“تاريخ الإذاعة الأردنية”.. محطات وذكريات الرواد يخطها المحتسب
ضمن إصدارات مئوية الدولة الأردنية، صدر عن وزارة الثقافة كتاب بعنوان “تاريخ الإذاعة الأردنية”، من قسم الإذاعة والتلفزيون، كلية الآداب، جامعة اليرموك، إربد، لمحمد أنيس المحتسب.
وزير الثقافة السابق باسم الطويسي قال في مقدمة الكتاب: “هنا عمان والقدس، إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، على امتداد أكثر من سبعة عقود كان هذا الصوت شاهدا على نشأة الدولة الأردنية وتطورها، وشاهدا على أحوال المجتمع الأردني وتحولاته، روى الصوت أخبار الحروب والصراعات، وتابع التحديات والإنجازات، كان هذا الصوت شاهدا على قصتنا الكبيرة في التأسيس والبناء والازدهار”.
ويرى أن الإذاعة شكلت أداة تنموية وسياسية في يد الدولة الأردنية، وقدمت مساهمات على درجة كبير من الأهمية وذات قيمة عالية في لحظات سياسية تاريخية، وأثبتت أنها إحدى الأذرع القوية التي ساهمت في توحيد المجتمع الأردني وفي خلق ثقافة مجتمعية مشتركة، وفي تعبئة الجماهير تجاه الأهداف الوطنية في التنمية والتغير الاجتماعي والثقافي الإيجابيين وأداة أساسية لإنتاج القوة الداعمة للدولة الأردنية في مراحل صعبة.
ويشير إلى أن الإذاعة الأردنية كانت الحاضنة الأولى لنشأة الأغنية الأردنية والدراما الإذاعية، فقد كانت الإذاعة ورشة فنية مبكرة في جمع التراث الغنائي الشعبي الأردني وإعادة إنتاجه على شكل ألوان متعددة من الغناء الوطني والشعبي، حينذاك كانت الإذاعة مركزا للقاء القادة السياسيين وكبار الإعلاميين لصناعة المحتوى السياسي والمادة الغنائية على حد سواء، كما عملت الدراما الإذاعية على نقل التراث والمساهمة في توحيد المجتمع حول الأهداف الكبرى للدولة.
ويقول إن مؤلف كتاب “هنا عمان والقدس-إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، تاريخ وأعلام”، ينقلنا في رحلة مفعمة بالفائدة والمتعة في ذاكرة إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية منذ الإرهاصات الأولى؛ المتمثلة في إذاعة القدس وإذاعة رام الله مرورا بإذاعة جبل الحسين وصولا إلى الإذاعة الأردنية الكبرى التي انطلقت في الأول من آذار في العام 1959.
ويرى الطويسي أن اهم ما يميز هذا الكتاب أنه يبرز في ثلاثة محاور أساسية أولها “التأصيل التاريخي لنشأة الإذاعة الأردنية في محطاتها المبكرة الأولى، وينسحب هذا التأصيل على المراحل اللاحقة في تاريخ الإذاعة؛ أما المحور الثاني فيبدو في إعادة تعريف دور الإذاعة في النهضة الوطنية الأردنية في مجالات التنمية المتعددة، والمحور الثالث يتمثل في التوثيق للأعلام ممن ساهموا في مسيرة الإذاعة، ما يعكس روح الوفاء للإعلاميين الإذاعيين الذين تركوا بصمات واضحة في مسيرة الإذاعة الأردنية”.
مؤلف الكتاب محمد المحتسب يقول في مقدمته: إن “إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية من عمان والقدس” واكبت نمو وتطور المملكة منذ الأربعينيات من القرن الماضي، وكانت المعبر عن طموحات وتطلعات هذا الشعب، وحرصت أن تخاطب الجميع بالمنطق والصدق والموضوعية عبر اشكال وقوالب البرامج المختلفة الإخبارية والتنموية والثقافية والدرامية، وعبر الأغنية الوطنية واللحن التراثي الجميل، وقد واكبت الإذاعة الأردنية الوطن بأفراحه وأتراحه.
ويشير إلى أن الإذاعة الأردنية منذ انطلاقتها مارست مهامها ومسؤولياتها، وكانت بحق مدرسة إعلامية متميزة ليس على المستوى المحلي فقط، بل تعدى ذلك على المستوى العربي والدولي، مبينا أن هذا الكتاب يسلط الضوء على الدور الكبير الذي لعبته الإذاعة عبر طواقمها الإدارية والإعلامية والفنية في تأسيس وإدارة وتشغيل العديد من الإذاعات العربية والدولية، لافتا الى أن الإذاعة الأردنية هي عضو مؤسس في اتحاد الدول العربية وعضو عامل في اتحاد الإذاعات الأوروبية.
وينوه المحتسب إلى تاريخ انطلاقة الإذاعة فيقول “البداية من إذاعة القدس، لأنها كانت بداية المشوار في العمل الإذاعي تاريخيا ورجالات حملوا شعلة العمل في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، واستمروا جيلا وراء جيل من موقع إلى موقع، بدءا من القدس ومرورا برام الله، ومن ثم جبل الحسين في عمان، وختاما في الإذاعة الأم والمدرسة الإعلامية المتميزة في منطقة أم الحيران في عمان”.
ويشير المؤلف إلى ان كتابه يتكون من ستة فصول، يقدم الفصل الأول مختصرا لنشأة الإذاعة وبداية ظهورها في العالم، ومن ثم في الوطن العربي، بينما يتحدث الفصل الثاني عن إذاعة “هنا القدس”، في العام 1936، والأجواء التي أحاطت بتأسيسها، ودور العاملين فيها لتكون منبرا إعلاميا يدافع عن القضية الفلسطينية في وجه الانتداب البريطاني والهجمة الصهيونية، ودور الرواد الأوائل في انتقال الإذاعة من القدس إلى رام الله بمعونة قوات الجيش العربي الأردني بعد نكبة عام 1948، ويتحدث أيضا عن التاريخ الحقيقي لنشأة الإعلام الأردني المسموع وذلك بانطلاق إذاعة القدس من رام الله بعد وحدة الضفتين في العام 1950، تحت شعار “إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية من القدس”.
ويتناول الفصل الثالث رغبة القيادة الأردنية في أن يكون للأردن وفي العاصمة عمان إذاعة أخرى إلى جانب إذاعة القدس، فكانت إذاعة جبل الحسين المؤقتة في العام 1956 ، فيما يتحدث الفصل الرابع عن نشأة الإذاعة الأم في منطقة أم الحيران في العام 1959، ودورها في خدمة الدولة والمجتمع، والمديريات التابعة لها، ومواكبتها للتطور التكنولوجي ومستجدات الإعلام المسموع عالميا، ودور المكتبة الثقافية في خدمة المديريات الإذاعية كافة.
ويستعرض الفصل الخامس ذكريات عدد من رواد العمل الإذاعي الذين مارسوا العمل إدارة وتنفيذا، وما مر بهم من ظروف وأحداث على امتداد سنوات عملهم في الإذاعة الأردنية، وهي في الواقع ذكريات تحمل الكثير من التفاصيل التي لا يمكن تجاهلها ونحن نؤرخ للإذاعة الأردنية، بينما يختم الفصل الأخير من الكتاب فصل الملاحق الذي يضم الحديث عن إلغاء وزارة الإعلام، واستحداث حقيبة وزارة الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، ثم عملية دمج الإذاعة والتلفزيون في مؤسسة واحدة تحت مسمى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وهيئة الإعلام المرئي والمسموع، ونبذة عن سيرة من تسلموا إدارة الإذاعة منذ تأسيسها حتى اليوم.
عزيزة علي/ الغد
التعليقات مغلقة.