الموت الزؤام يلاحق الصهاينة في الشوارع والمنام
مهدي مبارك عبدالله
=
بقلم /مهدي مبارك عبد الله
من ضمن معاني كلمات الموت الزؤام المحتملة هو الموت السريع المجهز والموت الكريه الشنيع
ضمن التوقعات الخاطئة لمخابرات جيش الاحتلال الإسرائيلي والتي صدمت جنوده على الارض اعتقاده بأن العمليات الاستشهادية ستكون في شهر رمضان انطلاقا من الضفة والقدس وغزة فكانت المفاجأة بعمليات بطولية تستعر من الداخل المحتل تأكيداً على وحدة الدم والجغرافيا الفلسطينية حيث جاءت عمليات الخضيرة وبئر السبع وبني براك قرب تل ابيب والتي نفذها استشهاديون وقتل على إثرها أكثر من 10 صهاينة ما جعل الواقع العملي يفسر كأنها بداية لاندلاع انتفاضة جديدة جعلت معظم الإسرائيليون اليوم خائفون من السير في الشوارع نهارا وتنتابهم الكوابيس ليلا بعدما كانوا قبل عشرين عام يخشون بهلع كبير ركوب الحافلات
منذ شهور تشهد معظم أنحاء فلسطين تصاعدا في عمليات المقاومة شملت الطعن وإطلاق الرصاص واشتباكات مسلحة ورشق بالزجاجات الحارقة والحجارة ردا على جرائم الاحتلال المتواصلة وعمليات التهويد والهدم والملاحقة للفلسطينيين حيث تتواصل التوقعات بتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية في ظل زيادة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلة خاصة مع اقتراب شهر رمضان والتوقعات بتوتر الأوضاع الأمنية في المنطقة وارتفاع ملحوظ في أعمال المقاومة في رسالة واضحة على استمرارها والتصدي للاحتلال والاستيطان بكل قوة ودونما أي تردد
المقاومة الشعبية المسلحة تنبعث من جديد في الداخل الفلسطيني حيث يزمجر الأبطال والغيارى على أرضهم وعرضهم بعمليات صاعقة قسمت ظهر الاحتلال في بئر السبع والخضيرة والان في تل ابيب لتعيد الصراع لطبيعته وحقيقته الاولى وهي الحقيقة الوجودية التي لا تقبل التسويات ولا حروب التطويع والتطبيع فها هو الشباب الفلسطيني الثائر بالمقاومة كطريق وحيد للتحرير والعودة يخلد مع ذكرى يوم الارض سيره على خطى الرواد والشهداء الأوائل بتسطيره أروع ملاحم البطولة والارادة والعزيمة وتأكيده على خط المقاومة ورفضه الابدي لمشروع التعايش والسلام مع هذا الكيان الغاضب
في هذا السياق النضالي والمنطقي جاءت عملية يوم الثلاثاء 29/3/2022 التي قال عنها وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس إنها ( ليلة صعبة على إسرائيل ) والتي كانت ثالث عملية مؤلمة خلال أسبوع واحد حيث اتسمت بالقوة والنوعية والجراءة نفذها الشهيد البطل الأسير المحرر ضياء حمارشة من مواليد 1995 سكان قرية يعبد بجنين في عقر دار الصهاينة المجرمين وبأحد اهم الأحياء الاستيطانية في فلسطين المحتلة عام 48 بإطلاقه النار في ثلاث اماكن نحو مجموعة من المستوطنين اسفرت حتى الان عن مقتل 5 منهم واصابة اخرين غالبيتهم في حال الخطر الشديد وهو ما اتثبت بوضوح فشل المنظومة الأمنية الصهيونية وهشاشتها أمام عزيمة الفدائي الفلسطيني المقاوم
كما انها تأكيد للإصرار الفلسطيني على تدفيع الاحتلال ثمن عدوانه وارهابه ورد فعل مشروع على ما أوقعه ومستوطنوه من سفك للدماء وتدمير للمنازل واقتلاع للحقول وممارسة كل اشكال التطهير العرقي والاغتيالات والملاحقات والاعتقالات في الداخل والضفة والقدس وغزة
العمليات البطولية المتتالية ما هي الا نتاج طبيعي لجرائم العدو الصهيوني وقطعان مستوطنيه وميليشايته الارهابية فلا خيار أمام هذا الكيان اللقيط إلا الموت أو الرحيل وما تزامن هذه العمليات مع ذكرى يوم الارض الخالد الا تأكيد راسخ على ان هذه الارض لأهلها الاصليين وأنها ستبقى محور الصراع مع هذا الكيان كخيارٍ حاسم في التعامل مع سياساته الاجرامية على طريق مواصلة النضال لدحره ونيل الحقوق الوطنية المشروعة
البعض وجد في هذه العملية البطولية رد عملي على قمة التطبيع التي شارك فيها وزراء خارجية عرب على أرض النقب في الداخل الفلسطيني المحتل وانها رسالة قوية للاحتلال وحكومته الفاشية بأن الشعب الفلسطيني مصمم على التصدي له والرد على جرائمه المتواصلة مهما كلف الثمن وتعاظمت التضحيات فالشعب الفلسطيني جسد واحد وشبابه يمتلكون الإرادة والتصميم على المقاومة واشعال كل أماكن التماس ناراً تحت أقدام الغزاة الصهاينة وهم لا ينامون على ضيم رغم كل الصعوبات القائمة ومحاولات تصفية قضيتهم الوطنية واتساع دائرة التطبيع المشين
المحتل الصهيوني يجب ان يفهم جيدا بانه قد ولى الى غير رجعة زمن الايغال بالدم الفلسطيني فكل اعتداء صهيوني ارهابي وفي أي مكان سيواجه برد مقاوم يفاقم مشاكل الاحتلال ويعجل من زواله وما تقاطر الشباب المقاوم لتنفيذ العمليات داخل فلسطين المحتلة الا تأكيد مطلق بأننا أمام إشراقة جيل جديد من الفدائيين عصيون على أوهام التسويات ومزادات السلام الاقتصادي رغم كل محاولات الاحتلال المحمومة لدعشنة مقاومتهم وسلاحهم ذو العقيدة الصادقة والاهداف التحررية النبيلة
الاحتلال الصهيوني يجب ان يتحمل كامل المسؤولية عما يرتكبه من جرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني في وقت يتبلد فيه ضمير المجتمع الدولي ويخرس لسانه عن قول الحق ويصم اذانه عن سماع صرخات الأطفال والامهات والآباء الذين فقدوا الأعزاء على قلوبهم جراء العدوان الصهيوني الغاشم على الأرض والإنسان والرواية والهوية الفلسطينية
مع بدء العد التنازلي لحلول شهر رمضان المبارك تتزايد المخاوف الإسرائيلية مما تعتبره احتمالية لزيادة مقلقة في عدد الهجمات الفلسطينية وعمليات المقاومة في الضفة الغربية والقدس وارض الداخل لا سيما بعد أحداث حي الشيخ جراح العام الماضي واقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى ومنع المصلين من الوصول اليه مما يوجب على الاحتلال محاولة إطفاء النيران قبل أن تندلع وامتصاص غضب الفلسطينيين قبل ان ينفلت العقال ويضيع الرشد
تزامن المناسبات الدينية عيد الفصح اليهودي والوطنية ذكرى يوم الارض عند الفلسطينيين يعتبر أمر ملهم لتنفيذ المزيد من الهجمات الانتقامية وإمكانية تقليدها ومحاكاتها من قبل الشبان الفلسطينيين الذين يستلهمون التعبئة والتوجيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمزيد من الإلهام والحماس حيث يخرجون لتنفيذ عمليات فردية مسلحة طعنا ودعساً وإطلاق النار ولن يجدي امام ذلك التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية وزيادة الاعتقالات للمطلوبين والذين ينوون تنفيذ عمليات مسلحة ونظرا لتوفر العديد من الأسباب والعوامل يمكن لألسنة اللهب أن تشتعل بشكل كبير في عموم الأراضي المحتلة
امام هذه الدماء الزكية والبطولات العظيمة والتضحيات الفريدة على كافة أبناء الشعب الفلسطيني المرابط وقواه وفصائله التكاتف ورص الصفوف ونبذ كل أسباب الفرقة والاختلاف والتمسك بالوحدة الوطنية والثوابت التي يرتقي الشهداء من أجلها لأنه كلما كانت اكلمتهم واحدة وصفهم موحد كلما كان عمر الاحتلال أقصر ومستقبله أقرب الى الزوال
وعلى المجتمع الدولي توفير الحماية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والكف عن سياسة الكيل بمكيالين في تطبيق الشرعية الدولية بما يحقق العدالة والسلام الحقيقي من خلال تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف
ان تصاعد واستمرار سياسات الظلم والعدوان والبطش والانتهاكات والإرهاب من قبل الاحتلال ستدفع الأوضاع في الأراضي الفلسطينية لاندلاع مواجهة جديدة والدخول في زوبعة من المواجهات الدامية التي لا يمكن السيطرة عليها فالشعب الفلسطيني لن يبقى مكتوف الأيدي أمام الاجرام الصهيوني وسيتصدى له ويردعه ويكبح جماحه بالمقاومة الشاملة ليحمي شعبه وقدسه وأقصاه وكامل أرضه المحتلة حتى يوم الخلاص والحرية القادم لا محالة
نكرر ان هذه العملية البطولية تأتي في السياق الثوري والنضالي المشروعين للرد على جرائم الاحتلال البشعة بحق الأبرياء والأطفال العزل وانتهاكات قطعان المستوطنين لباحات الأقصى وحي الشيخ جراح والمدن والقرى الفلسطينية الأخرى
أخيرا ندعوا الله تعالى ان يتقبل الشهداء الابرار والرحمة على أرواحهم الطاهرة وصادق العزاء لعوائلهم وذويهم وتحية اكبار وفخار لسواعد الشبان الثوار والمجاهدين الذين ينتفضون في كل يوم للدفاع عن الدين والمقدسات والأرض والعرض والوجود وهم يواصلون درب المقاومة ويحفظون وصية الشهداء
كما ونشيد ونثمن عاليا صمود أبناء الشعب الفلسطيني وتمسكهم بأرضهم وديارهم رغم كل سياسات الارهاب والتهجير والاستيطان والقتل والتدمير وهم يؤكدون دائما أن ثمن ( المواجهة والمقاومة ) هو أقل من ثمن ( التراجع والاستسلام ) وأن خيارهم الوحيد لاستعادة حقهم واسترداد ما سلب منهم هو في المقاومة ومواصلة جذوة الاشتباك على نقاط التماس في كل مكان حتى دحر الاحتلال عن كامل أرض فلسطين
mahdimubarak@gmail.com