموعة من العمليات النوعية الدقيقة منها:
أول عملية قلب مفتوح 1970، أول عملية زراعة كلى1972، أول عملية جراحة بالمنظار1973، أول عملية زراعة قلب 1985، أول عملية زراعة للخلايا الجذعية 1985، أول ولادة طفل أنابيب1987، أول عملية زراعة نخاع عظمي1987،أول عملية زراعة قوقعة للأذن، واول عملية زراعة كبد في عام 2004 .
علينا أن نبني على المنجزات ونعالج الأخطاء حتى نستطيع المحافظة على ما لدينا ، لنتقدم خطوات ولا نتراجع خطوة واحدة .
الدستور
التعليقات مغلقة.