2600 أردني في أوكرانيا والأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات
عمان- في ظل تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا، ودعوة وزارة الخارجية وشؤون المغتربين المواطنين بعدم السفر إلى أوكرانيا، في ضوء التطورات الراهنة إضافة إلى دعوة المواطنين المقيمين هناك لمغادرتها حفاظا على سلامتهم، أكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير هيثم أبو الفول متابعة الوزارة وتقييمها للوضع في أوكرانيا بشكل مستمر، فيما تشير تقديرات “الخارجية” الى وجود نحو 2600 أردني على الأراضي الأوكرانية.
وتزامنت تحذيرات “الخارجية” للأردنيين بمغادرة أوكرانيا وعدم السفر اليها، مع تحذير لمجلة (بوليتيكو) أمس، من إمكانية اندلاع حرب عالمية كبرى تبدأ من أوكرانيا، التي ربما تتوسع فيها دائرة القتال ليكون شاملا دولا عدة، ويجبر دول حلف الناتو على التدخل إذا طال أمد الأزمة، ما يجعل المواجهة بين الصين وروسيا من جهة، والغرب ممثلا بأميركا وحلف الناتو من جهة أخرى أمرا حتميا.
وفيما ربط مراقبون نجاح المساعي الدبلوماسية والحلول السلمية، بمدى تحقيق كل طرف لمصالحه وأهدافه، اكدوا لـ”الغد” أن روسيا تريد ضمانات أمنية لها، وبشكل رئيسي عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وفي المقابل يبدو أن الولايات المتحدة وشركاءها في الحلف غير مستعدين لإعطاء ضمانات من هذا القبيل؛ لأنها سابقة تعني خضوعا لروسيا، ما يجعل الأزمة مفتوحة على الاحتمالات كلها.
وفي هذا الصدد، أكد السفير أبو الفول لـ”الغد” ان الوزارة لديها دائما خطط طوارئ للتعامل مع أي أزمة قد تحدث في الخارج، وأنه في هذه الازمة يتم التعامل معها وفقا للسيناريوهات وتطورات الأوضاع في مقبل الأيام.
وأوضح أن الوزارة فعلت خلية أزمة لمتابعة الوضع في أوكرانيا منذ 3 أسابيع، وعملت على تحديث خططها المتعلقة بمثل هذه الحالات، كما كثفت من عملية التواصل مع المواطنين هناك من خلال السفارة الأردنية في أنقرة، والمكتب الثقافي الأردني الموجود في أوكرانيا، وتم تحديد نقاط الاتصال مع الأردنيين في مختلف المدن الأوكرانية.
وقال إن الوزارة تتابع التطورات أولا بأول مع وجود تقييم مستمر ودراسة لكل الخيارات للتعامل مع التطورات أولا بأول، مضيفا أن “التقييم مستمر والدراسة متواصلة للتطورات، وهناك متابعة مستمرة لأحوال الأردنيين”.
وأكد أبو الفول استمرار مركز العمليات في الوزارة بالتعاون مع جميع الشركاء الأساسيين في الأردن، بمتابعة التطورات بما يضمن ويصب في مصلحة المواطنين الأردنيين.
وأشار أبو الفول إلى انه يتواجد في أوكرانيا قرابة 2600 أردني، بينهم نحو 700 طالب جامعي يدرسون في عشرات الجامعة الأوكرانية، سجل منهم 500 على الرابط الإلكتروني الذي أطلقته وزارة الخارجية وشؤون المغترين للتواصل معهم.
وأشار إلى أن عدد الأردنيين قد يزداد ما بين 500 – 1000 مواطن أردني ممن يحملون الجنسية الأوكرانية، ما يرفع العدد إلى 3500 مواطن.
وشدد على أن الوزارة تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في أوكرانيا عبر السفارة الأردنية في أنقرة المعتمدة لدى أوكرانيا، وكذلك عبر مركز العمليات في مقر الوزارة، وذلك في ظل ترقب عالمي لاحتمال إقدام روسيا على غزو أوكرانيا.
ودعا المواطنين الأردنيين الموجودين في أوكرانيا إلى تسجيل بيانات التواصل معهم من خلال رابط إلكتروني، مشيرا إلى انه يمكنهم طلب المساعدة في الحالات الطارئة من خلال التواصل مع السفارة الأردنية في أنقرة على الخط الساخن (00905384419586) أو المكتب الثقافي في كييف (00380939361181) أو مركز عمليات الوزارة (00962795497777).
من جهته، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، إن ثمة احتمالا كبيرا بأن تقدم روسيا على غزو أوكرانيا قبل نهاية الألعاب الأولمبية المقامة في الصين، والتي تختتم في 20 الشهر الحالي، فيما طالبت المزيد من دول العالم رعاياها ودبلوماسييها بمغادرة أوكرانيا فورا تحسبا لاندلاع الحرب.
وأوضح سوليفان في مؤتمر صحفي عقده يوم الجمعة الماضي في البيت الأبيض إن “هجوما روسيا على أوكرانيا قد يحدث في أي يوم من الآن، وسيبدأ على الأرجح بهجوم جوي”، وتحدث عن احتمالات كبيرة بأن يشمل الاجتياح الروسي مدنا كبرى في أوكرانيا، بما فيها العاصمة كييف.
وفي ظل تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا، طلب الاتحاد الأوروبي من موظفيه الدبلوماسيين مغادرة كييف، باستثناء الذين لهم أولوية قصوى.
وأعلن المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، في بيان، أنه سُمح للموظفين الذين ليس لهم أولوية قصوى بمغادرة أوكرانيا.
وفي السياق، يقول استاذ العلوم السياسية خالد الشنيكات، إن تسارع وتيرة الأحداث بين أوكرانيا وروسيا، أساسها صراع حول المصالح والسياسات، فبينما تراقب روسيا بحذر وقلق ما يقوم به القادة الأوكرانيون فيما يتعلق بتوجهاتهم الحالية والمستقبلية تجاه العلاقة مع أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وكذلك مسألة انضمام أوكرانيا إلى الناتو، تنظر أوكرانيا بقلق شديد حول ضم شبه جزيرة القرم لروسيا وفقاً لاستفتاء آذار (مارس) 2014، التي كانت جزءاً من أراضيها قبل ذلك.
والجديد في هذه الأزمة، بحسب الشنيكات، هي الحشود الروسية على الحدود مع أوكرانيا، التي طرحت تساؤلات ملحة، منها احتمالية انفجار الوضع وتحوله إلى حرب كبرى.
وأكد الشنيكات أن نجاح المساعي الدبلوماسية والحلول السلمية مرتبط بمدى تحقيق كل طرف لمصالحه وأهدافه، وبمعنى آخر، فإن لقاء القمة الذي جمع الرئيس بوتين وبايدن في 10 كانون الثاني (يناير) 2022 وما تلاه من مفاوضات بين روسيا والناتو، وكذلك المحادثات بين روسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لا تعني بالضرورة الاتفاق على التفاوض.
وأضاف: “من الواضح أن روسيا تريد ضمانات أمنية لها، وبشكل رئيسي عدم انضمام أوكرانيا للناتو، وهو ما صرح به سيرغي ريابكوف نائب وزير السياسة الخارجية الروسي، بل إن السفير الروسي أنطونوف لخّص الأمر على النحو الآتي: إن استمرار الغرب في نهجه لخلق التهديدات العسكرية لروسيا، سيستدعي رد موسكو على هذه التهديدات، وخلقها نقاط ضعف للغرب”.
من جهته، يقول السفير السابق احمد مبيضين، ان استعراض موسكو لقدراتها العسكرية ليس شيئا جديدا، لكن المؤكد أن هذه التحركات تختلف كثيرا عن التدريبات العسكرية التي تقوم بها روسيا في العادة، وأهميتها اليوم تأتي في إطار توجيه رسالة إلى كييف بالدرجة الأولى، محذرة من العمل العسكري ضد دونباس، لا سيما بعد سيناريو ناغورني قره باغ، وبعد حديث روسي متكرر وتحذيرات من استعدادات لشن هجوم أوكراني على شرق البلاد، حيث يسيطر الانفصاليون المدعومون من روسيا.
وتابع مبيضن: “موسكو اليوم لا تريد حربا واسعة؛ فالحرب في شرق أوكرانيا كانت مكلفة بالنسبة لروسيا خلال السنوات السبع الماضية، وتجدد هذه الحرب بشكل شامل لن يكون في مصلحة روسيا، وسيؤدي إلى إهدار موارد ضخمة موسكو في حاجة إليها، وسيفاقم مشاكل روسيا مع الاتحاد الأوروبي وأميركا”.
التعليقات مغلقة.