(1) آذار في العام الدراسي
د. عزت جرادات
=
بقلم // د. عزت جرادات
*عقد الخمسينيات
-يمثل عقد الخمسينينات من القرن الماضي حالة شعبية –مجتمعية أردنية متفرّدة؛ فثمة أحزاب أيديولوجية، إسلامية ويسارية وقومية، وكانت أحزاباً ممتدة بموئل المنشأ، ومرتطبة به تنظيما وسياسات وقرارات، وكانت تعنى بقضايا الأمة، وقلما كان البُعد الوطني في برامجها، باستثناء حالات مقاومة الأستعمار ومخططاته.
-كان العام الدراسي 1955-1956 سنة شديدة صاخبة : الغضب في الشارع، مظاهرات وهتافات تعبرّ عن الأيديولوجيات المذكورة، والتوترّ في المدارس طابع الحياة المدرسية، فالطلبة كانوا أدوات تلك الأحزاب ومددها، والقيادات الطلابية تتلقى التعليمات من خارج اسوار المدرسة.
لقد أثر ذلك على مستوى التعليم، فالانتظام في الدوام المدرسي وأيام الدراسة لم تتجاوز (50%)، وكان المعلمون على درجة عالية من الأخلاص والأنتماء التربوي، فيبذلون الجهد والعمل الاضافي لمعالجة الوضع التعليمي أو ما تسميه اليوم الفاقد التعليمي، وكان حرصهم على تقويم النتائج المدرسية لمصلحة الطلبة.
*تمبلر؟
-فوجىء الطلبة بزيارة المبعوث البريطاني- تمبلر- إلى الأردن، يحمل مذكرة إغراءٍ وإقناع لإنضمام الأردن إلى ما كان يعرف بحلف بغداد، الذي كان يضم العراق وإيران وتركيا والباكستان، لتتحول المدارس والشوارع إلى المظاهرات والهتافات الصاخبة، ليعود تمبلر بخفيْ حنيْن.
-ولم تمضِ أيام أو أسابيع حتى تحولت المدارس والشوارع إلى ميادين الدبكة والأهازيج الشعبية والأناشيد الوطنية، والهتاف بحياة الحسين، قائد الحراك الشعبي الوطني، ففي صباح الأول من آذار (1956) كان الإعلان عن تعريب الجيش، بفصل الجنزال كلوب باشا، الذي كان يُعرف (بأبي حنيك) لأصابة في وجهه، مع عدد من الضباط الإنجليز، وأتخذ الجيش مسماه الخالد- الجيش العربي الأردني0 وفي الساعة السابعة والنصف من صباح ذلك اليوم كانت الاذاعة الأردنية تنقل خطاب الحسين للشعب الأردني… والذي اختتمه- إنْ ينصركم الله فلا غالب لكم-
*تداعيات
-كانت تلك الخطوة حدثاً عالمياًـ فهذا أيزنهاور الرئيس الأمريكي السابق يخاطب الحسين (إنك بطل والبطولة ليست ملك شعبك بل هي للعالم).
-أما –براقدا- الناطقة باسم الاتحاد السوفيتي فكتبت:
(أن عزل كلوب انتصار كبير للشعب الأردني في نضاله من أجل التحرر من السيطرة الأجنبية).
-وأما في بريطانيا، فجاء في كتاب جيمس لنت- الحسين حياة ومسيرة-:
(كانت ردة الفعل في بريطانيا على طرد كلوب صاخبة وهو ما أدهش الحسين (الذي مارس حقاً من حقوقه الدستورية)).