غليان بالأقصى.. المقدسيون يتصدون للمتطرفين
ساد التوتر والغليان الشديدان في مدينة القدس المحتلة التي شهدت اندلاع الاشتباكات أثناء نصرّة المصلين للمسجد الأقصى المبارك ودفاعهم عنه والتصدّي ضدّ اقتحام المستوطنين المتطرفين، أمس، لباحاته وأدائهم الطقوس التلمودية و”الصلوات الفردّية الصامتة”، بحماية أمنية وعسكرية مكثفة من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
القرار غير المسبوق لما تسمى محكمة “الصلح الإسرائيلية”، في القدس المحتلة، والذي أيدّت فيه للمرة الأولى صلاة اليهود في الحرم القدسيّ الشريف؛ جُوبّه بتنديد فلسطيني، بينما نفذ المستوطنون على إثرّه جولات استفزازية تجاه السور الشرقي للأقصى، عقب اقتحامه من جهة “باب المغاربة”، في اليوم الأول من تطبيق القرار الإسرائيلي.
وعلى وقّع الاحتجاجات الشعبيّة الفلسطينية الواسع؛ فقد قام المستوطنون المقتحمّون بأداء الطقوس التلمودية و”الصلوات اليهودية الصامتة” في باحاته، بحماية أمنية مشددة من قوات الاحتلال.
بينما أمعنّت قوات الاحتلال في قمّع احتجاجات الفلسطينيين ضدّ انتهاكات المستوطنين للأقصى، كما اعتقلت عدداً من المحتجيّن أثناء تواجدهم في باحات المسجد لنصرّته والدفاع عنه.
واستنكرت القوى والفصائل الفلسطينية قرار محكمة الاحتلال، السماح لليهود بأداء “صلوات صامتة” في الحرم القدسيّ الشريف، حيث اعتبرته حركة “حماس” عدواناً “صارخاً على المسجد الأقصى، وخطوة على طريق التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، وانتهاكاَ صارخاً لكل القوانين والأعراف الإنسانية”.
وقال الناطق باسم “حماس”، حازم قاسم، في تصريح أمس، إن القرار “يؤكد تواطؤ القضاء الصهيوني في العدوان على الشعب الفلسطيني، والمشاركة في تزوير الحقائق والوقائع”، مؤكداً أنه “لن يغير من حقائق التاريخ، ولن يفلح في طمس الهوية الفلسطينية العربية للمدينة المقدسة”.
وشدد على أن “الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله المشروع لمواجهة المخططات الصهيونية التي تستهدف مقدسات الأمة، وصولًا لتحرير كامل التراب الفلسطيني واسترداد المقدسات الدينية، الإسلامية والمسيحية”.
ونوه قاسم إلى أهمية الرباط في باحات المسجد الأقصى، معتبراً أن المرابطين والمرابطات هم “الأمناء على هوية المدينة، والسياج الحامي للمقدسات، والسد المنيع في وجه المخططات التهويدية”.
وبالمثل؛ قالت حركة الجهاد الإسلامي إن القرار “باطل”، وهو “اعتداء على قدسية المسجد الأقصى وعلى حق المسلمين الخالص فيه”.
وأضافت الحركة أن القرار “سيفسح الطريق لتوالي الاعتداءات على المسجد الأقصى”، مُحذرة الاحتلال من تبعاته، ولكنها أكدت بأن “الشعب الفلسطيني سيواجه أي محاولات للمساس بالأقصى، بكل قوة وثبات وعزم لا يلين”.
كما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية القرار الذي يشكل “عدواناً صارخاً على الأقصى، وإعلان حرب حقيقي على الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، وبداية حقيقية لتقسيم المسجد وساحاته مكانياً، ودعوة صريحة للحرب الدينية في المنطقة”.
وقالت إنها تنظر بخطورة بالغة إلى القرار ونتائجه وتداعياته الخطيرة على المسجد الأقصى، ووضعه التاريخي والقانوني القائم.
وأكدت أنها ستواصل تحركها السياسي والدبلوماسي والأمّمّي على الأصعدة كافة لإسقاطه، واستمرار تنسيق الجهود والتحرك مع الأردن، وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والدول الصديقة على المستوى الإقليمي والعالمي.
وطالبت “الخارجية الفلسطينية” العالمين العربي والإسلامي بالتعامل بجدية مع القرار الإسرائيلي ومخاطره على المسجد الأقصى.
ورأت أن قرار المحكمة الإسرائيلية كشف المخطط الحقيقي للاقتحامات، بما يدلل على أن منظومة المحاكم والقضاء الإسرائيلي تعدّ جزءاً لصيقاً بمنظومة الاحتلال نفسه.
بدوره، حذر وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، حسام
أبو الرُّبّ، من وقوع كارثة إذا استمرت قرارات الاحتلال بحق المقدسات، وآخرها إصدار قرار بالسماح لليهود بأداء صلوات صامته بالمسجد الأقصى المبارك.
وأكد من أن الإجراءات والقرارات الإسرائيلية لن تثني الفلسطينيين عن مواصلة الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية، ولن تمنع المسلمين من أداء العبادات بمساجدهم، ولن ترضخهم لسياسة الأمر الواقع وسياسة الاحتلال.
من جانبه، طالب محافظ القدس، عدنان غيث، “بضرورة احترام الاحتلال، للوضع التاريخي القانوني في المسجد الأقصى المبارك بمساحته 144 دونماً، كونه حقاً خالصاً للمسلمين وحدهم، وجزءاً من عقيدتهم ولا يشاركهم به أحد”.
وأكد غيث رفض أي شكل من أشكال الاقتحامات من قبل المستوطنين، داعياً لاحترام الوصاية الهاشمية، ومشيداً بالدور الأردني الهاشمي في حماية الأقصى والأوقاف، ودعم دور الأوقاف الإسلامية باستمرار إدارتها للمسجد بكل مرافقه.
وقال إن قرار السماح للمقتحمين المستوطنين بأداء الصلوات الصامتة يأتي ضمن السياق التاريخي بتقسيم الأقصى تمهيداً لإقامة الهيكل المزعوم، محذراً من مخاطر حرب دينية في حال استمرار عدم احترام مشاعر المسلمين ومقدساتهم في القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى.
وبالمثل؛ قال مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، إن الوضع في المسجد الأقصى المبارك خطير وأن سلطات الاحتلال تتحمل مسؤولية نتائج القرارات التي تتخذها بشأنه.
وأكد تمسك أهالي القدس المحتلة بالدفاع عن المسجد الأقصى ونصرته ضدّ عدوان الاحتلال وانتهاكات المستوطنين، بالرغم من محاصرة الاحتلال للبلدة القديمة ومنع الشباب من الوصول إلى المسجد.
وكانت ما تسمى “محكمة الصلح الإسرائيلية”، زعمت بأن “وجود مصلين يهود في الحرم القدسي، لا يمثل عملاً إجرامياً طالما تظل صلواتهم صامتة”، وكما أمرت شرطة الاحتلال بإلغاء مذكرة الإبعاد الصادرة بحق المستوطن المتطرف، “أرييه ليبو”، لمنعه من زيارة الحرم القدسي بسبب إقامته صلوات صامتة هناك.
يُشار إلى أن المقدسات الدينية، الإسلامية والمسيحية، في القدس المحتلة، تخضع للوصاية الهاشمية، فيما تعتبر إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المُبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة كافة شؤون الحرم القُدسّي الشريف وتنظيم الدخول إليه والخروج منه، فيما يتجاوز عدد موظفيها في المدينة زهاء 800 موظف.
نادية سعد الدين/ الغد
التعليقات مغلقة.