العسكر وتراب الوطن .. وكبار القوم./ نايف المصاروة
كلما منعت نفسي عن الكتابة في الشأن العام، أجبرتني الاحداث وما فيها من استفزازات، إلى العودة لأكتب من جديد.
استوقفتني طويلا حوادث التسلل والتهريب وتكرارها على الحدود الشمالية والشرقية، ونتائجها، شهداء ارجوا الله أن يتقبلهم ويرحمهم ويغفر لهم، ويعوض أهلهم وذويهم خيرا. وجرحى ومصابين ارجوا الله أن يشفيهم ويعافيهم. ومجرمين يتسلون لواذا تحت جنح الليل يحملون الكثير من المتفجرات والمخدرات، تصوروا.. اكثر من أربعة محاولات للتسلل في يومين. مما يعني أننا مستهدفين في أمننا بكل ما يعني، من قبل عصابات الإجرام ومن يقف ورائهم ويدفع لهم وبهم، من دول ودويلات باتت مقاصدها واضحة وغايتها مكشوفة.الوطن بكل مكوناته.. ليس لفئة دون غيرها، بل هو للجميع، ومن الواجب ان يشترك الجميع في حفظ امنه والدفاع عنه حقيقة لا شعارات .
كما يجب أن تقسم عوائد التنمية وخيرات الأرض على الجميع بكل أمانة وعدالة،ولا يستأثر به قوم دون غيرهم، أو فئة مخصوصة دون العامة.
اتوقف لآذكر.. بأقوا ل البعض الذي تكررت ويكثر التشدق بها في كل عام عند مناقشات قانون الموازنة العامة، فنسمع كثيرا عن مطالب دعم القوات المسلحة بكل ما يعني، ومنه دعم العاملين والمتقاعدين وخاصة فئة الأفراد وبعض الرتب من الضباط.. فأين وصلنا وما الذي تحقق.. ولن استزيد؛
سبحان ربي.. كيف يغير ويعدل الدستور، من المنع إلى السماح لأعضاء مجلس الأمة الذين يملكون أسهما او شركاء في الشركات بنسبة لا تزيد على 5 بالمئة بالتعاقد مع الحكومة أثناء مدة عضويتهم، في حين يحظر عليهم التدخل في العقود التي تبرمها هذه الشركات مع الحكومة! أليس المنع أولى وأقوى وابعد عن الشبهات؟ تشريعات وفي الدستور ، في حين يحضر على العسكر ممارسة كل أنواع التجارة!همسه لمن نسي او تناسى..
العسكر من عاملين ومتقاعدين.. هم أكثر الناس وفاءا للأوطان… فهم الذين يتوضئون بتراب الأرض وصعيدها الطاهر، وهم أشد الناس حرصا عليها.. انظروا إليهم في الأكواخ والخنادق وخلف السواتر وعلى الأبراج، وهم يحرسونها في جنح الليل البارد، من أهل الاطماع والإجرام ؛والعسكر هم أكثر الناس معرفة بالتراب والحجارة وانواعها والوانها، فكثرة الخلوات تجعل تلك العلاقة مع التراب الطاهر، علاقة عشق وشغف كعشق الأمهات.. والأبناء والزوجات والعشيقات.. .
العسكر.. هم أكثر الناس حنانا وحنينا، لأنهم يعيشون ألم البعد عن الأمهات والأباء والاشقاء، والأبناء والزوجات والبيئات التي احتضنتهم صغارا وكبارا. العسكر.. هم أكثر الناس وفاءا.. فلا يعرفون العقوق، فالحنين في جوف الليل وظلمته وبرودته، يجعل من صدور الأمهات والأباء مأوى عند العودة.. لقضاء بضع ساعات او بضع ايام من الإجازة تبدأ وتنتهي بوقت محدد، والمخالفة توجب المحاكمة. والعسكر هم الأكثر انضباطا وتقيدا بالأوامر، فلا مجال عندهم.. لبيع الأون لاين.. ولا لغزل الصوف ولا للسمسرة، ولا للعب على أجهزة الهاتف والتواصل مع الغير أثناء العمل، والمراجعين ينتظرون كما يفعل البعض!العسكر.. لا تفتنهم مغريات السفر إلى الشواطئ والمنتجعات ، ولا تغريهم كثرة الاضواء لأنهم لا يعرفون إليها طريقا.
والعسكر عاملين ومتقاعدين.. هم الحماة وأهل الفزعة عندما تدلهم الخطوب، وتطلب الأوطان رجالها؛من أدنى حقوق العسكر،” زيادة ” ثم زيادة وثم زيادة ” في الرعاية والرفاهية بكل مسمياتها، فهم الأولى والأحق بها من غيرهم ، ليطمإنوا في وظائفهم وواجباتهم ومهماتهم ، ويكونوا على يقين بأن بيوتهم لا تخلوا من الخبز والكاز والغاز؛
وليطمأنوا أن في جيوب آباءهم وامهاتهم وزوجاتهم بعض الدنانير ولو كانت ” فراطة”، لضرورة في جنح الليل، ليصل إلى مستشفى، أو لشراء دواء او ” علبة حليبنا ”، لطفل لا يعرف أباه إلا في أيام من الشهر.ارجوكم.. اذكروا لي اسم ابن وكيل متقاعد يعمل سفيرا او مديرا او في وظائف الفئة العليا؟
بعض ضباط الصرف المعتمدين لبعض الوحدات العسكرية.. لا يحمل في حقيبته اكثر من عشرة آلاف دينار كمجموع رواتب لتلك الوحدة او المجموعة او ذاك الفصيل ،التي غالبا ما يكون تعداد مرتبها ” 20 ما بين فرد وضابط” .
في حين يعلن أحدهم أن راتبه الشهري ولوحده” عشرتاااالاف دينار”، ناهيك عن المخصصات الأخرى ومثله غيره وهم كثر. لا يعقل ولا يقبل ، ان يكون راتب الجندي عامل او متقاعد 400 دينار بمجمله، وراتب بعض الذوات 4000 دينار وأكثر، كما هو واقع الحال، لسلم الرواتب لبعض صناع القرار من السيدات والسادة والقادة، ومن بعض الصلعان وتجار الهوية وعابري الحدود ومزدوجي الجنسيات! ممن يتفيئون الظل والدفء في مكاتبهم ومنازلهم وسيارتهم، في الصيف والشتاء، ويتمتعون بالعطايا والمزايا والرواتب العالية، وينعمون هم وزوجاتهم وابناءهم بكل الخير والرفاهية.. ، أولوية في الوظائف العليا، وحشم وخدم وسواقين ومرافقين، فيما يقدم العسكر دمائهم وارواحهم فداءا للاوطان،ويحرسونها ليل نهار. وهو حق وواجب على كل حر وشريف لكن العدل اساس الملك.تابعوا تقارير ديوان المحاسبة، لتعلموا جيدا من الذين يتجرأون على المال العام، وما هي العواقب.. تصوروا.. أن أحدهم يختلس اكثر من نصف مليار دينار في بضع سنوات، ثم يكتشف، ويحاكم ليسجن ويغرم بإعادة المبلغ.. فمتى وكيف سيعيده؟
وأين كانت الرقابة عنه اول بأول؟هل تعلمون لماذا ينجح العسكر في إدارة كل المهام ؟
لأن الفساد واكل المال العام في قواميسهم ” حرام وخيانة” .بعد مرور نحو ثلاثة أيام من حادثة التسلل التي استشهد فيها النقيب الخضور وتبعه الوكيل العموش ، لم اسمع أن رئيس الوزراء او اي عضو من مجلس الوزراء قدم واجب العزاء بالشهيدين.. على الاقل أسوة بالملك وولي العهد!
كم أعجب من بعض مسؤولينا، عندما أراهم يبدون مشاعر التعاطف مع أناس لا يعرفونهم في كثير من البقاع والأسقاع ، لكن لا يوجع قلوبهم استشهاد ابن المفرق ودير السعنة مثلا. ختاما.. وحتى لا أطيل اكثر فأعمق الجراح وأثخنها، أعود إلى جزء يسير ذكرته.. من أدنى حقوق العسكر،” زيادة ” ثم زيادة وثم زيادة ” في الرعاية والرفاهية بكل مسمياتها، فهم الأولى والأحق بها من غيرهم ، ليطمإنوا في وظائفهم وواجباتهم ومهماتهم ، ويكونوا على يقين بأن بيوتهم لا تخلوا من الخبز والكاز والغاز. اللهم احفظنا واحفظ بلادنا من شر الأشرار وكيد الفجار، ومن شر كل اهل الشر… يا رحمن. كاتب وباحث أردني.
التعليقات مغلقة.