صدور كتاب “التراث الشعبي في مدينة معان”
صدر، بدعم من وزارة الثقافة، كتاب بعنوان “التراث الشعبي في مدينة معان”، للإعلامي عبدالله آل الحصان، وجاء الكتاب في ستة عشر فصلا يتحدث فيها المؤلف عن ألوان التراث الشعبي المنتشرة في المحافظة والعوامل الثقافية والتاريخية التي أسهمت في تشكيله.
يقول آل الحصان، في مقدمته للكتاب، إنه تناول فيه جوانب متعددة من التراث الشعبي في مدينة معان، وهو جزء مهم لا يستهان به من التراث الشعبي الأردني بمكوناته الغنية، والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالهوية الوطنية من خلال تقديمه للأجيال المقبلة على نحو يليق به، وذلك بالاعتماد على العديد من المصادر والمراجع والدراسات المتخصصة والعمل الميداني الذي استمر لعشر سنوات من خلال جمع المعلومات التراثية، والمقابلات مع كبار السن حفظة هذا التراث من الجيل القديم الذي يعيش بين ظهرانينا، ثم العمل على تسجيل هذه المعلومات وفرزها وتبويبها، ثم مقارنتها بهذه المراجع لتعزيز الصحيح والتصويب الخاطئ منها، أو التوسع في مواقع عديدة لم تأخذ حقها بالتوثيق والمتابعة.
ويرى آل الحصان أن مدينة معان تتمتع بتراث شعبي مميز، تكون نتيجة ظروف حياة أهل معان الخاصة، من خلال عوامل أدت إلى تكوين هذا المجتمع نتيجة تجاربهم ورغباتهم وأحاسيسهم وتأثرهم في مختلف الميادين، ما جعل التراث الشعبي في معان إحدى أهم ركائز الهوية الشعبية الأردنية، لما يحمله من خصائص فريدة، حيث تحمل ملامح هذه الثقافة الشعبية الرموز المادية والمعنوية المعبرة عن الثراء الثقافي، وعن التعددية والانفتاح الثقافي، وبذلك تدل هذه الثقافة على ملامح الهوية ومكوناتها، فهي تعبر عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت تسود مدينة معان من أواخر العهد العثماني وحتى مطلع القرن العشرين.
ويوضح المؤلف أن عوامل عدة أسهمت في تكوين التراث الشعبي في مدينة معان، منها موقع معان الاستراتيجي الذي لعب دورا أساسيا في فترات زمنية مختلفة، ما أسهم في تصدير واستيراد ثقافات مختلفة انصهرت في ثقافة واحدة، كما أسهمت التركيبة السكانية في مجتمع مدينة معان في إنتاج ثقافة محلية انفردت بها نتيجة تنوع هذه التركيبة التي جاءت من مناطق متعددة، ما أدى إلى تنوع ثقافي أدى إلى بروز ثقافة مميزة ثم انصهارها في بوتقة ثقافة المدينة العامة.
وكانت مدينة معان حاضرة على طريق الحج الشامي، فيها تستريح قوافل الحج وتأخذ مؤونتها، وامتدادا لهذا الارتباط بقوافل الحج، كان أهل معان إذا نزل فيها الضيوف، ففي كل ليلة يذهب بها أحد من أهل معان إلى داره يكرمونهم ثم يعودون إلى الجامع فيبيتون في حجرة مخصصة لهم، فيقدمون لهم الطعام والكسوة خلال طريقهم إلى حج بيت الله الحرام، وهم أهل للكرم، يطعمون الطعام على الدوام، حيث يدخرون أفخر ما عندهم من الغنم أو السمن أو لبن الجميد إلى الضيف الذي عساه يأوي إلى بيوتهم طارقا من الليل أو النهار، والتي نتج عنها فكرة سبيل معان، فجاء التواصل بين أهل المدينة والنازلين فيها من قوافل الحج خلال استراحتهم لفترة من الزمن.
وكان سوق معان مركز نشاط تجاري وتنوع ثقافي من خلال بناء العلاقات التي نشأت جراء التبادل التجاري بين أهالي مدينة معان والتجار من خارج المدينة، وأدى ذلك إلى نشوء روابط المصاهرة والنسب ودمج عدد من الثقافات المختلفة وخلق ثقافة جديدة، وتأثير كل ثقافة على ثقافة الآخر، كما تعامل ابن معان في حياته على أساس تأمين احتياجاته وفق ما هو متوفر في بيته وتطويع تلك الموجودات في حياته اليومية بأبسط الطرق والأدوات.
المتغيرات وظروفها في التقليد والابتكار والانفراد في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نتيجة العوامل السابقة متفردة أو متعددة أو مجتمعة، وألقى المؤلف بظلاله بشكل واضح على نوعية التراث الشعبي الموجود في مدينة معان.
وخلص إلى أن الكتاب يعرض في صفحاته للقارئ مادة قريبة منه عايشها أو سمع عنها، حاول أن يكون عرضها بالطريقة المثلى للأجيال الشابة المتعطشة لمعرفة هذا التاريخ والتراث، ما يولد الشعور بالهوية والاستمرارية واحترام التنوع الثقافي والإبداع البشري.
ويذكر أن عبدالله آل الحصان، إعلامي وكاتب، وباحث في التراث الشعبي، وخطاط وفنان تشكيلي، ولد في معان، وعمل في الصحافة والإعلام مع قناة “رؤيا” الأردنية وموقع “المدينة نيوز” وجريدة “الدستور” الأردنية، وغيرها لأكثر من 12 عاما، ويعمل إعلامياً في كلية معان الجامعية التابعة لجامعة البلقاء التطبيقية، وصدر له “التراث الشعبي في مدينة معان”، “كيوبيد”، ومجموعة قصص.
عزيزة علي/ الغد
التعليقات مغلقة.