عجلون يا عجلون // عائشة الخواجا الرازم
احتشدت الشخصيات المدافعة عن غابات برقش ونبض البيئة ، وتداعت الطوابير الإعلامية والمثقفة المهتمة بالنضال والجهاد المقدس لحمايةحق الوطن بالشجر والغابات الحيوية في الحياة .
والحق يقال بأن قائمة الذوات والقامات والهامات التي جهدت لجمع شمل الغيورين على مكنوز الوطن الأخضر للانطلاق بالحافلات تحمي جنة غابات وطيور وبهاء عجلون وغاباتها ، قد وصلت المائتي ذات وقامة وهامة .واستطاعت جذب أكثر من ثلاثمائة اسم رنان في جبهة القول والتفاعل والتعبير والحضور المؤثر .
ولشدة سعادتي بحجم الإقبال الشهم على نصرة عجلون وحماية غاباتها من القلع والبلع والشلع لإحلال محميات ومشاريع حجرية مكان الأرواح والكائنات الحية . لشدة سعادتي وتفاؤلي وقبل الانطلاق في مواكب الحافلات والمركبات للانطلاق ، سارعت بتشكيل مجموعة من الأصدقاء والصديقات في الموقع لجمع ( باكيتات الدخان ) والتحرز عليها والطلب من جميع المدخنين إبداء التعاطف مع الغابات الفردوسية ، وعدم التدخين بين الأشجار وتلويث الفضاء النقي الساحر ، وخشية المساس ببشاشة جبهتها المستحقة وقفتنا معها .
وصلنا عجلون ، ونحن رفع اللافتات ونثبتها على الطرق ، وما هي إلا بضع دقائق عمل واستعداد لندلف الغابة المورقة العازفة نسيمها العليل بمقدمنا ، حتى بدأ المدخنون يتململون لاستعادة سجائرهم من صناديق التحرز ولجنة منع التدخين في الغابة ، وبالفعل تدافعت القامات والهامات والذوات للحصول على رصيدها المحرز عليه ،، حتى فرغت الجعبة ونال كل مدخن مراده للكيف .
انشق الفريق الكبير لأطياف من الفرقاء ، وتناثرت الآراء وتفاقم النقاش حول تلويث الغابة وتسميم صحتها وإزعاجها وإيلامها بدل مصافحتها والتربيت على خدها الجميل ،، والنأي بالسلوك عن تجريح خاطرها بالنار والنيكوتين وسموم الاستهتار بحقها .
ففاز المدخنون ، وارتفع عدد القامات والهامات وعدد الذوات المدخنة فجأة ، وأصابني الهلع لدرجة أنني أيضا ناشدت من يشبهني بحمل هم الغابة ، بأن نشكل جماعات تجمع السبارس ، وأغلبها مع الأسف مشتعلة ويتسرب من فمها وفم لافظها بخار النار .
اكتشفنا أن ( الحكي شكل أول والسلوك شكل تاني ) واختبرنا في جهاد هذا اليوم المميز لاجتماع شملنا ( قامات وهامات وذوات ) صلاة النبي علينا . اختبرنا أن نسبة هي الأعلى من الأصدقاء والزملاء المدافعين عن غابات برقش وصدر عجلون بين أشجارها يدخنون ، ومن الممكن أن يصرخ في وجه برقش في سبيل سيجارة يرميها مشتعلة حتى تصل صرخته ثغرة عصفور .
وبذلت جهدي للطلب إليهم بعدم التدخين في الغابات الغناء الخضراء ! فأعلنوا رفضهم وبأن الهواء الطلق يمنحهم حرية التدخين . وأن متعة السيجارة تتعاظم نكهتها بين الأشجار والخضار والطيور والجمال ! وأن الكيف لا يتراقص في المخ وتضاعف موجه ومده وجزره إلا على أنغام نفث أدخنة الفم .
لقد كان يوما مفرغا من الراحة ، عابقا بالضغط النفسي ، وعدنا في الليل متخمة بطون الآكلين للمشاوي والمكيفين بتلمس نور الغابة العجلونية .
وما أن أصبح شروق السبت حتى بث الأثير والفضاء خبرا مقتضبا يفيد بقيام فرق الدفاع المدني والطائرات العمودية بمحاولات إخماد الحرائق في غابات عجلون ، وأفادت الأخبار المتسارعة المختصرة بأن النيران قد أكلت حتى تلك الساعة عشرات الدونمات من الأشجار المعمرة .
وهكذا اشتعلت واحترقت مئات الأشجار نتيجة العبث بحقوق براءة الغابة الخلابة في عجلون وهبت الأشجار تبكي ، وأنا لم اتوقف عن البكاء والرجاء … وأعلي النداء يا عجلون !!!
عجلون يا أيقونة البلاد
عجلون يا من تسعفين القلب
من بكائه
يا غابة الشفاء في أردن روح
الأرض في نقائه
يا ريح جنة الله على
ترب الأناس الطيبين
يا صبح هذا اليوم كان
جمعة وفي مسائه
كنت التقيت جوهر البلاد
وهزني ربى الجمال المنكر المهجور
في لقائه
يا سر خضرة الغابات
حزنها وغيثها على حجارة
القلوب في السبيل
يا ليتني يا نبضة الشمال غيثك العليل
وأملأ الربى بريشة المجنون والفنون
عجلون …يا مكلومة الفؤاد
عند ( شفطة الدخان )
لا أخ في الحزن والجراح .. لا أب حنون !
الدستور
التعليقات مغلقة.