هل طردنا الله من المساجد؟
د. نوح مصطفى الفقير
–
سؤال محيّر؛ والجواب عليه أكثر حيرة، والمسلمون في أكثر البلاد متشتتون؛ وقد أقبل بعضهم على بعض يتلاومون، كأصحاب الجنة الذين تآزروا على حرمان المساكين من ثمارها، وأقسموا على صرمها وهم نائمون، والمساكين يترقبون القطاف، ويأملون دحر الأيام العجاف، ولو بالقليل من الثمر أو الرديء من الجنى، وبتلك النية السيئة حرمهم الله الشجر، فطاف عليها طائف من ربّك فأصبحت كالصريم، وطردهم الله منها، وهاهم يتلاومون؛ فبعضهم يصفون بعضهم أنهم طاغون، وبعضهم يقول: يا ويلنا، وأوسطهم وأرجحهم عقلاً يقول: لولا تسبحون….. هيهات هيهات بعد فوات الأوان، ما أشبه قصتهم بقصتنا.
لكنّا كنا ننعم بالعبادات والدعوات والقربات في المساجد، ونلجأ في النكبات إليها نرجو من ربنا الرحمات، فعمت البلوى، وأغلقت المساجد، ووقفنا على أبوابها، حيارى، لا ندري أهي طردة من المساجد؟ أم هي رحمة بعمّارها؟ يا الهي وقد اشتد البلاء، وأطفئت أنوار المساجد، وذهبت الجمعة والجماعات، وبدأنا نشم رائحة التراويح في رمضان، حيارى؛ هل نحن محرومون؟ …..
لماذا كان يخاف النبي صلى الله عليه وسلم من الغيوم؟ والصحابة رضي الله عنهم يقولون: (عارض ممطرنا) ويقول: (لقد عذب الله به أقواماً)؛ سبحان ربي؛ أيخشى الحبيب عذاباً من الله؟ أم هي عبادة تعبدنا الله تعالى بها؟ أن لا ننسى الله.
إن لنا في يوم حنين عبرة؛ لما أعجبتهم الكثرة، فحرموا النصر، وولوا مدبرين، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، والرسول صلى الله عليه وسلم يهتف: أنا النبي لا كذب، يا أصحاب السمرة- الشجرة التي كانت بيعة الرضوان تحتها- هلّموا إلى نصر الله، عبرة، لقد حرم الله الجيل الأول المبارك من النصر أول الأمر، لما اعتمدوا على الكثرة، والأصل أن لا يتوكلوا إلا على الله.
هل حمى الله المساجد من ذنوبنا؟ هل حرمنا الله من بيوته؟ وألجأنا إلى بيوتنا؟ وشتان…يا ربنا نرجو رحمتك ونخشى عذابك، يا مسلمون؛ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.