إضراب شامل بالقدس ومواجهات مع الاحتلال
ساد الإضراب الشامل، أمس، مدينة القدس المحتلة حدادا على روح شهيدي الوطن المحتل اللذين استشهدا برصاص الاحتلال الإسرائيلي، وسط دعوات فلسطينية “للنفير العام”، واستعدادات إسرائيلية لاحتمال تفجر الأوضاع بالضفة الغربية، إزاء الغضب الشعبي العارم.
وأغلقت المنشآت والمحال التجارية أبوابها في إضراب شامل عم القدس، بدعوة من القوى والفصائل الفلسطينية، حدادا على روح الشهيدين الشاب كريم القواسمي (19 عاما)، والطفل يامن جفال (16 عاما) اللذين ارتقيا أول من أمس برصاص الاحتلال.
واندلعت المواجهات العنيفة بين قوات الاحتلال والشبان الفلسطينيين في بلدة أبو ديس، شرق القدس المحتلة، حيث ألقى الشبان الحجارة والزجاجات الحارقة تجاه القوات الإسرائيلية كما أشعلوا إطارات السيارات، ردا على اقتحامها للمنطقة والاعتداء على سكانها.
في حين اعتلى جنود الاحتلال أسطح المباني في بلدة أبو ديس لاستهداف الشبان بالرصاص وقنابل الغاز، في ظل الحداد والإضراب الشامل الذي عم البلدة وشمل المحال التجارية والمؤسسات والبنوك التزاما بالإضراب الذي أعلنته القوى الوطنية والإسلامية في القدس.
وأصيب العشرات من الفلسطينيين، كما أعتقل آخرين، خلال المواجهات مع الاحتلال الذي نفذ حملة واسعة من المداهمات في عموم القدس المحتلة، التي تحولت إلى ثكنة عسكرية تعج بتعزيزات إسرائيلية كثيفة.
ودعت القوى الوطنية والإسلامية في القدس المحتلة، كافة أبناء الشعب الفلسطيني للنفير العام والمواجهة المباشرة مع الاحتلال، رداً على “جرائمه المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في كافة المناطق.”
وأكدت الفصائل الفلسطينية إن جريمة إعدام الشهيدين هي تواصل لإرهاب وجرائم العدو الصهيوني المتواصلة والمتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني، وتعكس عدوانه وهمجيته.
وأكدت التمسك بالمقاومة سبيلا لردع الاحتلال والثأر لدماء الشهداء، داعية إلى تصعيد المقاومة والعمليات البطولية والاشتباك المباشر والمتواصل لرفع كلفة الاحتلال والتصدي لعدوانه.
تزامن ذلك مع دعوة نشطاء فلسطينيين، جماهير الشعب الفلسطيني إلى إحياء صلاة فجر الجمعة المقبل في المسجد الأقصى المبارك تحت شعار “لن نرحل”.
وحث النشطاء على تكثيف الحضور والمشاركة الفاعلة في أداء الصلاة في مصليات المسجد الأقصى، ضمن حملة “الفجر العظيم”، للتأكيد على تمسكهم بحقهم في المسجد وإفشال مخططات الاحتلال التهويدية وأطماع المستوطنين.
كما دعت حركة “حماس” جماهير الشعب الفلسطيني، إلى النفير العام، والاحتشاد في صلوات الفجر في المسجد الأقصى، مؤكدة أن هذه الحملة تمثل رسالة تحد للاحتلال وقادته، ونذيرا له ولجيشه، بأن المساس بالأقصى والمرابطين فيه يعد خطا أحمر.
وقد تحولت حملة “الفجر العظيم” إلى تظاهرة شعبية عارمة في المسجد الأقصى المبارك، من خلال تسمية كل جمعة باسم معين يشير إلى إحدى القضايا التي يواجهها الشارع المقدسي.
وطبقا للأنباء الفلسطينية؛ فقد انطلقت الحملة لأول مرة من المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، لمواجهة المخاطر المحدقة بالمسجد واقتحام قوات الاحتلال والمستوطنين المتكرر له، ومحاولات تهويده، وأداء الطقوس التلمودية فيه، ومن ثم انتقلت إلى المسجد الأقصى المبارك، حتى عمت هذه الحملة بقية المدن الفلسطينية.
وعادت “الفجر العظيم” مع بدايات عام 2022 إلى واجهة المبادرات الشعبية المقدسية التي تمثل تجمعاً شعبياً أسبوعياً كبيراً في قلب المسجد الأقصى.
وكان عشرات الآلاف من الفلسطينيين أدوا صلاة فجر الجمعة الماضي في المسجد الأقصى تحت شعار “النصر قريب”، بمشاركة واسعة من النساء والعائلات، رغم تشديدات الاحتلال والتضييق على المصلين.
ومؤخرا، قام أهالي فلسطين المحتلة عام 1948 بمبادرات من خلال التكفل بعدة حافلات لنقل المصلين الى القدس المحتلة ضمن الحملة.
وفي ظل التصعيد الإسرائيلي بالقدس المحتلة؛ فقد أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أمس، أن الشرطة الإسرائيلية وكذلك جهاز الأمن العام “الشاباك” يستعدان لاحتمال تصاعد الأحداث في الأراضي الفلسطينية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، خاصة مع قرب شهر رمضان والأعياد الإسلامية واليهودية، وفي ظل حالة التوتر القائمة نسبيا في القدس حاليا.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن شرطة الاحتلال و”الشاباك” يعتبران أن هذه الفترة هي أكثر الفترات لإمكانية تفجر الأوضاع حتى في أوساط فلسطينيي 1948، مشيرة إلى تقديرات أمنية بأنه في حال اندلعت مواجهات بالقدس والداخل فإنها ستبقى محدودة ولن تؤدي إلى تصعيد أمني واسع كما جرى مع غزة في أيار (مايو) الماضي، ولكن كجزء من الدروس المستفادة والتقييمات الاستخباراتية الخاطئة العام الماضي فإن المناقشات الداخلية لا تستبعد احتمال انضمام غزة للتصعيد.
ولفتت إلى أن التركيز في انتشار القوات الإسرائيلية سيكون في 3 مراكز رئيسية، هي الشيخ جراح وباب العامود والمسجد الأقصى، مشيرة إلى تراجع حدة المواجهة في الشيخ جراح في ظل وقف إخلاء العائلات من هناك وتوقف المتضامنين عن الوصول إليه، إلى جانب الحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى لتبقى ساحة باب العامود مصدراً محتملًا للصراع، وقد يكون لسلوك الشرطة الإسرائيلية في مواجهة الفلسطينيين هناك حافز لإشعال الأوضاع، فضلا عن التغييرات في الوضع الراهن داخل البلدة القديمة بعد عملية الطعن أول من أمس، والتي قد تنذر باتجاه تصعيد جديد.
ووفق الصحيفة الإسرائيلية، فإن الشرطة الإسرائيلية ستجند خلال الأسابيع المقبلة، وحدتين من الاحتياط، للتعامل مع أي أحداث قد تتكرر لاحقا.
وكالات
التعليقات مغلقة.