واقعنا الذي تكرر في الازمات / نايف المصاروه
=
واقعنا الذي تكرر في الازمات ، بين التهويل وضعف الإحساس بالمسؤولية.
التهويل : (اسم) : مصدر هَوَّلَ، الجمع : تهاويل، والمعنى : تَضْخِيمَ الأُمُورِ والمبالغة فيها، مَا يَبْعَثُ عَلَى التَّخْوِيفِ وَالتَّهْدِيدِ. اما تعريف ضعف الإحساس بالمسؤولية، فالواقع لبعض مسؤولينا سابقا ولاحقا، خير تعريف واكبر شاهد.
منذ نحو اسبوعين تقريبا، تناقلت بعض وسائل الإعلام اخبار المنخفض الجوي، نقل بعضه تحليل علمي موضوعي مطلوب.
ونقل آخر لا يخلو من التهويل الممجوج. الملفت..ان وصل الأمر عند البعض.. إن يطلب من أهل الخبرة في الرصد الجوي… ” بدنا ثلج” ! والمؤلم اكثر.. ان يتمادى البعض منا على أهل الرصد.. بالسب والشتم والتهديد.. اذا لم ينزل الثلج! وبعض المواقع والمحطات.. تسأل من يتابعها بدكو ثلج؟ أو كيف استعداداتكم للثلج؟ مشاهد ومحتوى ينم عن جهل وسفه عند البعض، وكأننا بلد صحراوي لم يسبق لنا أن تعرضنا لهطولات ثلجية.واستنفار واستعداد للحكومة بكل أجهزتها ومؤسساتها ، وعشرات الصور تعرض مئات المركبات والآليات، وعشرات البيانات والإعلانات.
وما ان بدأ المنخفض بالتأثير على المملكة وبدأت حبات الخير بالتساقط، حتى تراكض بعض أهل الإعلام بالنزول إلى الشوارع والطرقات للتصوير والرصد،..” والشاطر” يسبق في حشد اكبر كم من المشاهدات.
والملفت هي تلك الدعوات التي تكررت للناس، بعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة، وفي ذات الوقت قامت بعض وسائل الإعلام ، ببثها المباشر من الطرقات والساحات ، أليست بعض تلكم الرسائل ، تحمل في ثناياها رسالة ودعوة مباشرة إلى البعض أن هلموا إلى الشوارع؟
والسؤال الأهم ما هي تلك الفائدة أو جملة الفوائد التي تحققت للوطن واهله…من كثرة العرض المباشر؟
محصلة ذلك.. مئات من المركبات تعطلت واسهمت في المزيد من إغلاق الطرقات، وإعاقة بعض من يعملون بصمت لإعادة فتح الطرقات ، وجملة حوادث وقعت لولا لطف الله لكانت نتائجها فواجع.
راقبت حجم التهويل ما قبل المنخفض وأثناءه، وراقبت جيدا الأداء والإنجاز.
وللحق والإنصاف.. هناك جهودا مقدرة بذلت ولا زالت تبذل من قبل الكثيرين، من الجنود المجهولين من مختلف أجهزة الدولة المدنية والعسكرية فشكرا جزيلا لهم، وجزاهم الله خيرا وبارك فيهم .
لقد انقضى المنخفض، وذاب بعض الثلج.. وانكشف المرج،… اقول وبكل اسف ورغم كل ما قيل عن الاستعداد وخطط الطوارئ، كان هناك إغلاقات لبعض الطرق الرئيسية والفرعية، في كثير من المدن والتجمعات السكانية، فيما عانى البعض من انقطاعات الكهرباء في كثير من المدن والاحياء، استمر بعضها لأكثر من من 36 ساعة.
قد يحدث في كثير من دول العالم، أثناء العواصف والثلوج ان تنقطع الكهرباء وتغلق الطرق لساعات، لكن السؤال هل ما تعرض له الأردن أثناء المنخفض الاخير، يقارن بتلك العواصف الثلجية التي تتعرض لها بعض البلدان؟
والسؤال الاخر.. سمعنا.. عن استعدادات رسمية، فهل كان من الاستعداد. تقليم تلك الأشجار وتقطيع تلك الاغصان التي تشكل خطرا على شبكة الكهرباء؟ للعلم.. لا يزال الكثير منها شاهدا على ذلك في كثير من الأماكن والطرقات. فيما تسعى الحكومة إلى تزويد بعض دول الجوار بالطاقة الكهربائية، أين وصلنا في بنيتنا التحتية.. فقط لقطاع الكهرباء؟وزارة للطاقة.. وهيئة لتنظيم قطاع الطاقة.. ومجموعة من الشركات لا تهتم ببنيتها التحتية، وهمها فقط.. هو رفع التسعيرة الذي يتكرر، وابتكار طرق التحصيل!
هل كان من الاستعداد الذي يجب أن يكون في كل حين سابقا ولاحقا ، تفقد الاعمدة المعدنية الناقلة والحاملة لاسلاك الكهرباء؟
وما مصير المئات من تلك الاعمدة التي يعلوها الصدأ، أو زاد الحمل عليها لكثرة التوصيلات وبكل الاتجاهات؟وهل تعلم وزارة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة وشركات الكهرباء… ان هناك اعمدة اسمنتية واخرى معدنية مضى عليها أكثر من خمسين عاما.. ؟
واكتفي بذكر ما أعلنت عنه نقابة المهندسين بتعليقها ” انقطاع الكهرباء لساعات مؤشر على ضعف إجراءات الطوارئ ”،وسوء مصنعيه في اعمدة الكهرباء.
جمله من المشكلات كشفها الزائر الأبيض من ضعف في بعض البنية التحتية، تنتظر حلولا دائمة، لا حلولا آنية، ما تلبث ان تعود مرة أخرى .
والسؤال الذي يتكرر لماذا أصبحت سمتنا.. في بعض الملمات والخطوب والازمات، ا التهويل وانعدام الإحساس بالمسؤولية عند البعض؟
وتكرار لنفس الأخطاء رغم تعرضنا لذات المشكلة والأكثر من مرة؟ والى متى سيستمر مسلسل إلقاء اللوم على الآخر؟ ومتى سيكون لدينا مسؤول قدير، يظهر في وقت الشدة ويعلن تقصيره ويتحمل المسؤولية! وهنا اسأل.. هل من أسباب توارث الأخطاء وتكرارها، هو تكرار اختيار ذلك المسؤول السيء ، وكثرة التدوير لوجوه الفشل.. والقشل والإخفاق؟بعد انحسار المنخفض، وربما نحن على مشارف منخفضات أخرى، سأكتفي .. ان اقول ان مشهدنا الاعلامي العام منه والخاص، بحاجة إلى إعادة ضبط للإيقاع، وإعادة التأكيد على مفهوم دور الإعلام في الشدائد والازمات، وفي كل حين ؛
ولن أكتفي ان اقول ان دور المسؤول لا يقف فقط عند حد.. التنقل الدائم عبر شاشات القنوات الفضائية، تصريح هنا وآخر هناك، وخلط ولغط كثير، وثمة تصريحات بغير التخصص، وكأن المهم عند بعضهم هو الظهور ” وشوفيني يا بنت الخال” .
الظهور الاعلامي.. للمسؤول أي مسؤول يجب أن يكون محسوب ومدروس جيدا، وسؤالي لكل مسؤول كيف تجد نفسك.. وانت تنعم بالدفء والضوء وكل وسائل الراحة ،فيما هناك من تقطعت به أو بهم السبل، أو لا يستطيعون الخروج من منازلهم بسبب سقوط اعمدة الكهرباء؟
أو لا يجدون طعاما..او وقودا للتدفئة؟أتساءل كثيرا… بما أن لدينا المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، وهو مركز احترافي متخصص في إدارة الازمات، وله قصص نجاح في إدارة المشهد الوطني أثناء الكثير من الملمات والخطوب والازمات،ومنها ما كان في بدايات جائحة كورونا، واذكر كيف كان من خلاله يكون البيان الوزاري المشترك والموحد لكل المسؤولين أمام الإعلاميين والصحفيين .
بإعتقادي ان ما جرى خلال المخفض الجوي الأخير، سيمر كما مر غيره، وأن الخلل والتقصير الذي حصل سيتكرر، لأن مبدأ المحاسبة والعقاب مغيب او مفقود، ولو ارعد وازبد بعض النواب، فتشكيل اللجان للتحقيق نعرف نهايتها، وخير دليل وشاهد لجنة التحقيق بإتفاق النوايا.
ختاما.. قبل أيام تعرضنا لزلزال ضرب بحيرة طبريا، فهل ايقظ عندنا او عند بعض مسؤولينا.. الاستعداد لمثل ذلك وما قد يحدث؟
وهل لدينا خطط طوارئ معروفة، تبدأ ولا تنتهي إلا بانتهاء المعضلة، بمعنى خطة طوارئ شاملة وافية لا غبار عليها؟ متى ننتهي من خطط طوارئ الفزعات.. ومتى يكون عندنا محاسبة رادعة لكل مسؤول مقصر؟ ارجوا ان يكون ذلك قريبا. اللهم سلمنا واحفظنا.كاتب وباحث اردني.
التعليقات مغلقة.