“مجمع اللغة” يختتم موسمه الثقافي بندوة “الترجمة والمعاجم”
اختتمت أول من أمس فعاليات الموسم الثقافي التاسع والثلاثين، الذي نظمه مجمع اللغة العربية الأردني، بندوة بعنوان: “الترجمة والمعاجم”، التي ترأسها عضو المجمع الأستاذ د. سمير الدروبي، وبمشاركة عضوي المجمع: د. جعفر عبابنة، د. محمد عصفور، وأستاذ الهندسة الكهربائية د. محمد زكي خضر. بحضور رئيس المجمع د. خالد الكركي، والأمين العام د. محمد السعودي، والأعضاء العاملين، وجمهور من المفكرين، مراعين لشروط ومعايير الصحة والسلامة العامة التزاماً بقوانين الدفاع، وبثت الفعالية عبر منصات المجمع المتعددة على الـ”فيسبوك” والـ”يوتيوب”.
المحاضرة الأولى جاءت بعنوان: “الترجمة الآلية والمعجم الجديد”، قدمها د. جعفر عبابنة، ذكر فيها الأسباب الرئيسية للتقصير في الترجمة الآلية، التي تعود إلى عوامل عدة أبرزها النواحي المعجمية والمعنوية، وهذا يستدعي معجماً جديداً ذا مواصفات مختلفة عن المعجمات التقليدية التي اعتمدت حتى الآن، إنه معجم يقسم ألفاظ اللغة إلى كلمات ذات محتوى وكلمات وظيفية. وينبغي أن يبرز هذا المعجم أهمية المعجم التاريخي في تحديد معاني الكلمات لكل عصر أو حقبة زمانية. وينشئ هذا المعجم جسراً بين المعاني المعجمية والمعاني النحوية، ويحوي – إضافة إلى الخصائص التركيبية النحوية-الضوابط المعنوية للتقسيمات النحوية. وهو يحوي السمات الدلالية المعجمية للمشتقات والصيغ الصرفية، ويمزج بينها وبين الأوضاع النحوية.
جاءت المحاضرة الثانية بعنوان: “الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى”، قدمها د. محمد عصفور، تناول فيها مسألة الترجمة من اللغة القومية إلى اللغات الأخرى في مقابل الترجمة من اللغات الأخرى إلى اللغة القومية. ويستشهد بالدرجة الأولى بمشروعين كبيرين للترجمة أحدهما أميركي، والثاني سوفييتي، كانا يستهدفان بث نمطين متعاكسين من الفكر في العالم العربي للتمثيل على استعداد الأمم للصرف على مشروع للترجمة من اللغة القومية إلى اللغات الأخرى. ومن الواضح أن العالم العربي بحاجة إلى إنشاء مشروع مماثل قد لا يكون بالدرجة نفسها من الطموح، ولكن يرتجى منه أن يعرف العالم بالثقافة العربية وبالقضايا التي يحب العرب أن يبدوا رأيهم فيها وموقفهم منها، ودعا عصفور إلى البدء بمشروع مدروس للترجمة على مستوى العالم العربي، وإن لم يتيسر فعلى مستوى الدولة القطرية، وإن لم يتيسر فعلى مستوى الوقفيات والمؤسسات الفردية.
المحاضرة الثالثة بعنوان: “مشكلات الترجمة الآلية”، قدمها د. محمد خضر، أشار فيها إلى حاجة أنظمة الترجمة الآلية الحديثة إلى معاجم متعددة اللغات وذخيرة لغوية ضخمة. هذه الذخيرة تمكن الباحثين من إطلاق الوصف على خصائص اللغة من كل جوانبها بحيث تجمع غالبية الكلمات الشائعة في اللغة وغالبية التعابير اللغوية والتراكيب النحوية والصرفية. وحاول خضر في بحثه تقصي جوانب القصور في بعض أنظمة الترجمة الآلية من جوانب نحوية وصرفية وإملائية وتركيبية وما يتعلق بالمتلازمات اللفظية. مؤكداً أن مستقبل الترجمة الآلية الذي سيشمل الترجمة الآنية نطقًا وكتابة يحتاج عدم إغفال الأبحاث المتعلقة باللهجات المحلية أيضًا والتي ستكون وسيلة لخدمة اللغة العربية السليمة في المستقبل. كما أعطى أمثلة عملية على بعض جوانب الإخفاق في الترجمة الآلية لنصوص أدبية وعلمية وإعلامية كنماذج لمشكلات أنظمة الترجمة السائدة.
وفي نهاية الندوة تلا د. جعفر عبابنة البيان الختامي للموسم الثقافي التاسع والثلاثين للمجمع، مشيراً إلى أن المجمع خصص يوم الأحد التاسع عشر من كانون الأول، للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، وقد رافق عرض بحوث هذا الموسم مناقشات ومداخلات غنية قدمها المشاركون، نتج عنها جملة من الملاحظات والتوصيات أبرزها: جمع الدراسات التي نظرت في معجم ألفاظ الحياة العامة في الأردن ليستعان بها في مراجعة المعجم، وإعادة النظر في معجم ألفاظ الحياة العامة وإثرائه بالألفاظ الجديدة كألفاظ وسائل التواصل الاجتماعي، وجائحة “كورونا”، والاعتناء بالجانب التداولي فيه، والإفادة من إصدارات لجنة النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة عند مراجعة معجم ألفاظ الحياة العامة في الأردن.
واشتمل البيان الختامي على الشكر والثناء لما قام به د. عبدالرزاق بني هاني من جهد بوضع معجم لسان العرب الاقتصادي، كما أن قيام مجمع اللغة العربية الأردني بتقديم الدعم والإسناد لإعداده ومراجعته ونشره مؤشر على أن المجمع قد انتقل بجهده من مجرد وضع مفردات عربية لمصطلحات أعجمية إلى تخزين المعلومة وزيادة المكون العربي المخزن في الحواسيب. مع ضرورة استئناف الجهود لإتمام مشروع معجم لسان العرب الاقتصادي لاحقاً.
ومن أهم ما جاء فيه أيضاً أن يشجع المجمع “لجنة الذخيرة المصطلحية” فيه على الاستمرار في عملها الجليل، الذي يتضمن: مراجعة المصطلحات المتراكمة، تكليف خبراء، كل في مجاله، تعريف غير المعرف من هذه المصطلحات، والتفكير بمنهجيات مبدعة للتصدي للطوفان الجارف من المصطلحات الأجنبية الجديدة.
كما يجب أن ننطلق من “قانون حماية اللغة العربية” ليصير التعريب بكل ميادينه مشروعاً وطنياً، ومسؤولية الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها، ويجب أن تكون خطط التعريب متكاملة في الأهداف والوسائل، مع تقويم متواصل لما تحققه. وبإشراف جهة مختصة، وهي مجمع اللغة العربية الأردني بعد أن تخصص له الأموال اللازمة، والكوادر البشرية المناسبة، والتشريع الذي يعطيه السلطة المفيدة.
الغد
التعليقات مغلقة.