الأحزاب فشلت في إنتاج زيت عباد الشمس
الدكتور رشيد عبّاس
=
بقلم / الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس
سؤال, وإذا ما بدأت المقالة اية مقالة بسؤال, علينا أن نقلّب كفينا على ما أضعناه, والسؤال هو: هل الأحزاب الأردنية معنية في إنتاج زيت عباد الشمس؟ الجواب نعم معنية بعد أن فرّت الغزلان من سمنتنا القديمة! وجففنا عقول الشباب, من خلال غرس ثقافة السلطة والثروة والمتعة.. للأسف الشديد.
عندما تكون المقاربة واضحة, فانه لا يمكن لأي حزب مهما كان (ديني, قومي, يساري, ليبرالي) أن يبرر فشله في تقديم برامج إنتاجية للدولة على مدار أكثر من سبعين عام من (التململ) والجلوس شرق الدار كما يقال للغيبة والنميمة وأكل لحوم الناس ميتين فكرهنا ذلك, فعلى مدار الـ(70) عاماً ومن بداية تأسيس الأحزاب في الأردن لم تفرّخ لنا اليوم مثل هذه الاحزاب حزب زراعي ينتج لنا بذور نبات دوار الشمس كي نصنع منها زيت عباد الشمس, ونترك أوكرانيا من جلسة شرق الدار, ونتخلص من الغيبة والنميمة وأكل لحوم الناس ميتين.
الأحزاب قضوا حوالي ثلاثة عقود من الزمن يسعوا وراء السلطة والثروة والمتعة تاركين أكثر من (6) ملايين دونم قابلة للزراعة في أردننا الحبيب, ومتناسين وجود المياه الجوفية في بواطن الارض أرض الاردن الطيبة, ومنكرين أمطار السماء من سماء الأردن.. وفشلوا في تفريّخ (ولو بطريقة أطفال الأنابيب) حزب زراعي يستثمر هذه الخيرات المتنوعة والمتكاملة, خيرات الأرض وعطاء السماء, وينتج لنا اليوم القمح والعدس والبصل والثوم, بدلا من إنتاج هذا الكم من الزعامات والعنتريات, والبدع (الدينية) والسياسة والاجتماعية.
هذه الأحزاب وعلى مدار ثلاثة عقود من الزمن اختطفت واحتضنت الشباب وعطّلت فيهم ثقافة (التفكير المنتج) والعطاء, وغرست في نفوسهم ثقافة السلطة والثروة والمتعة, وجعلوا الشهادات المطويّة هي من تحمل الشباب, وليس الشباب من يحمل الشهادات, وفتحوا جميع قنوات الاستيراد, وبتنا نستورد (القشة) التي قسمت ظهر البعير, وبعد فترة ربما سنستورد البعير وما سيحمل من مؤن ومؤونة..انها لعنة عدم وجود أحزاب حقيقية تطرح برامج انتاجية كي نأكل ونشرب, نعم وكما قيل: لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع, وتلبس مما لا تصنع, وأضيف هنا وتملء جيوبها الخلفية دولارات محوّلة من أمريكا.
اليوم نتضرع إلى الله ونقول: (اللهم أضرب الظالمين بالظالمين)! وفي الوقت نفسه نستورد من الظالمين زيت عباد الشمس, ورز الكبسة, والقهوة الملوكية, وأولادنا يعملوا عند الظالمين ويحوّلوا لنا عملة الظالمين وعلى رأسها الدولار كي نشتري بها متعة الحياة الدنيا, وأكثر من ذلك نرسل أولادنا و(بناتنا) يتعلموا عند/ ومن الظالمين فنون السباحة وآخر صرعات (الخلط بلط), ثم نقول اللهم انصرنا على القوم الظالمين ونحن (نتدسدس) عند القوم الظالمين, والقوم الظالمين أسسوا بعض أحزابنا, وموّلوا بعض أحزابنا الدينية بالذات.. فأنّى يُستجاب لنا.
والحقيقة المُرّة أننا بتنا لا نعرف من هو الظالم ومن هو المظلوم.. ومن هم القوم الظالمين والحال هكذا, لقد توّهنا أطفالنا وشبابنا وخدعناهم بقضية القوم الظالمين, المشكلة اننا جعلنا حياتنا اليومية مربوطة بالاستيراد من بلدان القوم الظالمين, ويعيش أولادنا اليوم على ارض القوم الظالمين, ولم تضع لنا الأحزاب وعلى مدار ثلاثة عقود من الزمن, لم تضع لنا حدود انتاجية من بلدان القوم الظالمين, وسنرى قريباً زيت عباد الشمس في أحلامنا الليلية وكوابيس الفجر, بعد أن تركنا سمنة الغزاين, وننتظر الزيوت المهدرجة تلك التي جعلتنا شخصيات (ممسوحة) في البيوت.
إذا بقينا ننتظر إنتاج زيت عباد الشمس وغيره من بلدان القوم الظالمين, سننقرض حتماً, ولا أقصد بالانقراض هنا الزوال تماماً, إنما سنبقى كأمة ساكنة خانعة على قيد الحياة, لكن سنكون محط ومكان تجارب لمطابخ الأكل وللشرب ومشاغل اللباس ومختبرات للدواء ..وصناديق الحروب.
نحن أمة بدون برامج إنتاج سنبقى نسرق من القوم الظالمين, والسرقة من القوم الظالمين لن تدوم, وحبلها قصير جداً ومكشوفة, كيف لا و(الفتاة) السارقة تكشف أمانة أبيها, والشاب السارق يكشف أمانة أمه, ومن هنا فقد بات لزاماً على أحزابنا المحلية وبقوالبها الجديدة أن تفرّخ لنا (حزب زراعي) يجعلنا اليوم نأكل مما نزرع, ونلبس مما نصنع, (حزب زراعي) يخلّص شبابنا من جلسة شرق الدار كما يقال, ومن الغيبة والنميمة وأكل لحوم الناس ميتين, وانتقاد الحكّام, ويجعلهم منتجين فعلاً وليس قولاً.
وبعد..
لدينا أرض وماء وشمس, ولدينا كليات زراعة, فأين المشكلة في إنتاج (بذور) عباد الشمس يا ترى؟