غياب الاستثمار يحرم عجلون من الاستفادة من جمالها ومواردها الطبيعية

عجلون – ما ان تطأ أقدام المتنزهين والزوار أرض محافظة عجلون، حتى يبدأوا بالتساؤل، وإبداء استهجانهم لغياب الاستثمار الأمثل لهذا الجمال الطبيعي الساحر، والذي يرقى بجماله لأن يوازي أجمل المناطق في العالم، التي نراها في الصور والأفلام الوثائقية، عبر مختلف وسائل الإعلام العالمية.
ويؤكد متنزهون وزوار وسياح، يشاطرهم اهال في المحافظة، أن عجلون بغاباتها وأوديتها وينابيعها وجبالها وتلالها وسهولها وآثارها وجوها المعتدل، كنز باستطاعته في حال استثمر على نحو جيد، سيرفد الاقتصاد الوطني واقتصاد المحافظة، ويمنح العاطلين عن العمل من قاطنيها فرصا للتخلص من الفقر والبطالة.
ويقول وسام عبدالحليم، إن في المحافظة جنان أخاذة، وفي حال استثمرت جيدا، ولاقت الدعم الكافي، لأضحت تضاهي أجمل بقاع الأرص التي يروج لها في وسائل الإعلام العالمية ويقصدها الزوار من مختلف العالم.
ويتساءل محمد عناب كيف لمثل هذه الموارد الأساسية في صناعة السياحة؛ من غابات وأودية وينابيع دائمة الجريان وسدود وآثار، تنتشر في كل مكان، الا تستثمر سياحيا إلى حدودها القصوى، مستهجنا غياب الفنادق ذات الخمس نجوم، والمطاعم الكبرى والشاليهات، بالإضافة إلى تردي البنى التحتية، لاسيما الطرق. وتبلغ مساحة المحافظة 419 كم2 مربع، نسبة الغابات منها تصل إلى الثلث، كما تزيد المواقع الأثرية على 300 موقع، وتنتشر فيها عشرات العيون وأودية رئيسية دائمة الجريان كوديان كفرنجة وراجب وحلاوة وعرجان.
ويقول عمر المومني، إن العجلونيين يعولون على مشروع التلفريك، ليكون بداية لنهضة تنموية وسياحية في المحافظة، لكنه يؤكد أن نجاح ذلك، سيبقى مرهونا بتحسين واقع الطرق إليه، وتطوير المواقع السياحية والأثرية في المحافظة.
وكان رئيس مجلس إدارة شركة المجموعة الأردنية للمناطق الحرة والتنموية الدكتور خلف الهميسات، أكد أن مراحل الإنجاز في مشروع التلفريك تسير ضمن المخطط، مرجحا تشغيله في حزيران (يونيو) المقبل على أبعد تقدير.
وبين الهميسات أن الشركة ستوفر فرصا استثمارية عند مدخل كل محطة، لإقامة محال تجارية ومطاعم، وتخصيص مساحة لعرض وبيع المنتجات اليدوية.
إلى ذلك، شهدت المحافظة في اليومين الماضيين، ارتفاع أعداد المتنزهين، بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع والإجازات المدرسية، والارتفاع النسبي لدرجات الحرارة، وبدء تشكل البساط الأخضر، ونمو أعشاب برية تصلح للمائدة.
وبدأت طلائع المتنزهين، تغتنم الأيام الدافئة للتمتع بالبساط الأخضر في مواقع جميلة اعتادوا زيارتها في المحافظة، لاسيما الشفا غورية وشلالات راجب ووادي الطواحين، للتمتع بجمال الطبيعة والتبقل من خيراتها.
ويقول حاتم عنانزة، إن سد كفرنجة وشلالات وينابيع المياه في راجب والصفصافة والزراعة والساخنة واشتفينا وعرجان وحلاوة ووادي الطواحين، الذي يربط بين مدينتي عجلون وكفرنجة، شهدت جميعها حركة تنزه كبيرة.
وأكد أن الأجواء اللطيفة والربيعية، وتدفق الينابيع وشلالات المياه وتجمع كميات مياه أمطار جيدة في سد وادي كفرنجة، ساعد على ارتحال الأسر من أجواء المدن إلى الطبيعة الخضراء، للتمتع بجمالياتها، مطالبا بدعم تأهيلها واستثمارها سياحيا، عبر دعم الشباب وتشجيعهم لإقامة مشاريعهم السياحية.
ويقول محمد اليوسف، إن مواطنين عملوا على جمع نبات الخبيزة وأعشابا برية أخرى من راجب، والمناطق القريبة من سد وادي كفرنجة، مؤكدا أن دفء الطقس ساعد على قدومهم للتمتع بالطبيعة الخلابة والمياه التي تجري في الأودية والينابيع، ومشاهدة طواحين المياه القديمة على ضفاف وادي الطواحين، وزيارة قلعة عجلون وغيرها من المناطق الأثرية.
وأكد مدير سياحة المحافظة محمد الديك، أن المناطق الأثرية والسياحية والشلالات والينابيع، شهدت يومي الجمعة والسبت الماضيين، حركة تنزه نشطة نتيجة للأجواء اللطيفة في المحافظة. وزاد أن سد وادي كفرنجة، شهد ارتفاعا بسيطا لمياهه، ما ساهم بخلق حركة تنزه بمحيطه، مؤكدا أن آلاف الزوار قصدوا منطقة السد، للتمتع بالأجواء الدافئة.
وكانت جهات تطوعية تنظم في مواسم الربيع للأعوام الثلاثة السابقة، مهرجان الربيع في عجلون، إذ يشتمل على إقامة معرض كبير للمنتجات الشعبية والحرف اليدوية العجلونية، والترويج للأماكن السياحية والأثرية في المحافظة.
ويقول منذر الزغول، إن المهرجان شهد مشاركة واسعة من الجمعيات والأسر والمنتجين الشعبيين والحرف اليدوية، خصوصا وأن المحافظة تزخر بمنتجات طبيعية، بخاصة زيت الزيتون والألبان والعسل والزعتر والسماق والمربيات والمواد الغذائية، والصابون والكريمات الطبيعية، وغيرها من المنتجات الطبيعية الأخرى.
ويرى ناشطون بيئيون أن المحافظة التي تتميز بتنوعها البيئي، وانتشار الغابات والمتنزهات فيها، تشكل رئة الأردن الخضراء، لكنها تعاني من هدر قيمتها البيئية، عن طريق مخلفات المتنزهين التي تتسبب بإيذاء البيئة، وتضاعف من أعباء بلديات المحافظة ومؤسساتها التطوعية.
ويزيد من قلق هؤلاء، أنه ومع هطل الامطار، فإن هذه المخلفات، ترفع من منسوب التلوث البيئي، الذي يطال الينابيع السطحية والأودية والسدود، جراء انتقالها اليها بفعل السيول، ولتأثيراتها طويلة الأمد على التربة، وما تحدثه من تلوث صحي وبصري.
الناشط البيئي خالد عنانزة، قال إن مناطق التنزه والغابات، تعاني أثناء فترات التنزه، من تراكم مخلفات الزوار، برغم تنفيذ حملات تطوعية عديدة لإزالتها، مطالبا بتشديد الرقابة وتحرير عقوبات مغلظة بحق المتسببين بهذه المخالفات.
وزاد عنانزة، بأن تخصيص مساحة مناسبة من أراضي الخزينة، لإقامة متنزهات سياحية عليها، ضمن أماكن محددة وسط الغابات، تتوافر فيها حاويات ومستوعبات، سيسهم بالحد من السياحة العشوائية في تلك المناطق ويحافظ عليها.
ودعا لتنظيم التنزه، وتحديد أماكنه، لتتمكن البلديات والجهات المعنية من متابعته والحفاظ على نظافته، مشيرا إلى أن مناطق سياحية عديدة، أصبحت عرضة للتلوث بسبب هذه المخلفات التي يتركها متنزهون في اماكن تنزههم، دون ادراك خطورة ما يرتكبونه على البيئة.
ويحذر الخبير البيئي محمد فريحات من خطورة هذه المخلفات وتحللها طويل الأمد، وآثاره المدمرة للتربة، ومصادر المياه السطحية كالينابيع والأودية والسدود، مشددا على أن تأثيرها لا يقل خطرا عن ملوثات الحفر الامتصاصية ومعاصر الزيتون.
وأشار إلى التأثير السلبي للمخلفات على الأشجار الحرجية والمثمرة والزراعات المختلفة، لتعقد عملية تحللها، ولما تشكله من بيئة جاذبة للحشرات والآفات، تشوه المكان وتدمر البيئة.
ويقول عمر الفندي إن ترك المخلفات قرب الينابيع والأودية، يفاقم خطورتها على البيئة، إذ أنها تجرف مع السيول، وبالتالي تسحب للبرك المائية ولسد كفرنجة، مشيرا إلى أن منطقة شلالات راجب في لواء كفرنجة، تعاني بين الحين والآخر من تردي أوضاعها البيئية، جراء تراكم النفايات تحت أشجارها وقرب شلالاتها، مطالبا بإجراءات مدروسة ودائمة للحفاظ على جماليات المكان.
من جهتها، تؤكد جهات رسمية معنية من البلديات ومديرية البيئة والإدارة البيئية، انها تنفذ دوريا حملات نظافة للعديد من مواقع التنزه، ووضع مستوعبات، وتسيير دوريات بيئية لمراقبة تلك المواقع، لكنها تشدد على الالتزام الطوعي من المتنزهين، لجمع مخلفاتهم وإلقائها في أماكن مخصصة قرب الطرق، لتسهيل جمع البلديات لها.

عامر خطاطبة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة