صواريخ ستريلا مفاجأة المقاومة التي طال انتظارها
مهدي مبارك عبدالله
=
بقلم / مهدي مبارك عبد اللهفي مفاجأة مدوية كشفت المقاومة الفلسطينية عملياً عن امتلاكها لمنظومة صواريخ دفاعية أرض- جو مضادة للطائرات ولأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ بداية التصعيد الراهن حيث أعلنت كتائب القسام فجر الثلاثاء 19 / 4 / 2022 أنها أطلقت صواريخ أرض – جو تجاه الطائرات الحربية الإسرائيلية التي نفذت غارات على مدينة خان يونس جنوب قطاع غزه واستهدفت موقع القادسية التابع للكتائب بعدد من الصواريخ أطلقتها طائرات حربية ومسيرة
ردا على إطلاق صاروخ واحد من القطاع تجاه مستوطنة كيسوفيم في منطقة غلاف غزة حمل في طياته الكثير من الرسائل الصواريخ التي أطلقتها المقاومة يعتقد انها من طراز ستريلا 2 فيما كانت تعلن سابقا أنها تصدت بصواريخ سام -7 التي امتلكتها عام 2013 بالإضافة الى بعض مدافع الرشاشات الثقيلة في وقت يعي فيه الاحتلال جيداً ما لدى المقاومة من أسلحة متطورة خاصة بعد فوضى الثورة الليبية
ليست هذه المرة الأولى التي تنفذ فيها المقاومة الفلسطينية عملية استهداف لطائرات الاحتلال الإسرائيلي إذ سبق وأن حدث ذات الأمر في كانون الثاني الماضي حين أطلقت المقاومة صاروخين من طراز سام 7 تجاه طائرات الاحتلال الإسرائيلي غرب مدينة غزة ولم تعلن حينها المقاومة رسمياً عن أي تفاصيل بهذا الشأن
خلال السنوات الماضية سعت المقاومة الفلسطينية إلى إيجاد حلول وأدوات تمنع طائرات الاحتلال من التحليق بحرية في سماء القطاع من أجل جعل أي مواجهة مستقبلية صعبة على الاحتلال الإسرائيلي في ظل توالي جولات المواجهة
إعلان كتائب القسام إطلاق صواريخ ستريلا 2 تجاه الطائرات الإسرائيلية شكل ضربة جديدة وسجل هدف إضافي في معادلة الردع القائمة لن تقف آثارها عند الحدث الذي انتهى بعدما اعتبرت رسالة مهمة للاحتلال بأن المقاومة عززت من قدراتها وإمكاناتها في مواجهة الطائرات والتي كان تفتقدها سابقا وأن حسابات الاحتلال في استخدامه الطائرات ضد غزة يجب ان تتغير بدخول دفاعات المقاومة الجوية مرحلة جديدة في التصدي لطائراته المعادية وأجبارها على مغادرة سماء غزة
كتائب القسام ارادة من بث خبر دخول صواريخ ستريلا للخدمة لأول مرة تحقيق هدفين أولهما كبح الطائرات الإسرائيلية المغيرة أو على الأقل تحييد الطائرات المروحية من الاباتشي وغيرها أما الهدف الثاني فهو الرد على العدوان الإسرائيلي بطريقة منظمة لا ينجر فيها الجميع للمواجهة العسكرية على الرغم من مطالبة الوسطاء من المقاومة بعدم الرد على القصف الإسرائيلي بقصف مماثل
اما الرسالة الأبرز وضوحا فقد كانت موجهة للجمهور الفلسطيني بشكل عام أكثر من الاحتلال سيما في جانبها المعنوي بأن المقاومة لديها من الإمكانيات والمفاجآت التي لم تستخدم بعد وهي تدخرها لمعارك اقوى وأشد في المراحل المقبلة
صواريخ ستريلا الروسية الصنع بمقارنتها عمليا مع تطور وتقنية الطائرات الإسرائيلية نجد أنها بالفعل قادرة على تهدد حركتها لكنها ربما لا تستطيع إسقاطها الا اذا وقعت في مرماها وربما لا تنجح هذه لصواريخ في ردع الطائرات الحربية الاسرائيلية من قصف مناطق ومواقع عسكرية في القطاع كون إسرائيل تمتلك ترسانة عسكرية قوية وحديثة خاصة مقاتلات إف -35 التي عادة ما يستخدمها الجيش في عملياته وهي تحلق على ارتفاعات عالية ويبقى في النهاية أن صواريخ ستريلا سوف تكون كفيلة بإبعادها لارتفاعات عالية تفقدها القدرة على المناورة والتركيز في إصابة الاهداف
الطائرات الإسرائيلية لم تعد بأمان في أجواء قطاع غزة وان قدرتها على القصف لم تعد بالسهولة التي كانت من قبل وعلى الأقل فان جميع المروحيات لن تقترب من قطاع غزة ولن تتمكن الطائرات الحربية من قصف الأهداف بدقة لعدم نزولها لمسافات اضطرارية معقولة وأن اسقاط اي طائرة بالنسبة للاحتلال يعني تحول الحدث من تكتيكي إلى استراتيجي بسبب نتائجه الخطيرة التي ستخلق محور نقاش وجدال واتهامات داخل أروقة جيش الاحتلال لها ما بعدها
في الواقع ان تمتلك المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة صاروخ محلي الصنع يسقط على المدن الإسرائيلية مسألة قد يتجرعها الكيان الصهيوني على مضض لكن أن تمتلك المقاومة صواريخ ارض جو من نوع ستريلا 2 او غيرها فهذا يعني أن المقاومة باتت تدخل مرحلة جديدة من مراحل مقارعة الإسرائيليين لتقلب معادلاته بالاستفراد بالأجواء الفلسطينية
إلى جانب دخول طائراته في مرمى أهداف المقاومة وان استخدام هذا الصاروخ يعني أن هناك محاولة جدية لدى الفصائل لامتلاك هذا السلاح النوعي والمتطور كما يعد إشارة تحذير لإسرائيل من أن المقاومة تمتلك كثيراً من أدوات الهجوم التي تستطيع من خلالها إدارة أي عملية عسكرية مقبلة
دخول صواريخ الارض جو ميدان المعركة سيقلب بالطبع معادلة الصراع لصالح المقاومة الفلسطينية ويمنع الكيان من الاستفراد بأجواء غزة الحرة وهو ما يشكل تهديد مباشر لكل جسم مشبوه يدخل القطاع حيث لا زالت المقاومة الفلسطينية تنتقل من مرحلة إلى أخرى في صراعها التحرري الى ان حانت اللحظة التي تكون فيها طائرات الاحتلال بضيافة المقاومة
الأخطر الذي يخشاه الاحتلال ان تتمكن المقاومة الفلسطينية هندسياً وتقنيا من تفكيك صواريخ الأرض – جو الجديدة ودراستها ومن ثم تصنيعها محلياً وتوفيرها للمقاومين بكثافة كونها تصيب المقاتلات التي تحلق على مسافات لا تزيد على أربعة كيلومترات
تل أبيب أصبحت الآن في مأزق عسكري شديد للغاية ومباغت بعدما اختلت موازين المعركة لديها فلو أمطرت سماء تل أبيب بصواريخ المقاومة الفلسطينية وحاول الاحتلال الرد بغارات جوية فستكون صواريخ ستريلا الجديدة لها بالمرصاد
العنوان الرئيسي لدى كيان الاحتلال اليوم هو امتلاك المقاومة الفلسطينية صواريخ الأرض جو ستريلا -2 الروسي الصنع خفيف الوزن والمحمول على الكتف قصير المدى ويعمل على التوجيه الحراري بالأشعة تحت الحمراء دخل الخدمة في 1968 يبلغ مداه نحو 3,700م بارتفاع يصل إلى 1,500 متر وبسرعة 430 متر بالثانية يزن رأسه الحربي 1.15 كجم مصمم لاستهداف الطائرات الحربية والمروحيات والمسيرات على ارتفاعات منخفضة وهو واسع الانتشار إلى حد كبير وستخدم في العديد من الجيوش في جميع أنحاء العالم
تحييد سلاح الطيران الإسرائيلي وإبعاده خلال أي مواجهة مقبلة مع الاحتلال الإسرائيلي في غزة هو الهدف الأهم لفصائل المقاومة الفلسطينية لذلك تسعى إلى شراء أسلحة متطورة مضادة للطيران ولكن حتى هذه اللحظة لا يوجد أسلحة جديدة في يد المقاومة قادرة على ذلك
خاصة وانه في عالم المقاومة الفلسطينية كان للصواريخ كما للعمليات الاستشهاديّة الكلمة الفصل في مجابهة العدو الإسرائيلي حيث تمتلك كتائب الشهيد عز الدين القسام وبعض الفصائل الأخرى عددا غير معروف من صواريخ القسام وغراد والكاتيوشا إضافة لصواريخ فجر -55 الإيرانية الصنع وأخرى صينية ووغيرها من جنسيات متعددة
العدو الإسرائيلي اضحى في حالة من الارباك والتضعضع والضعف وبما يؤثر عليه في وضع الخطط والاستراتيجيات ويتركه في أجواء مشحونة بالقلق والمفاجأت وهذا ليس مجرد رغبة نأمل ان تتحقق بل هي واقع يتسع وستمدد مع مرور الزمن
mahdimubarak@gmail.com