21 ألف موقوف إداري و42 قضية ادعاء بالتعذيب

كشف تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان الـ17، أمس، حول حالة حقوق الانسان في البلاد للعام الماضي، استمرار حالة التضييق على الحريات العامة على مستوى حرية التعبير والتجمع السلمي والحق في الوصول إلى العدالة، بينما انعكست جائحة كورونا على أعداد الموقوفين إداريا وقضائيا بالتراجع، لاعتبارات تتعلق بتخفيف الاكتظاظ في مراكز التوقيف، وفقا للتقرير، ودون أن يعني ذلك بالضرورة تغير سياسات الحكومة والحكام الإداريين في ملف التوقيف.
وسجل التقرير، ارتفاعا ملحوظا في عدد حالات الانتحار العام الماضي وبواقع 140 حالة، بينما سجلت الأحكام الصادرة بعقوبة الاعدام، انخفاضا بواقع صدور 13 حكما.
وقال رئيس مجلس أمناء المركز الدكتور رحيل الغرايبة في مؤتمر صحفي، إن التقرير يصدر في ظروف استثنائية، وإن انتشار الجائحة كانت سببا واقعيا وقانونيا لفرض حالة الطوارئ، ما أنشأ شرعية استثنائية لقرارات وإجراءات السلطة التنفيذية الصادرة بموجب قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992، شريطة تقييدها موضوعيا وزمانيا مع الحالة الواقعية المبررة لقيامها، واستهدافها تحقيق المصلحة العامة، دون انتقاص لحقوق الانسان.
كما رأى الغرايبة، أن الجائحة ضاعفت التحديات أمام مهامه الرصدية وإنفاذ ولايته القانونية، وبرزت الحاجة الماسة لمضاعفة قيمة الدعم الحكومي للمركز.
وتضمن التقرير 3 محاور أساسية هي: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الفئات الأكثر حاجة للحماية، وملحق خاص حول إحصائية بعدد الشكاوى التي استقبلها المركز العام الماضي، وتوصيات تأسيسية وتفصيلية.
المفوض العام للمركز المحامي علاء العرموطي، بين في محور الحقوق السياسية والمدنية، أن النيابة العامة الشرطية للعام الثاني على التوالي، لم تتلق أي شكوى بحق عاملي مديرية الأمن العام حول الادعاء بالتعذيب أو سوء المعاملة أو المعاملة المهينة أو اللاإنسانية في مراكز التوقيف الأولي، مقارنة بـ332 قضية في 2018.
وسجلت القضايا المماثلة المرتكبة في مراكز الإصلاح والتأهيل، ارتفاعا اذ سجل 42 قضية منعت محاكمة 35 قضية من المدعي العام الشرطي، مقابل محاكمة 7 منها، مقابل 17 قضية في العام 2019.
ولفت العرموطي، لانخفاض أعداد أحكام عقوبة الاعدام، لتسجل 11 حكما صادرة عن محكمة الجنايات الكبرى، مقابل حكمين صدرا عن محكمة أمن الدولة، مقابل 16 حكام إجماليا في 2019 و23 حكما بالإعدام في 2018، كاشفا أن عدد المحكومين بالإعدام في المراكز العام الماضي، بلغ 173 بينهم 20 نزيلة.
وأشار إلى أنه لم تطرأ أي تعديلاتٍ على قانون منع الجرائم رقم (7) لسنة 1954 وتعديلاته، برغم توصيات المركز المتكررة بضرورة إلغائه، لأنه يشكل مخالفة جوهرية للمبادئ والمعايير الدستورية، إذ بلغ عدد الموقوفين إداريّاً 21.322، مقارنة بـ37.853 في العام 2019.
أما التوقيف القضائي، فبين أن هناك استمرارا في التوسع بأعداد قضاياه برغم تراجع الأرقام، ليسجل العام الماضي 35052 موقوفا مقابل 45516 في 2019، مع التنويه بأن هذه الأرقام تشمل حالات التكرار.
وبلغ العدد الفعلي لنزلاء المراكز 17708، في حين أنّ الطاقة الاستيعابيّة للمراكز 13352، وبذلك يكون الاكتظاظ فيها تجاوز الـ33 % تقريبا، ما يؤثر سلبا على أوضاع النزلاء وحقوقهم.
وقال العرموطي ردا على استفسار لـ”الغد” حول بعض الانتهاكات لـ”فارضي الاتاوات”، إنها “لم تكن ظاهرة عامة”، ولا تعبر عن سياسة الأمن العام، مشيرا إلى أنه كان للمركز في حينه موقفا قويا حول بعض الانتهاكات آنذاك.
ولفت الى أن بعض أوامر الدفاع ضيقت على حق التجمع السلمي، كما في أمر الدفاع الـ(6) في 17 أيلول (سبتمبر) 2020، الهادف لضمان التباعد وضبط التجمعات العامة، مشيرا إلى أن تجريم بعض أنماط التجمعات كانت ضرورية في هذا الأمر، منتقدا فرض عقوبتي الغرامة أو الحبس، لتناقضها مع سياسة الحد من انتشار الوباء.
وأشار العرموطي إلى أن المركز، نبه مرارا بألا تؤثر أوامر الدفاع على حرية التعبير، اذ شهد العام الماضي “محدودية” في تسجيل اعداد المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات، مشيرا لاستمرار احتجاجات المعلمين على وقف نقابة المعلمين عن العمل لعامين، واعتقال أعضاء مجلس النقابة.
ورأى العرموطي أن العام الماضي، شهدا “تفعيلا” واسعا لتطبيق المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية، وان الجائحة ألقت بظلالها على حقي التعبير والتجمع السلمي، بحيث أصبح هناك نوع من التضييق على حق التجمع، بذريعة فرض إجراءات الوقاية من انتشار الوباء، لافتا إلى تأجيل الانتخابات الدورية لمجالس 7 نقابات مهنية و17 نقابة عمالية.
ورصد التقرير استمرار توقيف أفراد على خلفية التعبير عن آرائهم، معتبرا بأن بعض هذه التوقيفات، تمت بسبب التعبير عن قضايا تتعلق بانعكاسات الجائحة، واستمرار التوقيف خلافا لأحكام المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية التي سجلت رقما غير مسبوق بواقع 2140 قضية مقابل 982 في 2019.
وسجل التقرير 402 قضية جرم ذم هيئة رسمية، و311 قضية بجريمة إطالة اللسان و49 قضية إثارة نعرات و5 مناهضة لنظام الحكم أو التحريض عليه، خلافا لأحكام قانون العقوبات، و17 قضية خلافا لأحكام قانون منع الارهاب.
كما اعتبر أن إصدار عدد من أوامر الدفاع، ضيقت على الحريات العامة، والحق في الوصول للعدالة وضمانات المحاكمات العادلة، اذ تلقى المركز 58 شكوى بهذا الصدد بعضها “تظلم” من إجراءات اوامر الدفاع.
وبشأن حق الحصول على المعلومات، استقبل مجلس المعلومات العام الماضي 14 شكوى، بينها 8 لصحفيين، مقابل 9 في 2019، وبلغ عدد طلبات الحصول على المعلومات 2300، رفض منها 165 طلبا، بينما رخصت هيئة الإعلام 5 مطبوعات الكترونية ليصل إجماليه لـ130 مطبوعة، وحجبت 13 مطبوعة الكترونية لعدم حصولها على ترخيص، ونظرت في الهيئة بـ11 شكوى مقارنة بـ9 شكاوى في 2019.
كما وردت للمركز 433 شكوى، بينها 310 تتعلق بالحقوق السياسية والمدنية، تتضمن 37 بحق عاملين في مراكز التوقيف الاولي أو مراكز الاصلاح والإدارات الامنية مقابل 98 شكوى في 2019.
أما قضايا سوء المعاملة المرتكبة بحق نزلاء المراكز فبلغت 42، وبلغ عدد الشكاوى من المواطنين 37، تتضمن الادعاء بالتعرض للتعذيب وسوء المعاملة على أيدي موظفي إنفاذ للقانون مقارنة بـ98 في 2019.
واستقبل المركز في العام نفسه، 89 شكوى بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ورصد ارتفاعا مضطردا في نسب الفقر، وبلغت نسبة الفقر المطلق 15,7 %، وتمثّل 1,069 مليون مواطن، والبطالة 24.7 %، ما ينم عن عدم نجاعة الإجراءات الحكومية بالتصدي لهاتين الظاهرتين، برغم تنفيذ مبادرات وسياسات وطنية، ودعم دولي للتصدي لهما، وعلى رأسها منح ومساعدات من المجتمع الدولي.
ورصد المركز إثر الجائحة على الحق في مستوى معيشي لائق، اذ انعكست سلبا على تمتع المواطنين بهذا الحق، وخلقت أزمة ثقة بينهم وبين مؤسسات الدولة، وتمثل ذلك بتحميلهم أعباء معيشية إضافية جراء ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات والضرائب والرسوم، والتعثر المالي لعدد كبير منهم وللشركات في الأردن، وعجز مدينين عن تسديد التزاماتهم المالية للبنوك ومؤسسات التمويل وغيره؛ نتيجة إغلاق قطاعات إنتاجية جراء الإجراءات الحكومية لمواجهة الجائحة.
كما تراجعت الصادرات والنمو الاقتصادي وارتفعت نسبة التضخم وفقا للتقرير، بالتوازي مع استمرار ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وتراجعت الإيرادات المحلية لتسجل انخفاضاً في الأشهر الـ8 الأولى العام الماضي لتبلغ 602,7 مليون دينار.
أما بالنسبة للحق في التعليم، وفي ظل انقطاع الطلبة عن التعليم الوجاهي واللجوء للتعليم عن بعد، كبديل مؤقت استجابة لمتطلبات مواجهة الجائحة، تطرق التقرير لبيان المركز العام الماضي الداعي لإعادة تقييم قرار انتهاج سياسة التعليم عن بعد، والبحث عن خيارات بديلة، كالتعليم المدمج، والتأكيد على حل الإشكاليات المتعلقة بقدرة الطلبة على التعامل مع هذا النوع من التعليم، وفي حال تعذر ذلك، فلا مناص من إعادة فتح المدارس أمام الطلبة وفق اشتراطات صحية صارمة.
وأكّد المركز على ضرورة تعويض الفاقد التعليمي لدى الطلبة، وإيجاد نظام واضح وثابت ومحدد لسد الفجوة التي أحدثها غياب التعليم الوجاهي؛ مع مراعاة قياس الفاقد لدى الطلبة وشموليته للمواد الأساسية في كافة المراحل التعليمية، وتحليل المحتوى التعليمي لمرحلة التعليم عن بعد، وخصوصاً في ظل السياسة التعليمية والمستقرة غير الثابتة للصفوف الأولى ورياض الأطفال وطلبة الثانوية العامة، لضمان إكساب الطلبة المهارات والمعارف الأساسية لمعالجة مواطن الضعف والقصور لديهم.
وذكر التقرير أنه جرى توجيه أشكال الرعاية الصحية لمجابهة فيروس كورونا على حساب الرعاية الصحية الأخرى للمواطنين، الى جانب قلة عدد الأسرة في أقسام العناية الحثيثة والطوارئ، ونقص أجهزة التنفس الصناعي والفرق الطبية المؤهلة للتعامل مع الفيروس، ما أدى لاستنزاف الكوادر الطبية العاملة.
وأورد أن المركز استقبل العام الماضي 34 شكوى تتعلق بالفئات الأكثر حاجة للحماية الموزعة بين حقوق: المرأة، الطفل، الأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن.

هديل غبون/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة