“التراث الشعبي في مدينة مادبا وجوارها” إصدار لـ مطلق العساف
عمان- صدر عن وزارة الثقافة الأردنية ضمن “مدن الثقافة الأردنية”، 2021، دراسة بعنوان “التراث الشعبي الأردني في مدينة مادبا وجوارها ولواء ذيبان”، من خلال أرشيفات وزارة الثقافة، قام بتحريره وتحقيقه الباحث الأكاديمي الأردني الدكتور عبد الله مطلق العساف.
يوضح د. العساف، في مقدمة للكتاب، أنه يأتي في إطار المشروع البحثي المذكور، ويختص بجوانب عديدة من التراث الشعبي الأردني في محافظة مأدبا وجوارها ولواء ذيبان، علما أن جل المعلومات والروايات والمادة التراثية، تم أخذها من أشرطة مسجلة “كاسيت”، والمحفوظة لدى أرشيف مديرية التراث في وزارة الثقافة، فيكون هذا الكتاب ضمن سلسلة إصدارات وزارة الثقافة عن لواء ذيبان، وفي نطاق فعاليات لواء ذيبان مدينة الثقافة الأردنية للعام 2019، مشيرا الى بعض الجوانب البحثية الإجرائية وغير الإجرائية التي قام بها خلال مرحلة إعداد هذا الكتاب، إلى أن خرج بهذه الصورة، ما تطلب مجهودا كبيرا وحرصا شديدا.
الدراسة تناولت المواضيع التراثية الآتية “تاريخ شفوي (وقائع وأحداث) قصص شعبية حقيقية من التاريخ الشفوي، القصة الشعبية المحكية، الشعر النبطي، والقصائد التي قيلت في مناسبات معينة، الغزو، القضاء العشائري، الدخيل، الزهاب، العشق البدوي وتقاليد الزواج وطقوسه، طقوس شهر رمضان، الصناعات اليدوية، بيت الشعر، الخيل، تربية الأبقار، مذكرات راعي الإبل، التسميات والنداءات الشعبية للحيوانات الأليفة، الأغنام والدجاج، تقاليد الولادة، الطب الشعبي لعلاج الأطفال، الألعاب عند الأطفال، حكايات الطفال”.
وعن التراث وأهميته، يقول العساف “التراث الشعبي يعد ثروة أممية ووطنية وحتى إنسانية، فهو بالنسبة للشعوب والمجتمعات القديمة والحديثة جزء من وجدانها وروحها القومية، فضلا عن قيمته التاريخية للأجيال التي تتبادل هذا التراث وتجعله جزءا أو مكونا رئيسا من مكونات حياتها وسلوكها، وهويتها المميزة؛ لما يمثله من قيمة رمزية تنبع أساسا مما يشمله من قيم وعادات وتقاليد، وخبرات شعبية وفنون تشكيلية، وأغان فلكلورية، وأزياء شعبية، كلها صنوف من شأنها أن توفر للباحثين والدارسين حقلا خصبا لإجراء البحوث الرصينة، الأمر الذي يسهم في تكريس هذه القيم في الذاكرة الشعبية للأفراد والأجيال المعاصرة واللاحقة”.
ويواصل العساف حديثه عن أهمية التراث، قائلا “التراث يعرف بأنه كل ما ينتقل عبر الأجيال من تقاليد وعادات وطقوس، وعلوم وآداب وفنون، فهو لذلك يشمل حقولا غنية من الفنون والمأثورات الشعبية كالشعر والغناء، والموسيقا والروايات، والقصص والحكايات، التي تجري على ألسنة المنتمين لهذا التراث، فضلا عن طقوس الزواج والمناسبات المختلفة، وما تشتمله من تقاليد في الأداء، وأشكال التعبير، وألوان الرقص والألعاب، وغيرها”.
ويتحدث العساف عن “القيمة الرمزية الكبرى التي يشغلها التراث في وجدان المجتمعات التي تنتمي إليه التي تكمن في تلك الدينامية التي يشكلها التراث من خلال التواصل معه وممارسته، والاحتفاء به لدى الأجيال الحاضرة واللاحقة، على أساس الاستفادة القصوى من المعاني والقيم التي يقدمها لأصحابه، وكذلك تهيئة عقولهم ونفوسهم بأن التراث يعكس أصالة المجتمع والأمة، من حيث إنها أمة ممتدة في التاريخ عبر سلسلة الأجداد الذين أنتجوا هذا التراث من جهة، ومن جهة ثانية تأكيد استمرار حضوره في أذهان الأجيال وعقولهم وضمائرهم”.
ويشير العساف الى أن المجتمعات والأمم تحرص على إعطاء القيمة الإيجابية اللائقة لتراثها الشعبي، وتعني ببساطة إغناء قيمته الجمعية، وتقوية الشعور الذي يعبر عن حضور أمة ما، حضورا وطنيا يجسد هويتها ويكمل حضورها بأصالة تراثها، الذي هو ثمرة جهود الأجداد، وإذا كان على هذه الأمة أن يبقى ذكرها بين الأمم وعبر التاريخ، فليس لها إلا التمسك بأصالتها، وعنوان ذلك التراث الحي العريض لها، الممتد من أجيال الأجداد إلى أجيال الأحفاد استمرارا في الحياة، عندئذ تصبح وظيفة التراث هي الحفاظ على كيان الأمة، وضمان بقائها واستمرارها، وحضورها الثقافي والحضاري بين الأمم.
ويواصل العساف التحدث عن الأمم وتفاعلها مع التراث، يقول “الأمم الحية والفاعلة في التاريخ تحرص على الحفاظ على مكانة لافتة يرتقيها التراث الوطني لدى شعوبها ومجتمعاتها، على أساس أن هذا التراث يبقى معبرا عن شخصية المجتمع الحضارية والثقافية والتاريخية، ومجسدا لإرادتها في الاستمرار والعطاء من خلال التواصل بين الأجيال، وكذلك من خلال الانفتاح على تراث الآخرين، الأمر الذي يشعر أفراد المجتمع أنهم ينتمون إلى جيل هذا التراث الذي يجلونه ويحترمونه؛ لكونه المعبر عن شخصية أسلافهم، مثلما أنه يكسبهم الشعور بأنهم يمثلون الامتداد الطبيعي لهؤلاء الأسلاف، فينمو لديهم الشعور بالانتماء والفخر والاعتزاز، كما أنهم يحرصون على استمراره واستذكاره وممارسته، والاهتمام بكتابته وتوثيقه ونشره، لتعريف الأجيال اللاحقة به”.
ويتحدث العساف أيضا عن فكرة المشروع الذي يضم، كما يقول، سلسلة إجراءات طويلة، تهدف إلى جمع الروايات والمعلومات التي تشمل جميع جوانب التراث الأردني، في جميع مناطق الأردن ومحافظاته، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، في المدن والقرى والبوادي، على نحو يشمل جميع المجالات، وبشكل أكبر الأمثال الشعبية، وتقاليد الأفراح والأتراح، فضلا عن الغناء والطرب، وغيرها من صنوف الفولكلور الأردني، إلى جانب الرواية والقصة الشعبية المحكية، والشعر والقصائد التي تلقى في المناسبات المختلفة.
ويؤكد العساف أن هذا المشروع تحدده فكرة بحثية رئيسة، تنطلق إجرائيا وعمليا من إعداد دراسة مسحية شاملة، تخص عملية جمع التراث الأردني، سواء الشفوي منه أو المكتوب، والعمل على تحقيقه بالشكل الذي يليق به، وإجراء دراسات موثقة حوله، ومن ثم نشره وإصداره، لافتا الى أن المشروع الأول أنجز في محافظة المفرق بدعمها وبجهود واهتمام من الدكتور حكمت النوايسة، مدير مديرية التراث في وزارة الثقافة سابقا.
ويذكر أن الأكاديمي الأردني الدكتور عبدالله العساف هو باحث أكاديمي ومحاضر غير متفرغ في تاريخ الأردن المعاصر، حاصل على درجة دكتوراه في فلسفة تاريخ العرب الحديث والمعاصر من الجامعة الأردنية.
عزيزة علي/ الغد
التعليقات مغلقة.