“القصر المحترق”.. بصمة تاريخية تجذب الزوار والسياح

مادبا– بدهشة وانبهار، يعلق السائح الهولندي مارتن وزوجته إليزابيث على الحجم الكبير للمواقع الأثرية والسياحية في الأردن، مضيفان أن زيارة الأماكن السياحية والأثرية تسهم في نشر الوعي، خصوصاً أن المقامات المسيحية والإسلامية قريبة من بعضها البعض، بحيث يتواجد المسجد الإسلامي قرب الكنيسة، والمزار المسيحي قرب المسجد، وهذا يشير في رأيهما إلى وحدة الأديان والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين والاحترام المتبادل تجاه معتقداتهم.
وذلك خلال زيارتهما إلى “القصر المحترق”، الذي أعادت دائرة الآثار العامة القيمة التاريخية له، بعد أن اعتبرته أحد المواقع الأثرية المهمة في وسط مدينة مادبا، حيث بدأ هذا الموقع باستقطاب السياح الأجانب، إضافة إلى كنيسة الخارطة.
ويدخل “القصر المحترق” ضمن مشروع متحف مادبا الأثري الجديد، الذي أطلقته دائرة الآثار العامة بالتعاون مع مشروع استدامة الإرث الأثري، بمشاركة المجتمعات المحلية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية والسفارة الإيطالية، بحسب ما ذكره مدير آثار مادبا خالد الهواري.
ويحتوي “القصر المحترق”، على أرضيات فسيفسائية تمثل الحياة اليومية، وصورة لما يسمى بـ “آلهة النصر تايكي”، ويضم جزءا من الشارع الروماني المتصل بالحديقة الأثرية، كما يحتوي الموقع على كنيسة الشهداء، التي تشتمل على أرضيات فسيفسائية تعود إلى الفترة البيزنطية خلال القرن السادس الميلادي.
ويعتبر مشروع “متحف مادبا الأثري الجديد” أحد المشروعات الممولة من قبل مشروع “استدامة الإرث الثقافي بمشاركة المجتمعات المحلية والممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”، وينفذ من قبل المركز الأميركي للأبحاث الشرقية (ACOR)، حيث يتخذ نهجا فريدا، باعتبار أن المجتمع المحلي هو حجر الأساس في المحافظة على مصادر الإرث الثقافي وإدارته وترويجه بالصورة السليمة التي تستحق أن يبرز بها الى العالم.
وقال الهواري إن “الإرث الثقافي يعتبر الأساس الذي يساعدنا على مشاركة هويتنا مع العالم، ومادبا هي أكثر المواقع التي تساعدنا على إبراز هويتنا، ونحن كدائرة الآثار العامة متحمسون جدا للعمل مع مجموعة من الفرق الإيطالية والأميركية للمحافظة على مصادر التراث والإرث الأردني في هذه المنطقة بأسرها”.
ويتميز متحف “مادبا الأثري الجديد” بتصميمه المبتكر، الذي يضم مجموعة من المقتنيات الأثرية التي تعود إلى فترات تاريخية مختلفة منها العصر الروماني والبيزنطي والإسلامي، التي عثر عليها في مناطق أثرية عديدة في محافظة مادبا، وهو بمثابة مظلة تخدم العلماء والزوار وأفراد المجتمع المحلي للاهتمام بالمقتنيات الأثرية، التي احتضنها الموقع من العصر الحديدي وحتى يومنا هذا، بحسب الهواري.
ويؤكد الهواري أن تسمية القصر المحترق، جاء أثناء عملية البحث والتنقيب التي قامت بها دائرة الآثار العامة والبعثات الأجنبية للتنقيب عن الآثار، حيث تبين أن هناك احتراقاً واضحاً على القصر، إضافة إلى الزلازل التي ضربت مدينة مادبا.
وكان الموقع، مقرا لمديرية سياحة مادبا لسنوات طويلة، وأعيد إلى دائرة الآثار العامة التي بدورها أدخلته ضمن التذكرة الموحدة التي أعدتها وزارة السياحة والآثار، كنوع من تشجيع السياح لزيارة هذا الموقع، الذي يشكل جزءا مهما لتاريخ المدينة عبر العصور، وفق الهواري، مؤكداً أن دائرة الآثار العامة عملت على تحسين المرافق العامة في المدينة وإجراء الترميمات اللازمة داخل القصر المحترق تحضيرا للموسم السياحي.
وأوضح، أن عدد زوار القصر يرتفع باستمرار وحسب الإحصائيات اليومية، فإن زوار مدينة مادبا هم سياح أجانب من أوروبا وأميركا وروسيا ومن أنحاء العالم كافة، فيما عدد السياح العرب الذين يزورون القصر المحترق قليل.
وأكد مهتمون بالشأن السياحي في مادبا أنها مدينة سياحية عالمية، وبالتالي من أقل واجبات الجهات الخدمية أن تقوم ببناء بنية تحتية وتجميل للشوارع والأحياء لتكون هذه المدينة تليق بكونها مدينة سياحية عالمية تستقطب السائحين من مختلف أنحاء العالم، وخاصة أن مدينة مادبا تم اختيارها من قبل المنظمة العربية للسياحة، كـ “عاصمة للسياحة العربية للعام المقبل 2022”.
وشدد أحمد الربايعة على ضرورة ترويج كافة المواقع السياحية في مدينة مادبا، وخصوصا الواقع على خط المسار السياحي، وذلك لإطلاع السياح على ما تحتويه هذه المدينة من كنوز أثرية شاهدة للعيان.
وطالب المواطن غيث حسين وزارة السياحة والآثار والمكاتب السياحية بتنظيم رحلات داخلية أو تسهيلات لزيارة المواقع السياحية والأثرية لمدينة مادبا، التي يقصدها آلالاف السياح الأجانب بقصد السياحة الدينية أو السياحة الوافدة، مشيرا إلى أن أغلب المواطنين لا يعرفون تاريخ وحضارة الكثير من المدن السياحية في المملكة.

أحمد الشوابكة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة