“دور الإذاعة في التوثيق التاريخي”.. ندوة في منتدى الفكر العربي
دعا إعلاميون محليون وعرب إلى أهمية التوثيق التاريخي من خلال الإعلام الإذاعي، مؤكدين أن الإذاعات العربية تضم في أرشيفاتها العديد من الأحداث التاريخية المهمة ومنها بعض الأحداث التي لم تعاصرها مواد توثيقية أخرى.
وطالبوا بالحفاظ على المادة المؤرشفة في الإذاعات من خلال حفظها بالطرق الصحيحة، وضرورة توفيرها للباحثين والدارسين بشكل ميسر، للاستفادة منها واستخدامها كأداة للتوثيق التاريخي ومرجع مهم.
جاء ذلك في الندوة التي أقامها منتدى الفكر العربي، أول من أمس، بعنوان “دور الإعلام الإذاعي في التوثيق التاريخي المعاصر”، عبر تقنية الاتصال المرئي، وتحدث فيها كل من رئيس شبكة إذاعة “صوت العرب” بمصر ورئيس اللجنة الدائمة للإذاعة في اتحاد الإذاعات العربية د. لمياء محمود، أستاذ الإعلام في تخصص الإذاعة والتلفزيون بجامعة القاهرة د.حسن عماد مكاوي، مديرة مركز مارينا للتطوير والتكوين الإعلامي في تونس ليلى بن عطية الله. كذلك، مدير إذاعة القاهرة الكبرى محمد عبد العزيز، الإعلامية والكاتبة في إذاعة الشرق من لبنان ماجدة داغر، وكبير المذيعين ومعدي البرامج في إذاعة “صوت العرب” شيرين نبيل، المذيعة ومعدة برامج الإذاعة الأردنية وإذاعة القوات المسلحة سابقاً الأستاذة جمان مجلي، مدير إذاعة جمهورية العراق رائد حداد، وأدارها الأمين العام للمنتدى، د.محمد أبو حمور.
قالت د. لمياء محمود “إن الدراسات بينت أن الراديو بوصفه وسيلة إعلامية هو الأكثر إمتاعاً والأكثر إثارة لخيال المتلقي، حيث إنه يترك مساحة كبيرة لإكمال الصورة غير المرئية من خلال استخدام المؤثرات الصوتية، والكلمات الموحية التي تجعل الذهن متقداً متفاعلاً مع ما يُقدم، وبالتالي تتكامل الصورة مع خيال المستمع”.
وبينت أن وظائف الراديو تتعدى الأخبار والتعليم والترفيه والتثقيف ليصل إلى التوثيق التاريخي من خلال برامجه ومواده التي تبث، إذ يتم توثيق الأحداث والشخصيات، والتعرف إلى ملامح عصر معين والتفاعل مع الأحداث فيه، والتعرف إلى الشخصيات وأدوارها في ذلك العصر.
فيما رأت الإعلامية الأردنية جمان مجلي، أن الإذاعة في برامجها المختلفة، وخصوصاً الرسمية، تحتوي على كنز من المعلومات، وكثير من المواضيع والمواد تختفي نتيجة عدم توثيقها وحفظها بالطرق المناسبة، داعية الى الاهتمام بالتوثيق لأنه ذاكرة الوطن من خلال جمع المادة وتفريغ ما يتوفر في الإذاعات من أشرطة، وتوفير قسم خاص للأرشفة في الإذاعات تحفظ فيه المواد بالطرق الحديثة لتكون متاحة للدارسين والباحثين للتعرف من خلالها على التغيرات التي حصلت في إطار المجتمع، فهي أحد المصادر التاريخية المهمة.
ومن جهته، قال د. حسن عماد مكاوي “رغم المنافسة بين الإذاعة ووسائل الإعلام الأخرى مثل الصحافة والتلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن مكانة الإذاعة ما تزال راسخة وجماهيرها كبيرة، ولم تفقد دورها في جميع الأوقات، كونها تمثل ذاكرة الأمة”، مؤكدا أهمية التوثيق ليس الأحداث التاريخية فقط بل ينبغي أن يمتد إلى مختلف أشكال الحياة وربطها بالقضايا المتنوعة لفهم ما يحدث حول العديد من القضايا العربية.
ومن جهتها، رأت ليلى بن عطية الله، أن وسائل الإعلام تخترق العقول ولها دور كبير في التوجيه العربي، ومن المهم تطوير محتواها وصناعة مضامين قيمة، ومراجعة بعضها وإعطائها قيمة أكبر، وإعادة الحفظ عن طريق الرقمنة وتوثيق الأحداث ضمن أرشيفات الإذاعات كافة.
ورأى محمد عبد العزيز، أن اهتمام الأمم بالتوثيق يدل على حضاراتها، فالتوثيق من خلال الإعلام الإذاعي يلقي الضوء على لقطات خالدة في التاريخ العربي، مبينا أن الدراما والأغاني لا يمكن أن تعد توثيقاً تاريخياً لتدخل أهواء الكاتب، ومن هنا ينبغي العودة إلى أرشيف الإذاعات لاحتوائها على المعلومات كاملة وموثوقة، ورصد ما تحتويه أرشيفات الإذاعات الناطقة بالعربية ورصد ما تقوم ببثه، لدورها الكبير في تكوين الوعي في المجتمعات.
ورأت ماجدة داغر، أن الإذاعة استطاعت أن تحافظ على القيم الإنسانية والثقافية والروحية والاجتماعية في ظل الصدمة الثقافية التي طالت المجتمعات العربية نتيجة التطورات التي حصلت على الصعد كافة، مشيرة إلى إحصائيات جرت في العام 2016، وتبين أن عدد متابعي الإذاعة في العالم فاق عدد متابعي التلفاز وعدد مستخدمي الهاتف المحمول.
ومن جهتها، رأى شيرين نبيل، أن التوثيق قبل انطلاق الإذاعة كان يعتمد بشكل كلي على المؤرخين الذين كانوا يكتبون التاريخ ورقياً بحسب رؤيتهم وقناعاتهم، ومع انطلاق الإذاعة في العام 1934، بدأ عصر جديد للتوثيق حيث دخل الصوت ضمن عناصره، وأصبح ما تحتويه المكتبة الإذاعية من تراث كنزاً لأنه يضمن مواد تاريخية جديدة ما كان لها أن تكون حاضرة بقوة في التوثيق أو التأريخ الورقي مثل التأريخ للقراءات القرآنية والتأريخ للفنون.
وقال رائد الحداد “إن الإذاعة العراقية اليوم تعمل على جمع التراث العراقي من جديد نتيجة ما تعرضت له بعد حرب 2013، حيث فقدت ما يقارب 80 % من أرشيفها نتيجة الدمار الذي لحق بالإذاعة والتلفزيون”.
وأشار د. محمد أبو حمور إلى أن الإذاعات العربية شكلت علامة فارقة في العصر الحديث في فضاء الاتصال الجماهيري من خلال وظائفها المتعددة، وعملت عبر مراحل متعددة على تأكيد حالة التواصل بين المجتمعات العربية، وخدمة الثقافة والفن، ومخاطبة الوجدان العربي، وإذاعة أنباء لأحداث مهمة ليجد الناس أن الإذاعة تلبي حاجات متابعيها أولا بأول بحكم ميزة الانتقال إلى مواقع الأحداث.
عزيزة علي/ الغد
التعليقات مغلقة.